التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 27, 2024

لقاء العبادي مع قيادات الحشد: الرسائل الإقليمية والدولية 

رسائل عدّة حملها لقاء رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مع قيادات الحشد الشعبي. اللقاء مع ابو مهدي المهندس وقادة الحشد يأتي بعد أيام على إعلان العبادي انتصار الموصل على الإرهاب الداعشي ويحمل رسائل على أكثر من صعيد تبدأ بالإقليم، ولا تنتهي بما بعد الإقليم.

وتكمن أهميّة هذا اللقاء كونه يتزامن مع هجمة إقليمية ودوليّة تهدف إلى تقويض دور هذه القوّات في مرحلة ما بعد داعش، إضافةً إلى المطالبات بحلّ هذه القوّات التي تشكّلت بناءً على فتوى المرجعيّة الدينية.

اللقاء مع قيادة الحشد وآمري التشكيلات ومدراء المديريات والصنوف أبعد من استراتيجي، واللافت أن وحدة فصائل الحشد في الميدان انعكست على قياداته في اللقاء لناحية تقاسم الأدوار والأداء في نسف الادعاءات والأكاذيب التي تسهدف هذه المؤسسة العسكرية والأمنية العراقيّة، التي تشكّل سنداً كبيراً للجيش، وفق العبادي.

ما بين سطور اللقاء كشفت جانباً واسعاً من هذه الرسائل، ويمكن الإشارة إليها في جملة من النقاط، نذكر منها:

أوّلاً: يعدّ هذا اللقاء بمثابة التكريم لقيادات الحشد الذين لبّوا نداء المرجعية الدينية للدفاع عن الوطن، ما أفضى إلى انتصار أبهر العالم. الانتصار ليس للحشد فحسب، ولا حتّى لبقيّة المؤسسات العسكرية والأمنية، بل وليس للعراقيين فحسب، بل لكل شعوب العالم، إلّا أن لقوّات الحشد، الشهداء والجرحى والمقاتلين بصمة واضحة في إعادة العراق إلى مرحلة ماقبل العام 2014، الاحتلال الداعشي. العبادي بحث معهم الاستعدادات للمعارك المقبلة وخطط انهاء داعش في جميع أراضي العراق، مستعرضاً الإنجازات العسكرية التي تحققت في نينوى، ودور الحشد الشعبي فيها.

ثانياً: إن وحدة فصائل الحشد الشعبي أفضت إلى المشهد العراقي القائم، هذا ما أشار إليه العبادي عندما اعتبر أن الانتصارات التي تحققت بأنها جاءت نتيجة الوحدة والتضحيات، فيما اكد أن الحشد باق وهو جزء مهم وساند للمنظومة الأمنية. إشارة العبادي إلى أنّ “الحشد باق وبقانون، كما أنه جزء مهم وساند للمنظومة الامنية ويجب حمايته”، تأتي رداً على كافّة المطالبات السابقة إقليمياً ودولياً بضرورة حلّ هذه القوّات. رئيس القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية، الجنرال ستيفين فوتيل، أعلن في وقت سابق أن “وجود أكثر من 100 ألف عنصر من المليشيات الشيعية يثير قلقا كبيرا” ، وبالتالي فإن كلام العبادي رسالة واضحة لأصحاب المشاريع التي تستهدف الحشد.

ثالثاً: البعض أدرك أن مطالبات حلّ الحشد، لاسيّما بعد القانون، باتت أمراً مستحيلاً، لذلك عمد إلى إيهام الرأي العام بأن قرار الحشد مستقل عن قرار القائد العام للقوّات المسلّحة في خطو تهدف إلى إيجاد نوع من الفتة والشرخ. الرد جاء على لسان قيادات بارزة في الحشد، ففي حين أكّد أمين عام منظمة بدر هادي العامري أن “قوة الحشد بقوة الدولة”، اعتبر أمين عام حركة عصائب اهل الحق قيس الخزعلي الى أن “الحشد يدافع عن العراق كله وهو تحت امرة القائد العام للقوات المسلحة”. بدا واضحاً التنسيق بين قيادات الحشد في دفع كافّة الاتهامات والمحاولات التي تستهدفه. العبادي أكّد على هذه الخلاصة داعياً للحفاظ على النصر ووحدة الكلمة، مشدّداً في الوقت عينه على أن الحشد الشعبي مؤسسة أمنية “أساسية” و”حيادية”. وقد خاطب العبادي ضيوفه بالقول: “بكم تحققت هذه الانتصارات وبفضل جهودكم وانسجامكم والتنسيق العالي”، مؤكدا “الحاجة إلى الحشد الشعبي لزمن طويل لأن التحديات التي تشكل بموجبها الحشد بعد فتوى الجهاد الكفائي مازالت قائمة ونتوقع أن تستمر لسنوات”.

رابعاً: من لم يستطع إثبات ادعائه في خروج الحشد عن قرار القائد العام للقوات المسلّحة، وهو ما ثبت بطلانه مع وصول هذه القوّات إلى الحدود العراقيّة السوريّة وعدم توغّلها داخل الأراضي السوريّة بناءً على طلب العبادي، عمد إلى التشويه بسمعة أبناء الحشد، وعدم انضباطهم، فضلاً عن رمي التهم نحوهم بدعم إعلامي، إقليمي ودولي واسع، سعوا من خلاله لتضييع انتصار الموصل تحت ذرائع انسانيّة واهية. اللافت أن هذه النقطة لم تفت العبادي الذي أظهر اليوم حاجة الحشد للعراق، والعراق للحشد، مشيدا بانضباط القوات التي شاركت بتحرير الموصل. هذه الإشادة ستنزل ناراً وشنّاراً على الكثيرين الذين حاولوا بكل الوسائل، المشروعة وغير المشروعة، النيل من قوّات الحشد وسمعته لدى العراقيين على مختلف اتنماءاتهم الدينية والمذهبية والقوميّة.

في الحقيقة، رسم هذا اللقاء استراتيجة الحشد الشعبي في الاستراتيجية العراقية، بدءاً من أن الحكومة العراقيّة ستحتاج الحشد لزمن طويل، أي أن الرهان على حلّه باتت ساقطة، مروراً بأن قرار الحشد العسكري بيد القائد العام للقوات المسلّحة وفق قانونه، وليس انتهاءً بوحدة هذه الفصائل وحاجتها وحاجة العراق إليها.

قد تسقط الرهانات الإقليمية والدولية بعد هذا اللقاء، إلا أن أصحاب هذه الرهانات لن يكلّوا ولن يملّوا حتى إعادة العراق إمّا للاحتلال الأمريكي أو الداعشي. ولكن في حال سقطت أم لم تسقط فإن الخلاصة واضحة الحشد باقٍ ما بقي العراق.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق