القمة العربية تفضح الضعف السعودي: الأردن يتسوَّل الدعم الإقتصادي ولكن!
في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، تعيش الدول العديد من الأزمات التي تجعلها عاجزة عن تنفيذ مخططاتها الخارجية. وهو ما بات ينطبق على السعودية. في حين يُحاول الأردن استثمار فرصة القمة العربية، والتي تجدها الرياض محطة لتقوية حلفها العربي، من أجل تسوُّل المساعدات المالية التي يُمكن أن تُخرجه من أزماته الإقتصادية الكبيرة. لكن الحال أشبه بطلب الأوهام. فماذا في الواقع الأردني المتأزم؟ وكيف يمكن وصف المصالح المشتركة بين السعودية والأردن؟ وأين يتمثل العجز السعودي الذي يُبدد آمال الأردن؟
الواقع الأردني المتأزم والآمال الوهمية!
في وقتٍ تتأمل فيه الأردن بحصولها على مساعدات من قِبل الرياض، على هامش القمة العربية، يجب تبيين ما يلي فيما يخص الوضع الأردني:
أولاً: إن أكبر أزمة تمر بها البلاد تتعلق بالملف الإقتصادي بأزماته وتعقيداته المختلفة لا سيما عجز الموازنة الداخلية وارتفاع المديونية العامة إلى نسب قياسية منذ انخفاض قيمة الدينار الأردني عام 1989.
ثانياً: هناك عدة حقائق مجهولة عن الأردن تتعلق بوضعه المحلي. حيث يوجد نقاش حاد على الصعيد الداخلي حول حجم الهدر في المال العام وكثرة الفساد المالي والعديد من المشاكل الإجتماعية كالفقر. بالإضافة الى ما تقدم، يُعاني الأردن من مخاطر أمنية داخلية بشكل دائم.
ثالثاً: تُشير الإحصاءات الرسمية بأن حجم التبادل التجاري بين السعودية والأردن، يصل الى خمسة مليارات دولار سنوياً في حين تصل الإستثمارات السعودية في الأردن الى 13 مليار دولار. الأمر الذي تُعول عليه الأردن خلال هذه القمة، لجعلها فرصة لرفع استثمارات السعودية في الأردن أو مساعداتها المادية. حيث يتطلع الأردن لتأمين موارد من الصندوق السعودي للتنمية والذي يدعم الكثير من المشاريع الأردنية.
المصالح بين الأردن والسعودية: حين تفرض الجغرافيا السياسية نفسها!
هناك العديد من المصالح المشتركة، والتي يمكن وصفها اليوم بالأزمات المشتركة، والتي تجعل من العلاقة بين الأردن والسعودية ضرورية. وهنا نُشير للتالي:
أولاً: عدة مسائل فرضتها الجغرافيا السياسية بين الأردن والسعودية. فيما تُشكل الحدود المشتركة بين سوريا والأردن، أحد المخاطر التي تسعى السعودية للتعاون مع الأردن من أجل ضبطها. مما يخلق واقعاً من المصالح المفروطة على الطرفين. ناهيك عن تقارب في الرؤية تجاه ملفات عديدة لا سيما مسألة الصراع العربي الإسرائيلي.
ثانياً: بناءاً لما تقدم، يتعهد الأردن حماية الحدود السعودية. حيث يقوم بتأمين الوضع الأمني القادر على منع التهريب، ومحاربة الإرهاب. فيما يُعتبر موضوع إغلاق الحدود السعودية بوجه الإرهابيين المهاجرين من سوريا أحد أهم الأولويات الموكلة إليه من قبل الرياض.
ثالثاً: بقيت سياسة الأردن تجاه الملف السوري مُبهمة في العلن. لكن الحقائق تُشير الى دعم أردني لخيارات السعودية في سوريا. كما في العراق واليمن. بينما يجري الحديث اليوم عن وجود تنسيق بين الطرفين حول الملف البحريني وتحدياته. الأمر الذي يجعل المصالح متشابهة بين الطرفين.
السعودية العاجزة!
في الوقت الذي تسعى فيه عمان لتسوُّل الدعم السعودي، يمكن القول أن الواقع الذي تعيشه الرياض، يمنع امكانية تنفيذها للعديد من الوعود أو التعهدات القديمة، بل يمنع التزامها بأي تعهد جديد. هذا بغض النظر عن عدم تلبيتها لعددٍ من الوعود التي قطعتها مع دول كثيرة، لأسباب مالية. وهنا نقول التالي:
أولاً: يمكن القول أن السعودية حريصة على إبقاء الأردن في كنفها. وهو ما ينبع من وجود مصلحة لها في تأمين حدودها. بالإضافة الى حرص الرياض على الإستفادة من الدور الأردني فيما يخص الأزمة السورية ولما يمكن أن يقوم به الأردن، على الرغم من عدم تأثيره كثيراً.
ثانياً: لا شك أن المباحثات المشتركة بين الطرفين السعودي والأردني، والتي تجري على أعتاب القمة العربية، ستُحدد المواقف الموحدة تجاه القضايا العربية. وهو ما يُنتظر الخروج به، دون وجود أي رهان على أنه سيصب في صالح الشعوب العربية.
ثالثاً: إن العجز السعودي يتمثَّل في الواقع الذي تعيشه الرياض، والذي بات يمنعها من تأمين دعمها للأطراف الإقليمية. وهو ما ينطبق أيضاً على دعمها للأردن. خصوصاً أن السعودية تعاني من مآزق سياسية وعسكرية أكبر من قدرتها على النظر لأزمات جيرانها أو حلفائها.
رابعاً: إن عدم التزام السعودية بعدد من الوعود تجاه دول عديدة، يجعل الآمال الأردنية تتبدد. حيث أن الرياض سبق وأكدت للوفد اللبناني الذي زارها بعد انتخاب الرئيس ميشال عون، أنها ستُعيد منح الجيش الللبناني مساعدة الثلاثة مليار دولار. هذا حصل قبل ثلاثة أشهر، دون أن يتغير أي شيء. الأمر الذي يدل أيضاً على صعوبة دخول السعودية في التزامات جديدة.
خامساً: على الرغم من المشهد الإيجابي الذي يبدو على العلاقة السعودية الأمريكية، فإن الرئيس الأمريكي الجديد يُدير العلاقة على أساس ابتزاز الرياض. وهو ما بدأ بالحديث عن ضرورة دفع السعودية لفاتورة حمايتها من قبل أمريكا عبر استثمار 200 مليار دولار في البنى التحتية. وهو ما يُشكل أيضاً أحد عوامل العجز السعودي وضعفها في دعم حلفائها.
إذن، تتأمل الأردن خيراً ممن يحتاجون للدعم. فأيام الرفاه والرخاء السعودي باتت من الماضي. وازماتها التي تغرق بها من سوريا الى اليمن، وصولاً الى داخلها المتأزم، يجعلها أبعد ما يكون عن الدولة القادرة على دعم الحليف. لنقول أن ما يجري اليوم، ليس إلا مثالاً على حجم الواقع المتردي الذي باتت تعيشه الأنظمة العربية.
المصدر / الوقت