التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

تحریر حلب من الارهابیین؛ النتائج و التداعیات 

كسرت حلب قيدها بعد 53 شهرا من سقوطها في براثن الارهاب، فقدمت آلاف الشهداء حتى اجبرت الارهابيين على مغادرة المدينة مجرجرين أذيال الهزيمة وترتب على تحرير حلب الكثير من النتائج التي ستغير مسار الحرب. وفيما يلي سنتطرق الى نتائج تحرير حلب من براثن الارهاب وما حصلت عليه دمشق مع عودة حلب الى أحضان الوطن:

1. بتحرير حلب يزول احتمال وشرط انشاء الجماعات الارهابية كيان موازٍ للحكومة السورية، حيث إن مثل هذه الخطوة لا تتحقق إلا بامتلاك الارهابيين مدينة ذات كثافة سكانية عالية ومهمة من ناحية الموقع الجغرافي والعسكري بالإضافة الى الموقع السياسي. إن حلب كانت الخيار الأفضل للاعبين الاقليميين والعالميين في ظل التطورات التغييرات التي شهدتها الخارطة السورية خلال العامية الماضيين، كان والهدف من ذلك تقسيم سوريا بغض النظر عن اعلان هؤلاء اللاعبين للهدف او اخفائه.

2. كانت حلب اداة سياسية بأيدي المسلحين، وعبر حلب كانوا يلوحون بموضوع التقسيم خلال المفاوضات السياسية وما يُعرف بالحل السياسي. وحاليا بعد خسارة حلب، فقد المسلحون هذه الاداة وامكانية الضغط الميدانية في المشهد العسكري، ولم يعد للارهابيين مال يستخدمونه للتشكيك بصلاحيات الرئيس السوري.

3. لا يوجد أدنى شك في أن دور البلدان العربية المطلة على الخليج الفارسي وتأثيرها في الأزمة السورية كان قد تراجع حتى قبل عمليات حلب الكبرى وانحسر ليقتصر على الدعاية (ضد النظام السوري) وتحريض الرأي العام، ولكن عمليات تحرير حلب أثبتت انحسار تأثير تركيا أيضا. ان استعادة الجيش السوري لمدينة حلب كشف أن تأثير تركيا أقل مما كان يجري الحديث عنه قبل انطلاق عمليات التحرير على الرغم من الوجود العسكري التركي المباشر في شمال سوريا، وهذا بدوره يعد دليلا وتأكيدا على انتهاء التأثير على المعادلات الاقليمية عبر تركيا، فعلى الرغم من التاثير السلبي الكبير لتركيا على مشاريع سوريا ومخططاتها خلال تحرير حلب، إلا أن تركيا في النهاية ولم تبد رد فعل تستطيع التأثير بصورة مباشرة أو غير مباشرة على عمليات استعادة السيطرة على المدينة.

4. في ظل هذه الاحداث، وما تعرض له تنظيم داعش من ضربات قاصمة خلال الفترة الماضية، والتي وصفت بأنها قد حدت من قدرة داعش على التحرك في المشهد الميداني بشمال سوريا، استعاد التنظيم تأثيره في المشهد السوري وانتقل من حالة الدفاع الى حالة الهجوم كما شهدنا في مدينة تدمر والمناطق المحيطة بها، وهذا لم يكن محض صدفة في ساحة الحرب التي لا وجود للصدف فيها. وعلى الأرجح، كان ما قام به داعش استجابة لدعوات القوى الاقليمية والدولية المعادية للنظام السوري في اطار الخدمات المتبادلة بين الطرفين، بعبارة أخرى هذا يعني احياء دور داعش في الساحة السورية، ويعني أن داعش ستعمل في الساحة السورية على أنها قوة موحدة وداعمة للمجاميع المسلحة في سوريا، في حين أن هذه القوى تبدو وكأنها على وشك الاستسلام.

5. من الناحية الاستراتيجية وعلى المستوى العالمي تعتبر استعادة حلب منحنى كبير في الحرب السورية الطويلة؛ لا يقل أهمية عن ازمة الأسلحة الكيمائية الذي اظهرت فيه أمريكا عجزها حيث تراجعت عن الجهود التي كانت تبذلها قبل استعادة حلب باتباع سياسية التهديد بالتدخل العسكري المباشر، حيث أنها دفعت واشنطن الى حافة المواجهة مع الحكومة السورية و روسيا وحلفائهما، بسبب التهديد الذي أصدرته سوريا و روسيا وحلفاؤهما.

6. الحكومة السورية استعادة حلب فيما اكتفت الجهات الخارجية بالصراخ والضجيج والنواح، مما أثبت مرة أخرى أن مكانة سوريا وسيادة حكومتها لم تعد كما كانت في السابق. إن الخطط التي يضعها الأعداء او الخطط التي قد توضع في المستقبل من أجل مواجهة هذا الانتصار الكبير لن تهدد النظام السوري كما كانت تفعل قبل عامين.

7. من الجدير بالذكر أن الجيش السوري وحلفاءه أعلنوا عزمهم على تحرير حلب واستعادتها، ومن ثم نفذوا ما أعلنوا عنه، مما يثبت أن امتلاك القدرات والامكانيات لا يكفي بمفرده لتغيير المعادلات أو تحقيق نتيجة معينة، إلا إذا ترافق ذلك مع الارادة و العزم على استخدام هذه القدرات، وفي هذا الصدد على الرغم من أن الاطراف الأخرى تملك قوة اكبر وقدرة عسكرية أعظم كانت لتمكنها من تحقيق هذا الانجاز، إلا أنها لم تفعل. فقد لجمت أنقرة هجومها واضطرت الى التنازل عن حلب تاركة إياها بمفردها. ولولا أهمية اتخاذ القرار باستعداة حلب وتنفيذه، لما استطاع ذلك أن يعكس مدى التراجع الأمريكي الكبير في هذا الصدد.

في النهاية تجدر الاشارة الى أن ما حصل في حلب واحتلال هذه المدينة من قبل جيش العصابات الدولية والارهاب التكفيري المدعوم مباشرة من أبواق الحرب على الارهاب، وبصورة خاصة تنظيم القاعدة، كشف أن الازدواجية لا تزال السياسة الرئيسية في العالم ولا تزال صاحبة الكلمة الأخيرة. وإن ما تقوله وسائل اعلام البلدان التي تدعي الديمقراطية، و الدفاع عن حقوق الإنسان وما إلى ذلك من الكلام المنمق، تقف وراءه مافيات أسلحة كبيرة. إن مصير الملف السوري وما سيؤول إليه أمر له تداعياته، ولكن الملاحظة المهمة التي أثبتت خلال هذه الأشهرالـ53 هي أن الشعب السوري يريد أن يفرض ارادته على الأعداء، وقد أثبت ذلك عبر تقديمه آلاف الشهداء والجرحى والمشردين.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق