الرئيس ميشال عون يكسر التخاذل العربي بمعادلة لبنانية: الجيش والشعب والمقاومة!
خرج الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، ليُكمل معادلة الردع الإستراتيجي لحماية لبنان ويؤكد أن الكيان الإسرائيلي كان دائماً المُعتدي وحماية لبنان لا تكون إلا بالتكامل بين الجيش والشعب والمقاومة. لكن كلام الرئيس اللبناني، يحمل في طياته الكثير من الدلالات، إن لجهة التوقيت أو المضمون. فالجنرال العسكري حليف حزب الله المُقاوم، عبَّر من خلال كلامه عن لبنان رسمياً بطريقة قد تكون جديدةً في زمن التخاذل الذي بات صفة الأنظمة العربية وأغلب الرؤساء العرب. فماذا في كلام الرئيس اللبناني؟ وما هي الأسس التي انطلق منها في نسج موقفه؟ وكيف يمكن تحليل ذلك؟
كلام عون: تثبيت معادلة الردع وحماية لبنان
في بيانٍ صادر عن مكتب الرئاسة اللبنانية السبت، أكد الرئيس اللبناني “ميشال عون” أن أي محاولة إسرائيلية لانتهاك سيادة لبنان أو تعريض اللبنانيين للخطر، ستواجه بالرد المناسب. وأشار المكتب الى أن كلام عون يأتي رداً على تعليقات صدرت في الآونة الأخيرة في خطاب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة إلى المنظمة الدولية. ووصف البيان هذه التعليقات بأنها ليست سوى محاولة إسرائيلية مكشوفة لتهديد الأمن والإستقرار الذي تنعم به مدن الجنوب وقراه الواقعة ضمن منطقة العمليات الدولية، وبالتالي فإن الكيان الإسرائيلي يتحمل المسؤولية الكاملة عن أي اعتداء يستهدفف لبنان، لأن الزمن الذي كانت فيه تل أبيب تمارس سياستها العدوانية ضد لبنان من دون رادع قد ولى إلى غير رجعة، بحسب ما أكد الرئيس اللبناني.
يُذكر أن كلام عون يأتي بعد تصريحٍ له منذ أيام أشار فيه أيضاً الى أن سلاح حزب الله يكمِّل عمل الجيش اللبناني.
ما هي الأسس التي انطلق منها الرئيس اللبناني في كلامه؟
من خلال كلام الرئيس اللبناني الواضح نجد أنه بنى تصريحه بناءاً للحقائق التالية والتي وردت في كلمته أمام زواره أمس:
أولاً: من يجب أن يتقيد بقرارات مجلس الأمن هو الكيان الإسرائيلي قبل غيره حيث لا يزال الكيان يرفض تنفيذ القرار 1701 والإنتقال من مرحلة وقف العمليات العدائية الى مرحلة وقف إطلاق النار على رغم مرور أكثر من 111 سنة على صدوره.
ثانياً: لا تزال القوات الإسرائيلية تحتل أراضي لبنانية في القسم الشمالي من بلدة الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا. كما أنها تقوم وبشكل دائم بإنتهاك الخط الأزرق والسيادة اللبنانية جواً وبحراً.
ثالثاً: استمرار تهجير نصف مليون فلسطيني تستضيفهم لبنان، وتغييب حقهم في العودة الى أرضهم وهو ما يُشكل عدواناً متمادياً على لبنان وشعبه، ينطبق عليه مضمون المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لجهة إعطاء لبنان وشعبه الحق الطبيعي في الدفاع عن أرضه.
رابعاً: صدور تهديدات واضحة من قِبل المسؤولين الإسرائيليين في محاولة لتهديد الأمن والإستقرار في الجنوب اللبناني وقراه الواقعة ضمن منطقة العمليات الدولية. الأمر الذي يجعل الكيان الإسرائيلي في موقع المُعتدي كعادته.
خامساً: وجود قدرة لدى لبنان للتكامل في الدفاع عن نفسه وحماية أراضيه، بين مقوِّماته الأساسية أي الجيش اللبناني والمقاومة اللبنانية والشعب اللبناني. وهو ما يصنع إمكانية الردع ويمنع الكيان الإسرائيلي من التفكير في الإعتداء على لبنان.
