التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

التجسس الاسرائيلي على اميركا : عمليه خداع للحد من الهجره اليهوديه المعاكسه 

عقيل الشيخ حسين

القيود الأميركية على تأشيرات دخول الإسرائليين إلى الولايات المتحدة ليس مردها الخوف الأميركي من التجسس الإسرائيلي، بل الخوف الإسرائيلي من تصاعد هجرة اليهود من “إسرائيل” نحو الولايات المتحدة.

لا وجود في عالم اليوم، ولا في عالم ما قبل اليوم، لبلد يحظى كـ “إسرائيل” بالدعم والمساندة على جميع المستويات والصعد، من قبل الولايات المتحدة. وهذا ما يمنح وجاهة لا ينكرها أحد للمقولة القائلة بأن “إسرائيل” هي الولاية رقم 51 من الولايات المتحدة.

ومع هذا، فإن “إسرائيل” تتجسس على الولايات المتحدة، تماماً كما تفعل أي دولة تجاه دولة معادية. والأمثلة على ذلك كثيرة أبرزها قضية جوناثان بولارد، وهو يهودي أميركي، كان يعمل موظفاً في الاستخبارات البحرية الأميركية، قبل أن يدخل السجن منذ 28 عاماً، لتسليمه معلومات استخباراتية أميركية سرية للغاية إلى جهاز الموساد الإسرائيلي.

وقد منحت تل أبيب الجنسية الإسرائيلية لبولارد، ولا تتوقف الحملات التي يقودها الصهاينة من أجل إطلاق سراحه، بحجة أن جرمه ليس كبيراً لأنه لم يفعل غير تقديم معلومات لـ “دولة صديقة”. لكن لوزير الحرب الأميركي الأسبق، غاسبار واينبرغر، رأياً آخر، حيث قال: “لا يمكنني أن أتصور ضرراً أكبر من الضرر الذي سببه المتهم [بولارد] للأمن القومي [الأميركي] نظراً لخطورة المعلومات التي باعها للإسرائيليين”.

وقبل أيام، نشرت صحيفة نيوزويك الأميركية تقريراً وردت فيه اتهامات لـ “إسرائيل” بأنها تمادت كثيراً في أعمال التجسس التي تمارسها فوق أراضي الولايات المتحدة. وأكدت، نقلاً عن مسؤولين كبار في أجهزة الاستخبارات الأميركية أن عمليات التجسس تلك قد “تجاوزت كافة الخطوط الحمراء”.

اميركا والتجسس الاسرائيلي

وكانت هذه القضية قد أثيرت في الكونغرس نتيجة لضغوط يمارسها الإسرائيليون بهدف إلغاء تأشيرة الدخول، وخصوصاً أن ثلث الطلبات التي يقدمها شباب إسرائيليون للسفر إلى الولايات المتحدة يكون مصيرها الرفض. أما السبب فهو الخشية الأميركية من دخول عملاء الموساد إلى الأراضي الأميركية بهدف ممارسة التجسس!

وبالطبع، نفى المسؤولون الإسرائيليون تهمة التجسس على الولايات المتحدة ووصفوها بالخطيرة والقاسية والكاذبة، وبأنها افتراءات شريرة وخبيثة. ولم يتردد بعضهم في القول بأن مقالة نيوزويك تتضمن تعابير تفوح منها رائحة العداء للسامية.

خلفيات التجسس الاسرائيلي

وعلى أي حال، لا يمكن للمراقب المحايد أن يستغرب لجوء الدول الغربية المتحالفة إلى التجسس على بعضها البعض. فبعد فضيحة التجسس الأميركي على الحلفاء الغربيين، لم يجد كبار المسؤولين الأميركيين أعذاراً غير القول بأن هؤلاء الحلفاء يتجسسون أيضاً على الولايات المتحدة.

فالحقيقة، ان التحالفات بين دول ذات طبيعة إمبريالية لا تلغي رغبة كل منها في تحقيق أكبر قدر ممكن من السيطرة، ولا تحول دون تصادم المصالح وصولاً إلى الحروب. ولـ “إسرائيل” تحديداً سجل حافل بما هو أشد خطورة من التجسس على حلفائها وحماتها الغربيين.

فطموحها إلى إقامة دولتها العالمية هو ما يفسر إغراقها مثلاً لسفينة التجسس الأميركية “ليبرتي” خلال حرب العام 1967، مع أن تلك السفينة كانت تراقب تحركات الجيش المصري لمصلحة الإسرائيليين. كما لم يتردد الإسرائيليون في سرقة زوارق حربية من مرفأ شيربورغ الفرنسي، وطائرات بريطانية كانوا يتدربون عليها في بريطانيا. وهنالك الكثير من القضايا المماثلة ( منها اختفاء سفينة حربية أميركية مزودة بصواريخ نووية في البحر المتوسط) التي تتستر عليها الحكومات الغربية بحكم خضوعها للضغوط الإسرائيلية.

من هنا، يبدو أن قضية تأشيرات الدخول وعلاقتها بالتجسس الإسرائيلي على الولايات المتحدة غير مقنعة بما فيه الكفاية. والأكيد أنها غطاء لقضية أخرى هي أكثر إثارة للقلق عند الطرفين الإسرائيلي والأميركي. بتعبير أوضح، إن فرض قيود على سفر الشباب الإسرائيليين إلى الولايات المتحدة يأتي في إطار القلق الإسرائيلي من تصاعد موجة الهجرة من “إسرائيل” نحو أوروبا وأميركا. وبالتالي فهو لا يهدف إلى مكافحة التجسس، بل إلى مكافحة هجرة الشباب الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة.

يتأكد ذلك على ضوء إعلان وزارة “الشتات” الإسرائيلية عن هجرة عشرات الألوف من اليهود الإسرائيليين نحو الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، خلال العام الماضي.

وعلى ضوء خطة إسرائيلية يجري تنفيذها حالياً لنقل كل ما يمكن نقله من اليهود الفرنسيين إلى “إسرائيل”، وخطة مماثلة لدفع الأوضاع في أوكرانيا نحو الحرب الأهلية بهدف إجبار مئات الألوف من اليهود وغير اليهود على الهجرة إلى “إسرائيل”.

والواضح أن البروباغندا الإسرائيلية لم تعد قادرة على ترويج الأساطير المعروفة من أجل المحافظة على وضع “إسرائيل” الديموغرافي، وأن أسطورة القيود على تأشيرات الدخول هي واحدة من “حيل العاجز” الأخيرة.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق