اضاءات على رسالة الدكتور على المؤمن
الاخ العزيز الدكتور علي المؤمن دام موفقاً اطلعت على مقالتكم التي اجبت بها سؤال الاخت زينب البصري حول خلفيات انتماء بعض الشباب الشيعي الى جماعات اسلامية سنة .
سيدي الكريم عودتنا على حصافة الراي ودقة المتابعة وغزارة الانتاج وحماية المسيرة بتدوين تاريخ الحركة الاسلامية .
واعتقد ان الجواب الذي اجدت به هو عبارة عن اثارات في اجواء الاجابة وان هذه الاشكالية تجاوزت واقع الدعوة بعد الاصطفاف الطائفي الذي يشهده العالم الاسلامي والوجود الشيعي في العراق وانها انتقلت من الاسلامية العامة الى المذهبية بسبب الظروف التي يشهدها الواقع وحتى الدعاة الذين لديهم افق اسلامي اوسع من المذهبية الظروف الضاغطة جعلت مواقفهم وخطابهم ومشاعرهم واهتمامهم ومبادراتهم ومشاركاتهم وحضورهم مذهبي يعبر عن الوجود الشيعي السياسي بكل تفاصيله .
فالجدلية ان الدعوة اسلامية او مذهبية التي طرحت عام 1963 قد اختفت عملياً وان كان الفكر المؤسس للدعوة ذو طابع اسلامي بحت ولم يقترب من المذهبية والطائفية ودونك ثقافة الدعوة التي لم اجد فيها نصاً واحداً يشير الى الخصوصية المذهبية وكذا كتب الشهيد محمد باقر الصدر في الفكر الاسلامي كانت اسلامية .
اما شبهة تأثير الدعوة في فكر الاخوان وانها متأثرة بالسنة التي روج لها بشكل واسع صدر الدين القبانجي في اكثر من مقال وخطاب حتى اصبحت احدى المفردات في اجواء التنافس في المهجر بين الدعوة والمجلس وحاول الشيخ الكوراني تركيزها في نقد فكر الشهيد الصدر الذي عبر عنه فكر التقاطي وهذه القضية تثار بين فترة واخرى ولي بعض الملاحظات والاضاءات على ما جاء في ورقتكم .
1- ان الدعاة الذين خرجوا من حزب التحرير شاركوا في تأسيس الدعوة وهناك راي بانهم هم الذين اثاروا فكرة العمل الحزبي في الوسط الشيعي وانقل نص من ثقافة الدعوة نشرة (توضيح بعض المسائل التنظيمية مبحث نشوء الدعوة فقرة خلفية ابتداء الدعوة) ثقافة الدعوة ج3 ص272 طبعة دار الهدى في ميسان .
(ومن ظواهر طهارة النفوس ان الذين عملوا لتحريك المتحسسين من الحوزة بسبب الهزة السياسية وجمعهم مع المتفهمين للاوضاع من اصحاب الممارسات العملية هم الذين كان لديهم تحسس سابق على الهزة السياسية ودفعهم الى التفتيش عن عمل يشبع رغبتهم في اداء الخدمة العامة للامة والمجتمع ويرضي فهمهم للاسلام وكانت لديهم عدة محاولات في العمل العام يتقدمون فيها خطوة ويتأخرون اخرى لعدم وضوح طريق العمل لديهم وكان اخرها هذه الاتصالات والمسعى الذي نتجت عنه مسيرة الدعوة الظافرة وبمجرد ان نجحوا في جمع مجموعة ابتدأت سيرها تواروا الى الخط الثاني من العمل انها ظاهرت الحس الاسلامي النقي ظاهرة النفوس السامية الطاهرة .)
وان تفكيك هذا النص فيه من الدلالات التي قد يستنبط منه بعض الحقائق التاريخية في مسيرة الدعوة ويظهر ان اصحاب الممارسات العملية وابرزهم الشهيد محمد هادي السبيتي والدكتور جابر العطاء هم من تواروا الى الخط الثاني .
2- ان الانتماء كان عن وعي وارادة وفهم وليس سبب السن وذلك ان تجربتهم ومشاركتهم في تأسيس الدعوة وهم باعمار الشباب لم تكن ارتجالية او نتيجة تطور بالتفكير وانما فيما درجة من الوعي والالتزام بثوابت العقيدة الشيعية الامامية التي دفعتهم للخروج من حزب التحرير .
3- ان تركهم لحزب التحرير خاصة كان قبل تأسيس حزب الدعوة وانهم شاركوا في التأسيس .
ونعود لاجواء المهجر الذي اثيرت فيه هذه القضية في عام 1996 ارتفعت اجواء الدعاية المضادة التي كان يقودها السيد صدر الدين القبانجي والشيخ فاضل المالكي وكان السيد القبانجي مسؤول دائرة التبليغ الاسلامي في المجلس الاعلى ويصدر جريدة المبلغ الرسالي كتب فيها عدة مقالات تتركز على هذه القضية فكتب الشهيد عز الدين سليم رداً جاء فيه انقله بما علق بالذاكرة اما نص الرد فيحتفظ به الدكتور ياسر عز الدين .
