حقيقة “تيران وصنافير” بين السعودية ومصر: كيف يستفيد الكيان الإسرائيلي؟
أن تعمل أنظمة المنطقة ضد شعوبها لترسيخ بقائها، فهذا مفهومٌ الى حدٍ كبير في منطقتنا العربية، لكن أن تعمل هذه الأنظمة لخدمة الكيان الإسرائيلي، فهو من الأمور التي باتت تحصل في عالمنا العربي وبالعلن. في حين تدفع شعوب المنطقة ضريبة التوجهات الحاصلة. فعلى الرغم من رفض الشعب المصري لتوجه نظامه، انتقلت ملكية الجزر الى السعودية. والأسباب تبادل مصالح. في حين يُعتبر المستفيد الأول الكيان الإسرائيلي. فكيف خالف البرلمان المصري إرادة الشعب؟ وما هي جذور المؤامرة المصرية السعودية؟ ولماذا تغيرت الظروف اليوم؟ وكيف تُعتبر تل أبيب المستفيد الأكبر؟
البرلمان المصري يخالف التوجه الشعبي!
منذ يومين صوت البرلمان المصري على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية. حيث أتخذ القرار بنقل ملكية جزيرتي “تيران وصنافير” من مصر إلى السعودية، مما لاقى ردود فعلٍ واسعة على الصعيد الداخلي المصري. حيث اعتبر المعترضون أنه ليس لرئيس الجمهورية أي سلطة دستورية للتنازل عن أية أراض مصرية. وهو الأمر الذي يرفضه السيسي والحكومة المصرية التي باتت تعلن جهاراً أحقية السعودية في الجزيرتين، حيث أن مصر استأجرتها عام 1950 بهدف إيجاد تعاون مشترك لتعزيز الدفاع عن مصر والسعودية في وجه العدوان الإسلرائيلي.
جذور المؤامرة المصرية السعودية: مصالح سياسية تُغيِّرها الظروف!
أولاً: بحسب المعلومات التاريخية، وعلى الرغم من ظهور الرفض المصري للإعتراف بحق السعودية بالجزر، فإن الظروف السياسية هي التي كانت تتحكم بالموقف المصري. حيث تُبيِّن الحقائق أن الجانب المصري يعترف ضمنياً بملكية السعودية للجزر. في حين كانت العلاقة الأفضل في عهد الملك عبد الله الراحل، والذي اعتمد سياسة دبلوماسية فيما يخص توجهات الرياض الخارجية.
ثانياً: كانت وخلال الفترة السابقة تطغى على الإتفاقية، ومنذ عهد الرئيس حسني مبارك، معاهدة ضمنية بين الطرفين المصري والسعودي تتعلق بالمصالح الخاصة بينهم، وتنطلق من ضرورة عدم التطرق حينها لموضوع الجزر، خوفاً من امتناع الكيان الإسرائيلي عن الإنسحاب من طابا بحجة عدم وجود حاجة لإدراج الإنسحاب الإسرئيلي من الجزر في اتفاق كامب ديفيد لأنها أراض سعودية.
مصر الجديدة في عهد السيسي: كيف تغيرت الظروف اليوم؟
بين الماضي والحاضر المصري تغيَّرت ظروف ومصالح مصر. وهو ما يمكن تبيينه في التالي:
أولاً: تعاطى الجانب المصري مع قضية الجزيتين ضمن سياسة ابتزاز السعودية. حيث وعلى الرغم من أن الخبراء يُشيرون الى اعتراف مصر ضمنياً بملكية السعودية للجزر، عملت مصر على جعل هذه الورقة ملفاً للإبتزاز من خلال دفع الرياض نحو تقديم بديل عن الجزر.
ثانياً: وجدت الرياض من جهتها أن مصالحها تقتضي مراعاة الجانب المصري، والعبور إليه من خلال أزمته الإقتصادية. الأمر الذي أثار اهتمام الرئيس المصري، فكان التنازل العلني عن الجزر ضريبة سياسية مقابل الكم الهائل من الإستثمارات السعودية التي هدفت لإنعاش الإقتصاد المصري. والتي من المتوقع أن تصل الى أكثر من 18 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، الى جانب تطوير السعودية لشمال سيناء وتزويد مصر بالطاقة عبر قروض طويلةة الأجل.
لماذا تُعتبر تل أبيب المستفيد الأكبر؟
بناءاَ لما تقدم يمكن لحاظ التالي:
أولاً: لم تكن الجزر يوماً محط إصرارٍ رسمي مصري بل كانت ورقة للمساومة، لم تُراعِ خيارات ورغبة الشارع المصري، وبقيت محط اتفاقٍ مصرري سعودي يُراعي المصالح والظروف.
ثانياً: باتت الجزر اليوم ملفاً مشتركاً للتعاون المصري السعودي، الأمر الذي تستغله السعودية لإبتزاز مصر سياسياً مقابل استفادة القاهرة إقتصادياً وهو ما يُعتبر قمةً في استغلال شريان الحياة لدى الشعب المصري.
ثالثاً: بين الطرفين يقف الجانب الإسرائيلي، قلقاً على مصالحه، الأمر الذي تختصره مسألة حرية المرور في البحر الأحمر. لكن الحقيقة تقول أنه لم يعد على تل أبيب أن تقلق، فمن يحكم السعودية بات شريكاً لتل أبيب، وليس من يحكم مصر جمال عبد الناصر. لنقول أن عودة الجزيرتين الى السعودية يعني ارتياح تل أبيب للمستقبل المتعلق بهذه الجزر، وهو أحد الضرائب التي تدفعها شعوب المنطقة وتحديداً الشعب المصري، رضوخاً لمصالح الأنظمةة العربية المتواطئة مع السياسة الأمريكية.
الخلاصة
لا شك أن مصر جمال عد الناصر، ترفض سياسة الإبتزاز السعودية والتي يبدو أنها باتت تلقى قبول بعض الساسة المصريين. وهو ما يُعتبر سبب التمرد الشعبي المصري. لكن الأمر اللافت هو مسارعة السعودية ومسؤوليها لطمأنة الكيان الإسرائيلي. وهو ما عبر عنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لناحية تصريحه بأن السعودية ستفي بجميع الإلتزامات التي وقَّعت عليها مصر فيما يتعلق بحرية المرور. في حين يُشير البعض الى أنه ليس من الضروي، التخوف من الموقف السعودي، في ظل ارتياحٍ للتعاون المشترك بين تل أبيب والرياض. وهنا لا بد من انتظار ما ستؤول له الأمور على مستوى انعكاسات ما يجري من الناحية الجيوسياسية.
لقد أمعنت الأنظمة العربية في مراعاة مصالحها على حساب شعوبها. وصولاً الى أن أصبحت تعمل لصالح الكيان الإسرائيلي. وهو ما يجب الوقوف عنده، لما بات يُشكل خطراً على توجهات وخيارات شعوب المنطقة.
المصدر / الوقت