الأخوّة المصرية السعودية في خبر كان؛ والإعلام حانق
يبدو أن التوتر بين مصر والسعودية المستمر منذ فترة لن يقتصر على التصريح والتصريح المضاد أو الإجراء والآخر المضاد بعد اليوم بل إن تجلّيات هذا التوتر بدأت تتسع لتشمل الشارع المصري لا بل إنها بدأت تدخل نوادي النخب من مفكرين وسياسيين وإعلاميين رافضين لما يحصل.
الطموح السعودي أودى بالأخوة مع مصر
شهدت الفترة الأخيرة توتراً غير مسبوق في العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية لم نشهده منذ أيام جمال عبدالناصر إبان حرب اليمن وتلك الحقبة التاريخية المعروفة، إلا أن هذا التوتر المستجد لا يشبه سابقاته من حيث الشكل والأسباب والمضمون وطبعاً الوضع العام في الإقليم والعالم العربي على وجه الخصوص.
فبعد تصدي السعودية لإعتلاء عرش القيادة العربية والمساعي الطموحة لولي ولي العهد السعودي دخلت السعودية مرحلة جديدة في علاقاتها الدولية ومعالجتها للملفات عامة والإقليمية منها خاصة، فاتخذت طرفاً دون غيره في كل صراعات المنطقة وأيدته على باقي الأطراف، خلافاً للتعامل السائد بأن القيادة العربية يجب أن تكون محايدة وحكيمة في إدارة الصراعات والتعامل معها، وهو الدور الذي لطالما لعبته مصر وكانت الرائدة فيه.
وبما أن لمصر دورها المعهود جاءت لتأخذ مكاناً في الضفة الأخرى مقابل المملكة فيما تجده صلاحاً للأمة العربية والمنطقة، فكان العقاب السعودي لمصر بقطع المساعدات النفطية عنها بوقف شركة أرامكو السعودية إمدادات البترول إلى مصر، ومن قبلها مهاجمتها عبر تصاريح دبلوماسية حقّرت مصر وأهانت شأنها والكثير من الشخصيات الكبيرة فيها من الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى شيخ الأزهر وغيرهم، وتأزم الوضع مع إنعقاد مؤتمر غروزني الذي بسبب تجاهله للوهابية دفعت السعودية بكل طاقتها وإعلامها لمهاجمة مصر، ومؤخراً في آخر فصول هذا التوتر وبعد إعلان الرئيس السيسي حرصه على الحل السياسي في دول الأزمة العربية كسوريا وليبيا والعراق وحرصه على دعم الجيوش الرسمية وتحذيره من تفككها وحلول الإرهاب مكانها جنّ جنون السعودية فهاجمت مصر مجدداً واتخذ الملك السعودي قراراً بقطع المساعدات نهائياً عن مصر وبدأ الحديث عن تقارب خليجي مع إثيوبيا وإشارات حول دعمهم لبناء سد النهضة الذي يمثل مقتلاً لمصر وللنيل. ومن قبلها تم مهاجمة مصر في القمة الخليجية الأخيرة تضامناً مع قطر المتهمة بتفجير الكنيسة في القاهرة كما صرح الطرف المصري، فماذا في جعبة مصر وما رأي النخب والإعلام المصري بما يجري؟
الإعلام المصري حانق على المملكة
لا يبدو أن الشارع المصري راضٍ عن الإقدامات السعودية اتجاه مصر، لا بل غير راضٍ ربما عن التهاون المصري اتجاه هذه الهجمة الخليجية والسعودية على بلدهم، لذا ارتأى الصوت المصري أن يخرج ليرد لمصر بعض المكانة التي تحاول السعودية إهدارها نهائياً.
فهاجمت الصحف المصرية السعودية في مناسبات عدة منذ قضية تيران وصنافير إلى أرامكو فقطع المساعدات نهائياً وغيرها الكثير، فيما يلي بعض العناوين والآراء التي تعكس حالة الشارع المصري ومدى تصاعد حدة الموقف من السعودية.
“أرامكو باعت مصر”، “جلالة الخائن”، “السعودية لا تطيق موقفا مستقلاً لمصر”، عناوين عنونت بها الصحف المصرية رداً على الخطوات السعودية اتجاه مصر بسبب رفضها لمواقفها المستقلة والسيادية بحسب تعبيرهم، هذا فضلاً عن الإتجاه الإعلامي الذي يدعو مصر للجوء إلى تطبيع العلاقات مع إيران وفتح باب التواصل من جديد بإعتبار أنها تحترم حلفائها ولا تتسرع في إتخاذ المواقف على أساس إلغائي من ناحية ولأجل تعويض الخسائر الإقتصادية بفتح باب تجاري جديد من ناحية أخرى بحسب ما جاء في مقال أحد الصحفيين في موقع اليوم السابع المصري المعروف.
هذا ودفع البعض في تحليلاتهم إلى دعوة مصر للرد على الخطوات السعودية الجريئة اتجاه مصر بإتخاذ خطوات مضادة بفتح الباب أمام حل دبلوماسي في اليمن وبدء الحوار مع الأطراف اليمنية وهذا ما لا تريده السعودية، فضلاً عن دعم الجيشين السوري والليبي وإنهاء الحروب والإقتتال في هذه الدول لما في ذلك من تعارض مع المصالح السعودية بحسب محللين.
يبقى الأهم من كل هذا هو إنتظار الخيارات المصرية للرد على التمادي السعودي على مصر وما ستؤول إليه العلاقات الثنائية بين البلدين مستقبلاً، يسأل مراقبون.
محمد حسن قاسم