وهو بعد ان انتمى مجموعة من شباب الشيعة الى حزب التحرير واصبح بعضهم اعضاء في مجلس امارة العراق – حسب تعبير ادبيات حزب التحرير – وكانت الثقافة المركزية لحزب التحرير كتابات الشيخ تقي الدين النبهاني فطرح مشروع الخلافة التي تمثل متبنى حزب التحرير في شكل نظام الحكم في الاسلام وناقش فيها ادلة النص والشورى والامامة والخلافة وقام برد حيث الغدير كأحد الادلة للامامة وناقش دلالة الحديث واثبت عدم نهوضه بالاستدال على الامامة .
وكان حزب التحرير يتلقى كتابات النبهاني كما يتلقى الدعاة نشرة (صوت الدعوة) باهتمام فلما اطلع شباب الشيعة على كتاب الخلافة كتبوا رسالة جماعية للاستقالة من حزب التحرير وذلك لان انتماءهم كان بدافع العمل الاسلامي في اطار الفكر الاسلامي العام ولما دخلت القضية المذهبية واحدى الاسس والمتبنيات في ثقافة الحزب انسحبوا وكان عددهم خمسة وعشرون منهم محمد هادي السبيتي وجابر العطا والسهيل السعد وعبد الغني الشمري وعبد الحسين شحتور والحاج حسن وحسين العامري وعارف البصري ومحمد مهدي السبيتي وغيرهم .
ولم يكتفوا بالرسالة والاستقالة الجماعية وانما كتب الشهيد عارف البصري دراسة سماها الغدير في اثبات النص ووضوع الدلالة على امامة امير المؤمنين (ع) انتهى كلام عز الدين سليم .
وهم الذين حركوا الاجواء لايجاد حزب اسلامي شيعي كما جاء في النص اعلاه .
علماً ان قضية انسحابهم من حزب التحرير حصلت بعد عام 1953 حيث ان ثقافة حزب التحرير ومنها كتاب الخلافة جمعت وصدرت في نهاية عام 1953 بعنوان الشخصية الاسلامية في ثلاثة مجلدات وتحمل عنوان منشورات حزب التحرير وبحث الخلافة في المجلد الثاني الصفحة (13 الى 102) لديه نسخة منها ظفرت بها عام 2004 عن طريق الصدفة في شارع الرشيد .
4- سيدي المبجل ان ثقافة الاخوان اسلامية ولم تقترب من المذهبية عدى ما كتبه الشهيد عبد القادر عودة في كتابه (الاسلام ودسائس الاستعمار) الذي لم ينصف فيه الامام علي (ع) ويشكك في صحة بيعته لانها اتت اثر فتنة مقتل عثمان اما منشوراتهم الحزبية المتمثلة برسائل حسن البناء وكتابات مفكريهم لم يطرح فيها القضايا الخلافية وكانوا من دعاة الوحدة الاسلامية وان الظروف التي نشأت بها الحركة الاسلامية السنية والشيعية قد تغيرت وانت ذو الاطلاع والفهم بذلك .
5- لم تكن الطائفية ظاهرة في اوساط الحركة الاسلامية العالمية في تلك الفترة وان عبد السلام عارف كان طائفياً ولم يشكل تحول لدى الحركة الاسلامية وانما استمرت بالافق الاسلامي وقد تشكل وفد عام 1967 من حزب الدعوة يمثله الدكتور داود العطار والسيد عدنان البكاء واعضاء من حزب التحرير والاخوان المسلمين في العراق للاطلاع والتنسيق مع الحركة الاسلامية العالمية فزاروا إندونيسيا والهند وباكستان وايران والشام ومصر لكن التحول بداء بعد انتصار الثورة الاسلامية وظهور ثنائية السعودية وايران صدر من البلدين كتب ودراسات تدرس قضايا الخلاف حتى برزت احياء تراث الخلاف بكل تفاصيلها ونشطت حركة الدعوة لمذهب اهل البيت في العالم السني والاستجابة الواسعة له وحصل احتكاك وتصادم في الميادين التي تحرك فيها الشيعية والسلفية فظهرت ثنائية للتشيع والسلفية في الساحة وتعمقت الهوة والاخلاف التي انعكست على طبيعة الحركة الاسلامية وظهرت المفارقة فلم تعد الدعوة اسلامية ولا الاخوان اسلامية اهمية وانما الظروف الضاغطة بعد 2003 تركت اثارها في الممارسة وان لم تأخذ طريقها للفكر اما حزب التحرير فهو طائفي فقد قال السيد العسكري ان النبهاني طائفي ووصفة بهذه العبارة (لو تغوط عمر بن الخطاب لكان النبهاني) .
واخيراً ان خروج الشباب من حزب التحرير كان قبل تأسيس الدعوة بسبب فكر النبهاني الطائفي اثر كتاب الخلافة ومنهم من شارك في تأسيس الدعوة والتحقوا من تبقى جميعاً بعد اعلان التأسيس ولكم خالص الود والاحترام والاعتزاز .
حسين جلوب الساعدي
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق