الجيش اللبناني يوجه ضربة استباقية للإرهاب ويؤكد أن قوة لبنان في قوته
مرة جديدة يثبت فيها الجيش اللبناني أنه على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه، ويؤكد ومن خلال ضربات أمنية استباقية للإرهاب على مستوى جهوزيته الأمنية وإحاطته المعلوماتية بكل ما يجري على الساحة اللبنانية من خطط ومؤامرات تهدف لضرب الاستقرار والوحدة الداخليين.
فقد نفذت وحدات خاصة من الجيش اللبناني مداهمات مفاجئة فجر اليوم الجمعة لمخيمات اللاجئين السوريين في بلدة عرسال البقاعية المحاذية للحدود السورية، مداهمات أسفرت عن توقيف أكثر من 300 شخص بينهم مطلوبين خطرين من إرهابيين لهم صلة باعتداءات داخل لبنان ومنهم من تسبب في أوقات سابقة بمقتل ضباط وعناصر من الجيش اللبناني.
هذه المداهمات كانت استثنائية بكل المعايير، مؤكدة صوابية قرار الجيش والتوقيت الدقيق لهذه العملية التي تخللها تفجير خمسة إرهابيين أنفسهم في مواجهة عناصر الجيش مما أدى لمقتلهم وجرح بضعة أفراد من الجيش اللبناني حالتهم جيدة.
ما حصل إذا ليس حدثا عابرا بل لديه أبعاد ودلالات مهمة، فالجيش اللبناني أكد وبشكل قاطع على أنه مستمر بتوجيه ضرباته للإرهاب الذي يحاول التسلل من الداخل السوري، كما أكد على أنه قادر على اجتثاث الإرهاب وتوجيه ضربات مؤلمة له.
وما حصل يؤكد للشعب اللبناني أن الإرهاب لا يزال يشكل تهديدا حقيقيا لهم، وأن الحاجة لهذه الضربات الاستباقية حتمية في ظل استمرار الأزمة السورية. حيث تسعى بعض الجهات السياسية في الداخل وهي معروفة الانتماء لتوجيه الانتقادات للأجهزة الأمنية اللبنانية والجيش والمقاومة مطالبة بالنأي بالنفس عن الملف السوري الذي لا يشكل خطرا على لبنان وأهله حسب رأيهم.
الأمر الآخر هو أن هذه العملية أتت في توقيت متزامن مع إعلان العراق عن تحرير مدينة الموصل بالكامل، وبذلك أراد الجيش اللبناني أن يقض مضجع الإرهاب الكامن في جرود عرسال حتى لا يكون لبنان واحدا من خيارات الدواعش الفارين من المدينة العراقية المحررة.
ومن الأمور اللافتة في هذه العملية هي ضبط مواد كيماوية يمكن استخدامها في الإعداد لهجوم كيميائي في الداخل السوري، وهذا إن أكد على شيئ فهو يؤكد على أن الإرهابيين لا يزالوا يخططون لعمليات إجرامية بالتنسيق مع دول في الإقليم بهدف توريط النظام السوري واتهامه باستخدام أسلحة كيماوية على غرار الهجمات الماضية والتي كان آخرها خان شيخون. ويؤكد أيضا أن الإرهابيين الموجودين في جرود عرسال إنما يخططون ويجهزون انطلاقا من أراض لبنانية لتوجيه ضربات في الداخل السوري وهذا الأمر يفند ادعاء بعض الأطراف السياسية اللبنانية أن الأزمة السورية غير مرتبطة بلبنان بالمطلق.
كما تؤكد نتيجة هذه العملية على القدرة المعلوماتية القوية للجيش اللبناني فالضربة جاءت بناء على معلومات عن نية تخريبية تبينت صحتها من خلال ما أوقفوه من عبوات ناسفة والانتحاريين الذين فجروا أنفسهم والأسلحة والعبوات والمواد الكيماوية المضبوطة.
طبعا تسعى بعض الأطراف الداخلية اللبنانية إلى توجيه سهامها للجيش اللبناني والتشكيك في قدراته العسكرية والمعلوماتية التي ثبت أنها على مستوى التحدي.
في التوقيت أيضا تأتي هذه العملية تأتي عشية الذكرى الثالثة لمواجهات عرسال في آب اغسطس 2014م وهي مقدمة لعملية أكبر يجري التحضير لها منذ مدة كما أكدت المصادر الأمنية اللبنانية لاجتثاث أي وجود لمسلحين وإرهابيين في بلدة وجرود عرسال.
هذه الخطوة الجبارة من قبل الجيش تؤكد على ضرورة اللحمة اللبنانية الداخلية، والالتفاف حول الجيش اللبناني وتأمين القرار السياسي الحازم لتأمين الغطاء اللازم لضرب الإرهاب، خاصة أنها الفرصة الأفضل لهكذا خطوة بسبب الضعف في جسم الجماعات الإرهابية على كامل المساحة السورية والتشرذم الواضح بسبب الخسائر التي يتكبدها تنظيم داعش الإرهابي إن في العراق أو في سوريا ناهيك عن أن هذه الضربة الاستباقية الليلة قد قضّت مضجعهم الذي كانوا يعتبرونه آمنا حتى ليل أمس.
هذه الخطوة تؤكد أن قوة لبنان في قوته ولم تكن يوما في ضعفه حسبما يحلو لبعض السياسيين القول، فلولا هذه الضربة الاستباقية لكان يجب أن نتوقع عمليات انتحارية وإرهابية تضرب وسط بيروت والمناطق اللبنانية الآمنة. ولكن وضمن معادلة الشعب والجيش والمقاومة تمكن لبنان من تخطي امتحان مهم فجر اليوم على أمل استكمال هذه الخطوة بخطوات أكثر حزما من أجل تحصين الساحة الداخلية أكثر.
المصدر / الوقت