الطلاق السیاسي بین زعيمة «الجبهة الوطنية» اليمينية المتطرفة مارين لوبن ودونالد ترامب
تٌشیر التصریحات الاخیرة لزعيمة «الجبهة الوطنية» اليمينية المتطرفة مارين لوبان بأن الأتحاد السیاسي القائم بین حزب الجبهة الوطنیة القومية الفرنسیة و المسئولون في حکومة الرئیس الامریکي دونالد ترامب لا یٌعد إتحاد مطلق وإنما هو إتحاد مؤقت و ضعیف و سوف ینتهي بإنتهاء المصالح السیاسیة بین الطرفین، حیث أن هذا الإتحاد المؤقت والضعیف یکشف عن الکثیر من الخلافات السياسیة بین الطرفین.
حيث نرى بأن زعيمة «الجبهة الوطنية» اليمينية المتطرفة مارين لوبان أدانت بشکلاً صریح و علني الإعتداء الامریکي الأخیر علي الاراضي السوریة، وذلك خلال حملتها الانتقادیة العلنیة لحکومة الرئیس الامریکي دونالد ترامب.
وقالت مارين لوبان في هذا الصدد: لقد فوجئت! لقد أعلن دونالد ترامب عند ترشحة للرئاسة الامريكية بأن أمريكا من ألان و صاعداً لاتريد أن تكون لها الوصاية و السيطرة التامة علي العالم و لكننا في الوقت الحالي للأسف نري عكس هذه التصريحات للرئيس الامريكي دونالد ترامب و ذلك من خلال رؤيتنا للإعتداءات الامريكية الاخيرة علي سوريا. و اضافة متسائلة هل قمنا بالإنتظار طويلاً لنري نتائج التحقيقات الدولية و المستقلة حول حادثة خان شيخون قبل الهجوم علي الاراضي السورية ؟ و اضافة قائلة بأن التدخلات الغربية سوف تخلق حالة من الفوضي و سوف تزيد من قوة الجماعات الإرهابية المتطرفة.
كما حذرت الزعيمة الفرنسية مارين لوبان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أن يكرر سيناريو العراق وليبيا “الفاشل” في سوريا. وتابعت قائلة “ينبغي أن يكون ترامب حذر للغاية في كيفية عمله في سوريا، حيث أن التدخل العسكري في كل من العراق وليبيا، أدى إلى المزيد من الخطر على المدنيين، بدلا من السلام المنشود”. ومضت قائلة “أحث ترامب على توخي الحذر، لأننا رأينا ما حدث في العراق، ورأينا ما حدث في ليبيا، والحقيقة أن التدخل لم يجلب المزيد من السلام، ولم يوفر المزيد من الحماية للمدنيين”. وشددت لوبان على أنها كانت ضد تدخل الناتو (حلف شمال الأطلسي) في ليبيا عام 2011، منذ البداية، ولاحظت أن الأحداث التي تلتها أثبتت أن نهجها كان صحيحا.
وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية للولايات المتحدة الأمريكية في عام 2016، كانت مارين لوبان تُعد من المناصرين و المشجعين الأوروبيين القلائل لدونالد ترامب. وعندما فاز المرشح الامريكي دونالد ترامب علي منافستة الامريكية هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الامريكية، صرحت الزعيمة الفرنسية لوبان بأنها تُرحب بفوز دونالد ترامب في هذة الانتخابات و اضافة قائلة بأن هذا الفوز يُعد خطوة حازمة و جرئية تتماشي مع ضرورة تغيير المعادلات الدولية.
وفي وقت لاحق، رحب إيضا مؤيدوا و مناصروا الرئيس الامريكي دونالد ترامب بحضور السيدة لوبان في المشهد السياسي الفرنسي. حيث أن هؤلاء المؤيدين و المناصرين كانوا علي إعتقاد بأن حضور الزعيمة لوبان في رأس المعادلات السیاسیة و الاداریة لمدنیة باریس و فوزها في الإنتخابات الرئاسیة الفرنسیة للعام 2017 سوف يؤدي إلى خلق تحالف دائم و متین بين البيت الأبيض وقصر الإليزية.
کما انهم كانوا يعتقدون أيضا بأن تواجد الزعيمة لوبان في قصر الاليزيه یٌعد حافزاً وعاملاً مٌسرع لأنهیار الإتحاد الاوربي ومنطقة اليورو. کما أن الاعتقاد هذا كان موجوداً لدی الکثیر من أعضاء حکومة ترامب، ولكن يبدو بأن التحالف السیاسي بین اعضاء الجبهة الوطنية الفرنسیة و المسئولون في البيت الأبيض هشاً إلى حداً كبير.
