المنتصرون والخاسرون في الحروب بالوكالة في سوريا والعراق (الجزء الأول)
دخل مصطلح “الحرب بالوكالة” القاموس العسكري والإستراتيجي في فترة الحرب الباردة وهي حرب بين طرفين أو أكثر يتم تقديم الدعم والمعونة الى أحد اطرافها من قبل رعاة وحماة أجانب بغية تحقيق مصالح هؤلاء الرعاة والحماة الاجانب.
وعندما بدأت الصحوة الإسلامية في المنطقة العربية انطلاقا من تونس في عام 2010 قرر الغرب اتخاذ سياسة واستراتيجية إستباقية لمنع بلورة الحضارة الاسلامية الجديدة وبادر الغرب الى التخطيط لحروب داخلية في البلدان الاسلامية كما ان الظروف الداخلية الأمريكية واتساع قدرة ونفوذ الجمهورية الاسلامية الايرانية لم يسمحا لأمريكا بالتدخل العسكري المباشر في منطقة غرب آسيا ولذلك عمدت امريكا ومعها العالم الغربي الى اشعال حرب بين اطراف الحضارة الاسلامية بدلا من الحرب بين الحضارتين الاسلامية والغربية.
وهكذا تم التخطيط للحروب بالوكالة التي ارتكزت على ركيزتين أساسيتين أولهما الجماعات التكفيرية الجاهلة والخبيثة وأهمها داعش، وثانيهما دول المنطقة ومنها السعودية، ومن ثم بادر البيت الأبيض والبنتاغون الى تقديم الدعم السياسي والاستخباري والتسليحي والتدريبي والاستشاري الى الجماعات التكفيرية والمسلحة من جهة وتشجيع السعودية وتركيا وقطر من جهة اخرى على اشعال الحروب بالوكالة في العمق الاستراتيجي لايران أي اشعال الحروب في سوريا واليمن والعراق و ارتكاب الجرائم في البحرين وجرّ الاضطرابات نحو حدود ايران، وهذه كلها حروب بالوكالة في هذه المنطقة تهدف الى احتواء خطاب المقاومة والقضاء عليه وإضعاف قدرات ايران.
وفي مؤتمر هرتسيليا في عام 2014 تقرر بأن تكون الإستراتيجية الرئيسية لأمريكا والكيان الاسرائيلي هي نقل المعركة الى داخل بلاد “العدو” والإختفاء خلف النزاعات الداخلية في الدول والجماعات الإسلامية بمعنى ان يتم استخدام أرواح وأموال المسلمين للقضاء عليهم أنفسهم.
كما اعتبر وزير الحرب الاسرائيلي السابق موشيه يعلون بصراحة ان وجود الجماعات الارهابية التكفيرية في المنطقة سببا لتعزيز هامش الأمن الإسرائيلي، قائلا “ان وجود الجماعات الارهابية يعني نسيان القضية الفلسطينية ونزاع المسلمين فيما بينهم”.
وهكذا يمكن القول ان رعاة وحماة الحروب بالوكالة في هذه المنطقة هم أمريكا والكيان الإسرائيلي والدول العربية مثل السعودية وقطر وكذلك تركيا، وهذا المحور الذي يعرف باسم المحور الغربي – العبري – العربي يقف في وجه محور المقاومة الذي تقوده ايران والذي يضم ايضا دولا مثل العراق وسوريا وحركات التحرر مثل حزب الله، والان تجري هناك مواجهات عديدة بين محوري المقاومة والهيمنة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والايديولوجية وان هذه المواجهات ستستمر مستقبلا.
والان وبعد توضيح الصورة يمكننا الإجابة لماذا أصبحت دولا مثل سوريا والعراق هدفا لهجمات الجماعات الارهابية التكفيرية؟ ومن هم الجماعات التي كانت طرفا في هذه الحروب بالوكالة ومن هم المنتصرون والخاسرون فيها؟
الجماعات التكفيرية .. أفضل لاعبي الحروب بالوكالة
تتبنى الجماعات التكفيرية عقيدة وايديولوجية متطرفة نابعة من أفكار ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب والمنظرين الصهيوامريكيين، وهذه الجماعات تدخل الان حربا مع الحكومات الحليفة لمحور المقاومة، ان هذه الجماعات وحسب نظرية “العدو القريب والعدو البعيد” التي اطلقها ايمن الظواهري تبادر الان الى ارتكاب المجازر وتدمير البنى التحتية لدول المنطقة.
ويقول المساعد السابق لرئيس جهاز السي اي ايه “مايكل برانت” : اننا بدلا من سياسة فرّق تسد البريطانية نتبع سياسة فرّق ودمّر، ولذلك اعددنا برامج واسعة لسياساتنا طويلة الأمد مثل دعم الاشخاص الذين يختلفون مع الشيعة (التكفيريين) والترويج لتكفير الشيعة حتى يقوم اتباع باقي المذاهب باعلان الجهاد ضدهم.
انتهاء الجزء الاول
المصدر / الوقت