المعادلة اكتملت: الجيش والشعب والمقاومة!
يمكن تحليل كلام الرئيس اللبناني أو ما يُطلق عليه الموقف الرئاسي من التطورات والتهديدات الإسرائيلية كما يلي:
أولاً: جاءت تصريحات الرئيس اللبناني في مرحلة تمر بها المنطقة بوضع إستثنائي وخطير. حيث تشهد السياسة الإقليمية والدولية حالة من التوتر خصوصاً في ظل وجود مساعي للحل السياسي في سوريا، وأزمة الحرب الأمريكية على اليمن، بالإضافة الى التهديدات الدائمة والمستمرة للكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وحقوقهم. وهو ما يضع تصريح الرئيس اللبناني في إطار إقليمي ودولي خاص.
ثانياً: إنطلاقاً من الدلالة الأولى، يمكن القول أن كلام الرئيس اللبناني، يضع لبنان في المسار الصحيح لمواجهة التحديات التي تُهدد مصلحة الأمن القومي اللبناني وفي مقدمتها التهديدات الإسرائيلية. فيما يجب الثناء على موقف الرئيس اللبناني لجهة تميُّزه بالشجاعة والحكمة والقراءة السياسية الواضحة والصحيحة للواقع الذي يحكم لبنان والشرق الأوسط والعالم.
ثالثاً: يُعتبر موقف الرئيس اللبناني مُكمِّلاً لمواقف الأمين العام لحزب الله تجاه التهديدات الإسرائيلية. وهو ما يجعل الخطاب اللبناني متكاملاً بين خيارات الجيش الرافض للإحتلال الإسرائيلي والمقاومة المسؤولة عن حماية لبنان والشعب الذي يعتبر الكيان الإسرائيلي عدواً.
رابعاً: ينقل موقف عون لبنان من بلد تميَّز بتحييده رسمياً عن الصراع العربي الإسرائيلي، الى مرحلة مختلفة ومتقدمة في مجريات الصراع. فقد جرت العادة أن يبقى التصعيد او التهديد أو لغة الردع محصورة بحزب الله (المقاومة) كطرف مُخوَّل من الدولة حماية لبنان. لكن تغيُّر الظروف السياسية في المنطقة والمعادلات الجديدة، فرضت لغة جديدة في الخطاب وأدوار جديدة يجب أن تلعبها الجهات اللبنانية الرسمية ما جاء مُكمِّلاً لقناعات الرئيس اللبناني الخاصة وتياره المسيحي المُقاوم.
خامساً: قطع موقف الرئيس اللبناني الطريق على محاولات البعض وضع لبنان الرسمي، ضمن خانة الخضوع للسياسة الأمريكية أو العربية المتخاذلة. وهو ما تقوم به العديد من الأنظمة العربية وفي مقدمتها السعودية. الأمر الذي أبرز الموقف اللبناني متميزاً ومراعياً لعروبته ومصالحه الإستراتيجية والقومية.
سادساً: أستطاع الرئيس اللبناني من خلال موقفه تقديم نموذج مُشرِّف وشجاع للمواقف التي يجب أن يأخذها أي رئيس عربي ضد تهديدات الكيان الإسرائيلي التاريخية والمستمرة ومظلومية الشعب الفلسطيني والحقوق العربية والإسلامية والمسيحية المسلوبة. وهو ما يُناقض النهج العربي المتخاذل والمتقاعس فيما يخص المقدسات العربية والقضية الفلسطينية.
إذن أطلق الرئيس اللبناني موقفاً مُشرفاً تقاعس عن إطلاقه العديد من الرؤساء العرب في زمن التخاذل العربي والإنقلاب على العروبة. ليُخرج الجنرال المُقاوم لبنان، من دائرة هذا التخاذل المُعيب والمُشين. وليُكمل بكلامه معادلة الردع الإستراتيجي المتمثلة بالجيش والشعب والمقاومة. فهنيئاً للبنان الذي أصبح لديه رئيسٌ جعله نموذجاً للعروبة والمقاومة العربية.
المصدر / الوقت