التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

علاء شاكر يعيد الحياة لمقبرة الإنكليز في البصرة 

البصرة ـ ثقافة ـ الرأي ـ

حاول القاص والروائي البصري علاء شاكر أن يبتكر عالماً جديدا من خلال مزاوجته بين الواقعي والمتخيل في روايته الجديدة “مقبرة الإنكليز” الصادرة عن دار ومكتبة عدنان في بغداد. شاكر اشتغل في روايته على أهم فترة في حياة العراق، وهي ما بين عامي 2004 و2006، في خضم الأحداث التي قاربت على الحرب الأهلية، ملخصاً أحداث القتل المروعة لتدور أحداث الرواية حول شاب مغدور يحب فتاة تعمل مترجمة وتتطوع للعمل مع صحفي أجنبي يزور البصرة من أجل إنجاز كتاب عن المدينة وما تعرضت له من قبل الجماعات الخارجة على القانون. ثلاثة أشخاص كانوا أبطال الرواية، لكن شاكر ينهي عمله بنهوض الموتى ليقتصوا من قاتليهم بما يشبه التظاهرة على الصمت أمام ما يحصل، في سعيه لتلخيص مرحلة بشعة حصلت في العراق.

 

أكثر من عنوان

 

لم يكن “مقبرة الإنكليز” العنوان الأول للرواية بحسب قول شاكر، فـ”عندما شرعت بكتابة فصولها الاولى، كان العنوان “سرير على حافة قبر” وخلال كتابة الرواية، تغير عنوانها إلى أسماء أخرى، ولكنه استقر أخيراً على عنوانها الحالي “مقبرة الإنكليز” باعتباره المكان الذي تبدأ وتنتهي به الأحداث. وهو مكان له أكثر من علاقة بمضمون النص، منها علاقة فنية وأخرى واقعية”.

 

ويضيف شاكر أن العلاقة الفنية تتمثل بالشاب الذي يتم غدره في ليلة متأخرة في مقبرة الإنكليز، والغرفة التي تسكن فيها البطلة تطل على المقبرة، وكذلك هانس، الإنكليزي الذي يأتي إلى البصرة، وهو كاتب وصحفي يتعرض للاختطاف ويغدر به مع البطلة مترجمته في نفس المكان. هذا من جانب فني،

 

أما الواقعي فبعد أن “أكملت الرواية عرفت بالصدفة أن حوادث القتل التي حصلت في تلك الفترة كانت الجثث ترمى في مقبرة الانكليز”.

 

البصرة التي دخلها الإنكليز وكانت لهم فيها أكبر مقبرة عرفتها المنطقة، كانت المسرح الرئيس لرواية شاكر، فضلاً عن أعمال شعرية وسردية أخرى استلهم البصريون هذا المكان لتكون فضاء مغايراً يمكن أن يتشكل بعيداً عن واقع المدينة الذي يتغير مع كل عقد من الزمن، لكن هذه المقبرة حافظت على كيانها على الرغم من العوامل الطبيعية التي أسهمت في تغير بنيتها الشكلية.

 

تقنيات روائية

 

جمع شاكر أكثر من تقنية في روايته هذه ليخرج بنص يمثله بشكل واضح، لكنه عادة لا يفكر بتحديد تقنية قبل الكتابة، التقنية تأتي مع العمل. “بالتأكيد هناك تقنيات عراقية وأجنبية مخزونة باللاوعي تستدعى حين تبدأ فكرة الكتابة، والعمل يختار تكنيكه الخاص وهذا استخدمته في قصصي بالمجموعة الثانية، تطور عندي التكنيك بحيث استخدمت أسلوب العرض منتقلا من مشهد إلى آخر وأعطي فرصة للشخوص بالتعبير عن مشاعرهم من خلال وجهة نظرهم الشخصيــــة”. لكن الأمر مختلف مع شاكر في هذه الرواية نتيجة القراءات العديدة لروايات عربية وأجنبية استفاد منها، و”لكني لا أضعها أمامي على الطاولة وبآلية أخرى أحاول استخدامها في الرواية”.

 

بين القصة والرواية

 

العلاقة بين شاكر كقاص وكروائي يربطها بحبه الكبير للرواية أولاً، ولانتمائه إلى عالم القصة ثانياً، وفي الوقت نفسه لا يعد شاكر انتقاله من كتابة القصة إلى كتابة الرواية تحولاً، “

 

بداية أحب أن أصنف نفسي كروائي، صحيح البداية كانت مع القصة، وأعدّها تجربة جميلة استطعت من خلالها أن أجرب، لكني وجدت في معظم قصصي أن هناك تحولاً نحو الرواية، وروايتي الأولى التي كتبتها في المشغل السردي كانت قصة وتطورت إلى رواية وهي ما زالت تحت العمل.

 

أما “مقبرة الانكليز” فقد بدأت كقصة ولكنها كتبت بوقت واحد لتتحول إلى رواية قصيرة، ولي قصة في مجموعتي الثانية بعنوان “خط أزرق خط أحمر” والتي تنتظر الطبع منها قصة “ظهيرة حاتم البغل” تمثل عندي مشروع رواية جديدة، لهذا أقول إني خلقت روائياً وليس قاصاً، على الرغم من أني ما زلت أحب القص والقصة القصيرة، ولا أعرف هل ستكون لي تجربة في مجموعة ثالثة”.

 

ويرى شاكر أن هناك مجموعة عوامل أسهمت في بلورة عصر الرواية، وصار هناك نتاج ضخم؛ خصوصاً في العراق، ولا “أقصد العالم فنحن متأخرون جداً وحركة الحياة خلقت تحولات كبيرة لا يستطيع جنس ابداعي أن يرصدها غير الرواية، فهي توثق وتؤرخ التغيـــرات الكونيـــة في المنطقــــة

 

ويشير شاكر إلى دور الناشرين الذين وجهوا السوق ألى الرواية وأهملوا الأجناس الأدبية الأخرى، فـ”الرواية الآن هي التي تخبرنا ما نريد.

 

لا ننكر أن هناك الكثيرين من أغرتهم اللعبة ودخلوا عالم الرواية، وهم لا يمتلكون عالماً روائياً، وليست لديهم القدرة على الحكي، لكنهم مع مرور الزمن لا يستطيعون الصمود أمام العوالم التخييلية، ومن ثمَّ ستبقى الرواية الجيدة هي الرهان على الاستمرار”.

 

وعن الأعمال الروائية التي يشتغل عليها شاكر، يقول إنه يعمل على رواية اخرى كتب منها عشرة فصول ولم تنته بعد .

 

كما أن هناك رواية تحتاج إلى إعادة كتابة سبق أن أتمها، فضلاً عن رواية ثالثة كتب منها أربعة فصول لكنه توقف في الوقت الحالي عن إتمامها، “لعلي ما زلت لم أجد الأسلوب المطلوب في الكتابة.

 

فهناك ظروف تحكمنا وتؤثر على حياة الكتابة لدينا”.مؤكداً أنه ما زال يحن للقصة ويفكر بكتابة مجموعة ثالثة.

 

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق