التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

قطر والسعودية: علاقة تعوم على خلافاتٍ جذرية تتخطى السياسة! 

يتفاجئ المرء عندما يتعرف على حجم التباين بين السعودية وقطر. فالعلاقة التي تتأزم من فترةٍ لأخرى تعوم على خلافات جذرية تتخطى السياسة. وهو ما يفضحه تاريخ العلاقة بين البلدين. فماذا في حقيقة الخلافات بين السعودية وقطر؟ وكيف يمكن تحليل دلالاتها؟

الخلافات تاريخية وإن غطتها المصالح السياسية!

من خلال العودة الى التاريخ، يمكن لحاظ أن الخلافات الموجودة بين قطر والسعودية هي خلافات جوهرية وليس آنية. وهنا نُشير للتالي:

أولاً: مع بداية القرن العشرين، سعت السعودية لضم قطر لها وإعتبارها جزءاً من إقليم الإحساء. لكن واحتراماً لخاطر بريطانيا، تراجعت الرياض وتم الإعتراف بحدود قطر. لتتفجَّر بعد ذلك الأزمات بين البلدين نتيجة اكتشاف الذهب الأسود في قطر. لكن الراعي البريطاني الذي كان مُتواجداً في الخليج الفارسي حينها، قدم الحماية لقطرمستثمراً المصالح التجارية معها، وبقيت المشكلات بين قطر والسعودية تتفاقم حول هذا الموضوع وصولاً لعام 1965 تاريخ ترسيم الحدود بين الطرفين.

ثانياً: خلال عام 1992 حصلت حادثة الخفوس، والتي أزَّمت العلاقات بين قطر والسعودية بشكل كبير. حيث حصل خلاف حول قبيلة “آل مُرة” والتي تعيش في منطقة متنازع عليها بين البلدين. لتقوم السعودية بدفع الأموال للقبيلة وجعلهم من طرفها ودعمهم في الإنقلاب ضد الحكومة القطرية عام 1995. الأمر الذي ردت عليه قطر بتهجيرهم من أرضهم.

ثالثاً: اتهمت قطر السعودية بدورٍ ما في عملية الإنقلاب الأبيض التي قام بها حمد بن خليفة على والده أمير دولة قطر آنذاك خليفة بن حمد آل ثاني ذلك نهاية العام 1995. بعد ذلك، وفي كانون أول عام 1996، تفجرت أزمة بين البلدين على خلفية اختيار امين عام مجلس التعاون الخليجي. وبقي الأزمات متفاقمة وأصبح الإعلام وسيلة حربٍ بين الطرفين.

رابعاً: عام 2002 سحبت السعودية سفيرها من قطر على خلفية قيام الجزيرة ببث برنامج تلفزيوني تعرضت فيه لمؤسس المملكة السعودية عبد العزيز. لتعود العلاقات الى مجاريها شكلياً بعد تدخل أجنبي، الأمر الذي ساهم في تعزيز العلاقات الإقتصادية ولفترة محدودة.

خامساً: عام 2014 قررت السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر. وجاء ذلك بعد اتهام هذه الدول لقطر، بتدخلها في الشؤون الداخلية لمجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي اعتبروه تهديداً لأمن الدول الخليحية.

سادساً: خلال فترة ما سُمي بالربيع العربي، سعت قطر لتعظيم دورها الإقليمي عبر دعم حركة الإخوان المسلمين في مصر وتونس، وهو الأمر الذي أدخلها في صراع إقليمي مع السعودية خصوصاً أنها وضدت علاقتها بالدول المنافسة للسعودية لا سيما تركيا. كما سعت الدوحة لإستغلال الخلاف الأمريكي السعودي في محاولة لإبراز دورها على الصعيد الدولي.

سابعاً: خلال الأزمة السورية، سادت الخلافات القطرية السعودية على سلوك الجماعات التكفيرية في الميدان السوري، والتي جعلتها هذه الدول أوراقاً لها لكسب إنجازات قد تُساهم في تفعيل الدور الإقليمي. فكانت تركيا أقرب الى قطر حيث جرى دعم جبهة النصرة. في حين ساهمت السعودية في دعم تنظيم داعش الإرهابي وعدد من الجماعات الأخرى كجيش الإسلام والجيش الحر.

التحليل والدلالات

من خلال ما تقدم، يمكن استنتاج التالي:

أولاً: إن الخلافات بين قطر والسعودية هي خلافات قديمة تتعلق بأصل وجود الطرفين. وهو ما يمكن ملاحظته من خلال الدعم الغربي تحديداً البريطاني للطرفين، أيام النشأة. فيما العلاقات المتأزمة الدائمة هي ليست إلا مظاهر لصراع وجود وأدوار حقيقية بدأت منذ تأسيس الكيانين، ليس الغرب بعيداً عنها.

ثانياً: يبدو واضحاً أن مشاريع كل من السعودية وقطر بعيدة عن المصالح التي تهم شعوب وأمم المنطقة. وتتعارض مع خياراتها، كونها تعتمد في أصل وجودها على الدعم الغربي الذي يتدخل بحسب مصالحه ويُساهم في تخفيف النزاعات أو تأجيجها.

ثالثاً: تتعاطى هذه الدول الخليجية من منطلق الندية والكيدية، وليس كما تُظهر لنا صورتهم الجامعة في اجتماعات مجلس التعاون الخليجي. في حين تتناغم البحرين والإمارات مع التوجهات السعودية وعلى حساب العلاقة مع قطر. كل هذه المسائل، ساهمت وما تزال، في تأجيج الصراعات في المنطقة والإقليم.

إذن، تتقاتل الأنظمة لأسباب تتعلق بالدور الإقليمي والدولي. في وقتٍ ترتفع وتيرة الصراع إعلامياً بحسب مصلحة كل طرف. وهو ما ظهر خلال الأزمة السورية التي أخفت حقيقة الخلافات. أما اليوم، وبعد رحيل الإدارة الأمريكية التي نسجت خيوطاً سياسية مع قطر على حساب السعودية، جاءت إدارة ترامب لتُعيد للسعودية مجداً افتقدته، لأسبابٍ باتت معروفة. وهو ما أعاد الصراع القطري السعودي الى الواجهة من جديد.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق