الإعلام الغربي شريك الإرهاب في سوريا عبر حرب الدعاية الإعلامية؟!
يحاول الغرب دوماً تقديم نفسه وكأنه مرجع الديمقراطية نظرياً وعملياً. فلا يكاد أغلب أهل السياسة في الغرب ينتهون من تصريحاتهم الرنَّانة المُنادية بالديمقراطية، حتى يخرج الإعلام ليُروّج للحقائق بطريقة مُزيفة وتحت عنوان الديمقراطية. كلُّ ذلك، يمكن أن نراه من خلال لِحاظنا للسلوك الإعلامي الغربي في تقديمه لأحداث الأزمة السورية تحديداً. وهو ما يبدو واضحاً اليوم، من خلال تعاطيه مع انتصار الجيش السوري في حلب، وتقديمه لموضوع سقوط تدمر. فكيف يمكن تبيين تناقض الإعلام الغربي من خلال نموذجي انتصار حلب وسقوط تدمر؟ وما هي دلالات ذلك؟ وكيف فضح الإعلام الغربي نفسه وكان شريك الإرهاب في حرب الدعاية له؟
التناقض لدى الإعلام الغربي في تقديم الأزمة السورية: نموذج حلب وتدمر
كان واضحاً ومنذ اندلاع الأزمة في سوريا، وجود تناقضٍ لدى الإعلام الغربي في تعاطيه وتقديمه لمجريات الأزمة. فيما بدا واضحاً وبشكلٍ كبير حجم هذا النفاق الإعلامي، من خلال التعاطي الغربي مع كلٍ من نموذجي حلب وتدمر. وهنا نُشير للتالي:
التقديم الغربي لإنتصار الجيش السوري في حلب
من دون الإشارة الى الأبواق الإعلامية الغربية بالأسماء، نتحدث عن المضمون الجامع لها، والذي يمكن طرحه وتحليله كالتالي:
أولاً: منذ بداية معركة حلب، بدأ ترويج الإعلام الغربي لما يُسمى “قمع الثورة في حلب”. وهو ما جعل الميدان الحلبي، ساحة استثمارٍ بشع للإعلام الغربي، في تضليل وتزييف الحقائق لا سيما من خلال الترويج لعناوين “الأسد يقتل شعبه … النظام يقمع الحريات…” الى جانب العديد من العبارات التي كان يستنسخها عن الإعلام الغربي بعض الإعلام العربي المُتواطئ. كلُّ ذلك، خدمةً للبراغماتية الأمريكية والغربية، في التعاطي مع قضايا وشؤون منطقة الشرق الأوسط بالتحديد. وهو الأمر الذي أثَّر مراراً على مشاعر الشعب السوري التي باتت تُطرح في الإعلام الغربي وكأنها سلعة تجارية. فيما كان يتمُّ تقديم الأوضاع الإنسانية في حلب، وكأن المنطقة باتت بحكم المنكوبة، وهو ما تمت مواجهته بالعديد من البيانات والتصريحات التوضيحية من قِبَل الإعلام السوري والخارجية السورية.
ثانياً: خلال سير المعارك، كان الغرب يتكتَّم على الإنجازات الكبيرة التي يُحققها الجيش السوري. بل كان يُضخِّم أي تقدمٍ كان يحصل للمسلحين. وهو الأمر الذي يمكننا اليوم الحديث عنه، لسبب أن معركة حلب انتهت، وانتصر الجيش السوري. فهل يمكن للإعلام الغربي أن يُرينا إنجازات الجماعات الإرهابية الميدانية التي كان يُروِّج لها في حلب؟
ثالثاً: بعد انتصار الجيش السوري، لم تخجل بعض القنوات الإعلامية الغربية وملحقاتها العربية، من الحديث عن انتكاسة الجيش السوري في حلب وانتقاله لمعارك في الجنوب السوري! ليكون الرأي العام الغربي أمام كذبٍ واضح من قِبَل الإعلام الغربي، يتعدى في وصفه التزييف أو النفاق الإعلامي. وبعد أن رضخ العالم للحقيقة، وزال غُبار الحرب عن حلب، وبات الإنتصار المُشرِّف للجيش السوري عنوان الصحف العالمية ومنها الغربية، انتقلت وسائل الإعلام هذه، للحديث عن إخماد النظام السوري لـ “الثورة”!
