التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

آفاق التعاون بين طهران وموسكو وأنقرة تضع تركيا أمام مفترق طرق 

بعد المحادثات الثلاثية التي أجرتها إيران وروسيا وتركيا في موسكو بشأن الأزمة السورية والتي تزامنت مع حادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة على يد عنصر أمني تركي، بدأت تثار التساؤلات حول موقف تركيا القادم من الأزمة السورية في ظل الانتصارات التي حققتها سوريا وحلفاؤها (إيران وروسيا ومحور المقاومة) على الجماعات الإرهابية لاسيّما في مدينة حلب.

وعلى الرغم من أن الكثير من المراقبين يعتقدون بأن التعاون بين تركيا وروسيا وإيران لا يصل إلى حد تشكيل تحالف استراتيجي كما هو الحال بين إيران وروسيا لمواجهة التطورات المتسارعة في الأزمة السورية، إلاّ أنهم يعتقدون في الوقت نفسه بأن موقف تركيا قد تغير كثيراً إزاء هذه الأزمة خصوصاً بعد التقارب الذي حصل بينها وبين روسيا في الآونة الأخيرة والذي أعقب الاعتذار الذي قدمه الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” عن إسقاط طائرة السوخوي الروسية قبل أكثر من عام.

وكانت المحادثات الأخيرة بين إيران وروسيا وتركيا في موسكو تهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف هي: متابعة الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل الأزمة السورية، والتوصل إلى هدنة ثابتة في سوريا لإتاحة الفرصة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من النزاع لاسيّما في حلب، ومواصلة استهداف الجماعات الإرهابية داخل الأراضي السورية.

ويرى المراقبون بأن تركيا بدأت تدرك تماماً حجم التهديدات الأمنية التي تستهدفها والتي زادت وتيرتها في الأشهر الأخيرة وراح ضحيتها الكثير من مواطنيها بين قتيل وجريح، ولهذا أخذت تتقرب إلى إيران وروسيا، خصوصاً بعد أن تيقنت أنقرة بأن إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة بات أمراً بعيد المنال بفضل الانتصارات التي حققتها القوات السورية والحليفة لها على الجماعات الإرهابية لاسيّما في حلب، بالإضافة إلى أن أنقرة أخذت ومنذ مدّة تركز جهودها العسكرية على منع أكراد سوريا من تشكيل منطقة حكم ذاتي في شمال هذا البلد للحيلولة دون قيام منطقة مماثلة في مناطق جنوب وجنوب شرق تركيا على غرار إقليم كردستان العراق.

وأعرب بعض المراقبين عن خشيتهم من أن تتعرض تركيا إلى ضغوط غربية لاسيّما من قبل أمريكا لإرغامها على الابتعاد عن إيران وروسيا، الأمر الذي من شأنه أن يعيد أنقرة إلى دائرة التحالفات التي تقودها واشنطن بالتنسيق مع بعض الدول الإقليمية وفي مقدمتها السعودية وقطر والتي تسعى إلى مواصلة دعم الجماعات المسلحة المعارضة لحكومة بشار الأسد رغم الهزائم المتكررة التي منيت بها هذه الجماعات والتي كان آخرها في حلب.

وبسبب هذه الخشية يرى الكثير من المحللين بأن التعاون التركي الروسي الإيراني لا يرقى إلى مستوى تشكيل تحالف أمني استراتيجي من شأنه أن يسهم في وضع حد للأزمة السورية أو الأزمات الأخرى في المنطقة، خصوصاً وأن أنقرة لم تحسم أمرها بشأن الابتعاد عن المحور الغربي الذي يسعى هو أيضاً إلى تحقيق أهدافه في سوريا من خلال دعم ما تسميه واشنطن “المعارضة المعتدلة” في هذا البلد.

وما يعزز هذا الاعتقاد هو السياسة التي يمكن أن يتخذها الرئيس الأمريكي القادم “دونالد ترامب” حيال الأزمة السورية، حيث أعلن خلال حملته الانتخابية بأنه سيركز على هزيمة تنظيم “داعش”، الأمر الذي سيقوي من موقف روسيا في محاربة الإرهاب، وبالتالي فإن أنقرة باتت أمام مفترق طرق؛ إمّا المضي بالتعاون مع طهران وموسكو في هذا المجال أو البقاء مع المحور السعودي – القطري الذي ذهبت جميع مساعيه لإسقاط الأسد أدراج الرياح رغم الدعم الكبير الذي قدمه للجماعات الإرهابية من أجل تحقيق هذا الهدف طيلة السنوات الماضية من عمر الأزمة السورية.

أخيراً يجب القول بأنه ونظراً لعلاقات تركيا العسكرية مع الغرب والتي يتوقع أن تستمر على الرغم من التوترات الحالية، ونظراً للتطورات الميدانية المتسارعة في سوريا ينبغي على أنقرة أن تخطو بحذر كي تتجنب إعطاء انطباع بأنها تعيد ترتيب سياستها الخارجية بطريقة تلحق الضرر بدول أخرى سيّما وأنّ روسيا لا يمكنها أن تتحمل المواقف المتذبذبة لأردوغان خصوصاً بعد حادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة قبل عدّة أيام.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق