هارتس: تركيا وإسرائيل ثوران يسحبان نفس المحراث
قالت صحيفة هارتس في قسمها باللغة الانكليزية على لسان الكاتب “زافي باريل”: إنه لخطأ شائع إجراء مقارنات بين الحكومتين الإسرائيلية والتركية – لمقارنة انتهاكات حقوق الإنسان في كل بلد، بالرغم من ذلك عند مقارنة الطموحات الشخصية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع طموحات رجب طيب أردوغان؛ نرى موازاة بين معاملة إسرائيل لأقليتها العربية وحرب تركيا على الأقلية الكردية، وهذا بالطبع مع مراقبة الهجمات التي يشنها كل زعيم على وسائل الإعلام.
وقالت الصحيفة: من الضروري بالنسبة لإسرائيل أن يكون لها دولة شقيقة، فمن السهل جداً أن نستنتج أن إسرائيل وتركيا مثل اثنين من الثيران الذين يسحبان نفس المحراث، أي إنهما دولتان قوميتان ذات توجهات فاشية وعنصرية، حيث الدين جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية، وهما دولتان تسعيان إلى بناء واجهة للديمقراطية، أو على الأقل لتصوير انتهاكاتهما للقيم الديمقراطية على أنها مستمدة من استراتيجية الدفاع عن النفس ضد قوى الشر الداخلية والخارجية، وفي الواقع، هناك اختلافات واسعة بين إسرائيل وتركيا، وبين أردوغان ونتنياهو، ولكن ليس من جانب طموحات الزعيمين، ولكن في طابع التصرفات التي يقوم بها كل منهما.
وتابعت هارتس: إن الاستفتاء الدستوري التركي الذي أجري يوم الأحد، والذي انتهى بفوز ضيق لأردوغان والذي يواجه تحدياً قانونياً أبرز أحد الاختلافات الرئيسية وهي أن الدستور التركي يعطي المواطنين الأتراك دوراً نشطاً في تشكيل نظام الحكم وتحديد أيديولوجية الدولة، وليس فقط من خلال الانتخابات، فهو يعلّم التاريخ أن الأتراك على النقيض من الإسرائيليين، فهم مستعدون للقتال، في بعض الأحيان وبعنف، ضد أي شخص يرون أنه يضر بالأسس الأخلاقية للدولة، وهذا ما حدث خلال مظاهرات حديقة غيزي في عام 2013 وفي الانتفاضات المدنية التي سبقت الانقلابات العسكرية في 1960 و 1971 و 1980، ولكن في إسرائيل، لم ترتفع أي احتجاجات إلى مستوى الانتفاضة، ولا حتى أي مظاهرة بعد المجازر في مخيمات صبرا وشاتيلا اللبنانية في عام 1982، ولا “احتجاجات الجبن المنزلية” في مقابل ارتفاع تكاليف المعيشة في عام 2011.
وتابعت هارتس: وعلى الرغم من هذه الاختلافات، فإن الاستفتاء التركي يكشف عن تطور خطير يشبه إلى حد كبير ما يحدث في إسرائيل، حيث تم تحديد المفاهيم الوطنية والأمة مع الرئيس، وليست مع الأفكار ذات الصلة، وبالطبع تم هذا من خلال حملة الدعاية التي قام بها أردوغان لمصلحة التعديلات الدستورية، حيث سعى إلى تصوير خصومه كخونة للدولة والدين، “هراطقة حقيقيون” وهذا بوصفهم أنهم مؤيدون للمنظمات الإرهابية؛ أو عملاء في الدول الغربية التي تريد الإطاحة به.
وأضافت الصحيفة: إن كل من ليس على استعداد لإعطاء أردوغان السلطة العليا لإدارة الدولة كما يشاء يعتبر بأنه يمارس التقويض على الأمة، وبالتالي كل من يعارض سيطرته على النظام القضائي ليس وطنياً ويحرض الإرهاب، وأي شخص معادٍ لطموحات أردوغان في الحكم بدون حدود زمنية، أو يمارس عمله بمهنية في وسائل الإعلام، يسعى إلى الإضرار بتركيا، فهذه هي المفردات التي يستخدمها أردوغان ضد منافسيه والتي هي في واقع الأمر تشبه إلى حد كبير نتنياهو وشركاءه الذين يعرفون حب الوطن فقط عن طريق “حب منصب الرئيس”.
وأضافت الصحيفة: إن نزع الشرعية عن نتنياهو لليسار واليسار الوسطي لا يختلفان أساساً عن إضعاف أردوغان للأكراد والمعارضة، فصحيح أن إسرائيل لم توقف بعد الزعماء السياسيين بتهمة التخريب أو محاولة الانقلاب، ولكن تم وضع الأسس الأيديولوجية بالفعل لهذه الأعمال، ومثلما قام أردوغان بإطاحة الليبراليين البارزين من حزبه، قوض نتنياهو أي شخص يعتبر معتدلاً عن أهوائه القومية، أو يقوض شخصية العبادة التي بناها نتنياهو حول نفسه.
واختتمت الصحيفة بالقول: هذه هي الطريقة التي يبني فيها الشخص السيطرة وبهذه الطريقة، أزال أردوغان ونتنياهو إمكانية وجود وريث سياسي، وأغفلا أي نقاش أيديولوجي أو أخلاقي قد يقدم بديلاً عن أيديولوجية القائد، أو احتكاره لتلك الأيديولوجية، وهذا هو المكان الذي تكمن فيه ميزة نتنياهو الواضحة على أردوغان فهو لا يحتاج فقط إلى الخوف من انتفاضة شعبية، بل يحتاج إلى دستور للتصديق على سيطرته الحصرية، حيث يصوغ قيم الدولة بنفسه، دون الحاجة إلى إجراء استفتاء.
المصدر / الوقت