سقوط تدمر وتعاطي الإعلامي الغربي
فيما يخص سقوط تدمر، نقول أنه كان واضحاً إحتفال وسائل الإعلام الغربية بسقوط تدمر، ومحاولتهم استثمارها للتغطية على انتصار حلب. في حين تساءل الرأي العام العربي والعالمي حول الهدف من هذه السياسية الإعلامية، حيث أن تدمر سقطت بيد تنظيم داعش الإرهابي. ليتوجه الرأي العام بأسئلته: ألم يكن هذا التنظيم نفسه مصدر تهديد الدول الغربية؟ أوليس هذا التنظيم هو نفسه الهدف من تشكيل التحالف الغربي للحرب على الإرهاب؟ أوليست تدمر جزءاً من الأرض السورية وحقاً للشعب السوري؟ ولماذا هذا التناقض الواضح؟
تحليل ودلالات: الإعلام الغربي نموذجٌ اللاموضوعية!
عدة مسائل لا بد من الإشارة لها نعرضها في التالي:
أولاً: أثبت الإعلام الغربي أنه إعلام مُسيَّس، ويختزن حقداً كبيراً على شعوب منطقتنا العربية والإسلامية. هذا عدا عن استغلاله لمشاعر شعوبنا المُشرِّفة، وجعلها مادة للإعلام خدمة لأهداف سياسية رخيصة.
ثانياً: أكد الإعلام الغربي أنه يعيش تناقضاً واضحاً. بل هو يُعبِّر وبوضوح عن تناقض السياسة الغربية. ففي الوقت الذي ينتصر الجيش السوري في حلب، يروّج الإعلام لأكاذيب وفبركاتٍ حول ذلك. فيما نجد المسؤولين الغربيين يُسارعون في الإحتشاد لحجز مقعدٍ لهم للقاء المسؤوليين السوريين!
ثالثاً: أثبت الإعلام الغربي أنه يفتقد للمسؤولية والمهنية في التعاطي مع الأحداث التي تخص الشرق الأوسط تحديداً والعالم بشكل عام. حيث ينتهج هذا الإعلام وسائل رخيصة لتحقيق أهداف ظرفية، بعيدة عن الواقع. وهو ما يطرح تساؤلات حول إمكانية اعتباره مصدراً للصحافة والوسط الإعلامي.
رابعاً: لا بد من التنويه، بأن لدى الإعلام الغربي خصوصاً الصحافة المكتوبة، كُتاباً موضوعيين. وهو ما يجب أن نُشير له، خصوصاً أن عدداً من الكُتاب والمحللين الغربيين يتناول موضوعات منطقة الشرق الأوسط بمهنية. فيما قصدنا من خلال هذا المقال استهداف التوجه والسلوك الإعلامي الغربي عموماً.
الإعلام الغربي يفضح نفسه!
كما أشرنا، يوضح الإعلام الغربي حجم تناقضه، حيث أن العديد من المقالات الغربية أكدت كذب الإعلام الغربي فيما يخص الأزمة السورية. وهنا ولمن يُريد التحقيق، نطرح أمثلة يمكن العودة لها للإستدلال على كذب الإعلام الغربي:
-الغارديان بتاريخ 8 تشرين الأول المنصرم، تحت عنوان: “أطباء حلب يفضحون كذب الإعلام الغربي”، (Syria: Doctors in Aleppo refute Western media lies).
-موقع “غلوبال ريسيرش” بتاريخ 5 تشرين الأول الماضي، “حرب الدعاية: تدمير سوريا من خلال أكاذيب وسائل الإعلام الغربية” ، (War Propaganda: Syria’s Destruction by the Lies of the Western Media.)
-موقع “بوسطن غلوب” بتاريخ 8 شباط 2016، وفي مقال يتحدث حول الحقبة المُعيبة في تاريخ الصحافة الأمريكية، يفضح الكاتب تقديم الصحافة الغربية لشأن السوري. والمقال تحت عنوان: “وسائل الإعلام تُضلِّل الرأي العام في سوريا” ، (The media are misleading the public on Syria).
إذن يبدو واضحاً حجم خداع الإعلام الغربي للرأي العام لا سيما الغربي منه. فالشعوب العربية باتت تُدرك حجم الحرب التي تُخاض ضده. فالحرب لم تكن فقط عسكرية بل إعلامية. ولم يكن الإرهابيون تنظيماتٍ مسلحة، بل هناك مؤسساتٌ إعلامية عالمية تشاركهم الإرهاب. هي أبواقٌ أثبتت أنها شريكة الإرهاب في حرب الدعاية الإعلامية!
المصدر / الوقت