التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

مستقبل العلاقات بين واشنطن وموسكو في سوريا بعد الهجوم الصاروخي الأمريكي 

بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته أمريكا على مطار “الشعيرات” السوري فجر يوم الجمعة الماضي، دخلت الأزمة السورية مرحلة جديدة، وكذلك العلاقات الدولية لاسيّما بين واشنطن وموسكو. وهناك ثلاثة سيناريوهات محتملة فيما يتعلق بمستقبل العلاقة بين روسيا وأمريكا بشأن سوريا يمكن الإشارة إليها على النحو التالي:

ألف) المنافسة الشاملة أو الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة

يعتقد بعض المراقبين بأن الهجوم الصاروخي الأمريكي الذي استهدف قاعدة “الشعيرات” الجوية قرب مدينة حمص السورية قد يؤدي إلى دخول أمريكا وروسيا في منافسة عسكرية واسعة، وربما الدخول في مواجهة عسكرية شاملة، خصوصاً إذا ما قامت أمريكا بضرب أهداف سورية أخرى، باعتبار أن ذلك يمثل استفزازاً واضحاً للقوات الروسية المتواجدة على الأراضي السورية لضرب الجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى أن روسيا تعتبر حليفاً استراتيجياً لسوريا.

ومما يساعد على افتراض هذا السيناريو هي التصريحات التي أطلقها عدد من المسؤولين الأمريكيين ومن بينهم المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة “نيكي هايلي” عندما قالت “نحن مستعدون لفعل المزيد في سوريا لكننا نأمل ألا يكون ذلك ضروريا”، وأضافت إن “الرئيس السوري بشار الأسد كان يعتقد أنه سيفلت من “العقاب” لأن روسيا ستقف وراءه من خلال استخدام الفيتو، لكنه كان مخطئاً”.

ولكن مع ذلك يرى المراقبون بأن احتمال المواجهة العسكرية المباشرة بين روسيا وأمريكا يبقى ضعيفاً لما لذلك من مخاطر جمّة على الطرفين في جميع المجالات. والدليل على ذلك أن مسؤولي البلدين لم يتحدثوا قط عن إمكانية المواجهة العسكرية وبقيت التصريحات في إطار التحذيرات اللفظية.

ب) تجميد العلاقات بين البلدين لأمد قصير

يعتقد بعض المحللين بأن تؤدي الهجمات العسكرية الأمريكية ضد سوريا في حال تكرارها إلى قطع العلاقات بين موسكو وواشنطن بشكل مؤقت، باعتبار أن ذلك سيمثل من جانب استهانة بدور روسيا في الأزمة السورية، وينسف من جانب آخر الجهود الدبلوماسية والسياسية التي تبذلها موسكو لتسوية هذه الأزمة.

ويكفي للاستدلال على هذا الاحتمال ما قاله نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة “فلاديمير سافرونكوف” عندما شن هجوما عنيفاً على أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأتهمهم بدعم الإرهاب، وطالب واشنطن بعدم تكرار هجماتها على سوريا والانضمام إلى الجهود الهادفة إلى تسوية الأزمة السورية. كما شدد سافرونكوف على أن بلاده ستلجأ إلى حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي لإحباط أي مشروع قرار أمريكي يهدف إلى شرعنة عدوانها العسكري على سوريا.

ويمكن الإشارة في هذا المجال إلى ما أعلنه المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء “إيغور كوناشينكوف” عن تجميد العمل بمذكرة اتفاق “السلامة الجوية” مع أمريكا في سوريا، فيما اعتبرت وزارة الخارجية الروسية تصرفات واشنطن بأنها تزيد من تدمير العلاقات بين البلدين.

هذه المواقف الروسية عدّها بعض المراقبين بأنها تشير إلى إمكانية تجميد العلاقات بين موسكو وواشنطن ولو بشكل مؤقت في حال تكرار العدوان العسكري الأمريكي على سوريا كما أسلفنا.

ج) التوصل إلى اتفاق بين أمريكا وروسيا لحل الأزمة السورية

السيناريو الثالث هو احتمال توصل الجانبين الروسي والأمريكي إلى اتفاق لتسوية الأزمة السورية. ويستدل المراقبون الذين يذهبون إلى هذا الاحتمال بما خاطب به الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” نظيره الروسي “فلاديمير بوتين” بضرورة الإسراع بالتوصل إلى اتفاق بين البلدين، معربين عن اعتقادهم بأن الرئيس الروسي سيقبل هذه الدعوة للحيلولة دون تفاقم التوتر بين الجانبين ولحفظ الأمن والاستقرار في عموم المنطقة.

ويبدو السيناريو الثالث قريباً من الواقع إلاّ أن الوقائع الميدانية في سوريا تشير إلى عكس ذلك خصوصاً وإن المراقبين يعتقدون بأن الهجوم الصاروخي الأمريكي الذي استهدف مطار “الشعيرات” قد وفّر فرصة جديدة للجماعات الإرهابية التي منيت بهزائم منكرة في سوريا في الآونة الأخيرة لشن هجمات جديدة، كما أن الظروف السياسية التي أوجدها الهجوم الأمريكي لن تسمح لموسكو بأن تدع واشنطن توظف هذا الهجوم لتحقيق أغراض سياسية، وبالنتيجة يبقى احتمال التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأمريكا لتسوية الأزمة السورية ضئيلاً.

في المحصلة يمكن القول بأن موسكو وواشنطن سيتجنبان أي مواجهة عسكرية مباشرة، لكن يبقى احتمال بقاء التوتر بين الجانبين قائماً والذي سينعكس بدوره سلباً على إمكانية حل الأزمة السورية في ظل الظروف التي زادت تعقيداً بعد العدوان الأمريكي على مطار “الشعيرات”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق