كيف يتزعم حزب اردوغان الساحة السياسية في تركيا؟
رغم حالات التلاسن والاشتباك بالأيدي بين النواب والتي يشهدها البرلمان التركي في الآونة الأخيرة يبدو ان الامور على مايرام بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم فدعم رئيس حزب الحركة الوطنية “دولت باغجلي” لاردوغان هيأ الفرصة لتمرير التعديلات الدستورية وباتت تركيا على موعد مع استفتاء في الربيع القادم حول تغيير النظام السياسي للبلاد من برلماني الى رئاسي.
من جهته يعتقد رئيس اكبر الاحزاب المعارضة اي حزب الشعب الجمهوري “كمال كليجدار اوغلو” ان مصادقة البرلمان على التعديلات تعتبر خيانة للبلاد والشعب وما تسميه الحكومة بالاصلاحات السياسية والقانونية ليس الا تغييرا للنظام وفرض الرغبات الشخصية لاردوغان ونقض مبادئ العلمانية ومبادئ اتاتورك وبناء حكومة “دينية” مستبدة على يد حزب العدالة والتنمية.
ان “كليجدار اوغلو” الذي سيطر حزبه لستة عقود متتالية على الساحة السياسية التركية واستأثر بمقدرات البلاد يبدو قلقا على خسارة العلمانية والأتاتوركية لمكانتهما في المجتمع التركي اكثر من قلقه على الحريات والديمقراطية والتنمية السياسية والاقتصادية.
ومن جهة اخرى يعاني حزب الشعوب الديمقراطية المؤيد لحزب العمال الكردستاني من أزمة صعبة بعد سجن زعيمه صلاح الدين دميرتاش و9 آخرين من كبار كوادره ونوابه وخسارته لعدة بلديات هامة وحساسة، وقد تم تهميش هذا الحزب بشكل فقد القدرة على التحرك والتأثير وهكذا اصبح البرلمان في قبضة حزب العدالة والتنمية وحليفه الحزب القومي المتطرف وزعيمه باغجلي.
وفي الحقيقة يجب القول ان الاوضاع في البرلمان التركي تعكس ما يجري داخل المجتمع التركي بدقة لأن الاحزاب لها جذور قوية في المجتمع ولا قدرة لها على الاستمرار الا بدعم مؤيديها فالمجتمع التركي يعيش حالة مماثلة للبرلمان.
وهذا يعني ان حزب العدالة والتنمية القوي في البرلمان يحظى بنفس القوة والقدرات في داخل المجتمع وان مؤيديه في المجتمع لديهم اليد العليا بين افراد الشعب.
وعلى غرار باغجلي وباقي نواب حزب الحركة الوطنية اليمیني المتطرف الذين يدعمون اردوغان ويلديريم في البرلمان فإن مؤيدي هذين الحزبين في المجتمع يلتقون ايضا حول النزعة الدينية المصبوغة بالوطنية خاصة بعد ان أصبح قمع الاكراد ومحاربة حزب العمال الكردستاني ومؤسساته القانونية وغير القانونية على جدول الأعمال وتضاعف دعم القوميين الأتراك لحكومة يلديريم.
ان مبادئ العلمانية والاتاتوركية لم تعد تحظى بالأهمية في البرلمان التركي وتحولت الى مفاهيم بالية تماما كما هو الحال في المجتمع، ولذلك نجد ان التلاسن والاشتباكات بالأيدي في البرلمان بسبب الدفاع عن مبادئ اتاتورك تترجم كمشاحنات وتصدع في المجتمع، وان قيام النواب الاكراد بالدفاع عن حقوقهم المهضومة والاتهامات التي تلصق بهم مثل دعم الارهاب تحدث في المجتمع ايضا.
واذا كنا نبحث عن أهم اسباب استمرار نجاحات الحزب الحاكم فيجب القول انه بالاضافة الانجازات الاقتصادية واقبال المجتمع على هذا الحزب والاجراءات الامنية والعسكرية القاسية في داخل البلاد فإن هناك فراغ وغياب للخطاب البديل، فضعف الاحزاب التركية وانتكاسة حزب الشعب الجمهوري أديا الى تراجع أداء الأوساط التركية المعارضة لأردوغان وحزبه بشكل عام.
المصدر / الوقت