وخلال احداث الاعتداء و الهجوم الأخير علي سوريا من قِبل الرئیس الامریکي دونالد ترامب ، ابدی بعض السياسيين التقليديين في فرنسا ترحیبهم بهذه الخطوة، في حین اعلنت الزعیمة الفرنسیة لوبان بصراحة ووضوح معارضتها لهذا الغزو و هذا الاعتداء.
و هذا الامر یدل علي وجود إختلافات ملموسة بین السیاسة الخارجیة للجبهة الوطنیة الفرنسیة و السیاسة الخارجیة لحکومة الرئیس الامریکي دونالد ترامب. حیث أن مارین لوبن قد حذرت مراراً و تکراراً من التطورات الراهنة في سوريا وحذرت من التكاليف المادیة الکبیرة للتدخل الغربي في هذا البلد.
كما اعتبرت الزعيمة مارين لوبان أن قرار فرنسا قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا كان غلطة فادحة. وقالت لوبان زعيمة “الجبهة الوطنية” في حديث لها : “أنا فرنسية ولا أعتبر أن الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه يشكلان خطرا على بلادي” . وأضافت السيدة لوبان القول: “تبين أن الأسد هو الوحيد الذي تمكن من مقاومة التطرف الإسلامي الذي يعاني منه الفرنسيون حاليا. حاولت مجموعة كاملة من الدول ومن بينها فرنسا، إضعافه ولذلك نفذت روسيا تدخلها العسكري”… “إذا فزت في الانتخابات، واستلمت منصب الرئاسة فسأدعم الرئيس الأسد في كفاحه ضد الأصوليين الإسلاميين”. وأشارت لوبان إلى أن الحديث لا يدور عن تدخل عسكري. وقالت:” فرنسا لن تتدخل إذا لم تتلق طلبا من الحكومة بذلك”.
کان يعتقد بعض المحللين بأن الزعیمة الفرنسیة لوبان سوف تُبدي ترحیبها او کانت علي الاقل سوف تُفضل الالتزام بالصمت بشأن هذا الاعتداء و ذلك نظراً لوجود مصالح سیاسیة لها و لبعض الاحزاب السیاسیة في فرنسا مع الحکومة الجدیدة في الولایات المتحدة الامریکیة ومع ذلك، يمكن القول بأن الزعیمة الفرنسیة لوبان لا تستطیع أن تتکتم عن خيبة أملها من الاعتداء الاجرامي و الغير منطقي والغير قانوني الأخير للرئیس الامریکی دونالد ترامب علي الشعب السوري المظلوم.
کانت تتصور الزعیمة الفرنسیة لوبان بأن سیاسة التهمیش و التفرد الامریکیة سوف تنتهي بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسیة الامریکیة و لکنها وجدت عکس هذا الشيء. حیث أنها تری تواجد اعضاء الحکومة الداعمة و المؤیدة للفوضی في البیت الابیض، الحکومة التي ليست خائفة من القيام بأمور و مغامرات مكلفة علي النظام الدولي.
إن العمل الفردي الذي قام به الرئیس الامریکي دونالد ترامب لیس فقط سوف یثیر سخط أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس الشوري و مجلس النواب الامریکيين و إنما کذلك سوف یثیر سخط المؤیدین و المناصرین الاوربیین لة.
ومع ذلك، فقد بدأت عملية الطلاق السياسي بین زعيمة «الجبهة الوطنية» اليمينية المتطرفة مارين لوبان و الرئیس الامریکی المنتخب دونالد ترامب في وقت أبکر بكثير مما كان متوقعاً لة. کما انة علي الرغم من أن مجمل العلاقة بين الجبهه الوطنیه القومیة في أوروبا و الرئيس الامريكي دونالد ترامب لا تزال قویة، ولكن تصريحات زعيمة «الجبهة الوطنية» لوبان اوضحت بأن هذا الاتحاد سوف یتلاشي و سوف ینفصل طرفي هذا الاتحاد عن بعضهم البعض و ذلك نتیجة للتصرفات الهمجية و العنصريه و الغير حكيمة للرئیس الامریکي دونالد ترامب.
المصدر / الوقت