التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

بخلاء الجاحظ.. قراءة حديثة 

ثقافة ـ الرأي ـ

انتهج الباحث عدي عدنان محمد منهجي بروب وغريماس في قراءة بخلاء الجاحظ، هذه الدراسة التي انطلقت بعد إكماله بحثا صغيرا في أثناء دراسته الماجستير، وكان من أسباب اشتغاله على كتاب الجاحظ رغبته في بعث جزء من التراث العربي برؤية حديثة، والبحث عن قيمة هذا الكتاب وعبقرية عصره، وبسبب قلة الدراسات السردية العربية التي تناولت الجاحظ، ومن ثمَّ غنى كتاب البخلاء وثراؤه.

 

ويبين محمد في مقدمة كتابه “بنية الحكاية في البخلاء للجاحظ” ان بخلاء الجاحظ لايخلو من صعوبة بالنسبة للدارس، لاسيما إذا كانت دراسته تقوم على منهجين غربيين يحملان ثقافتين مختلفتين عن الثقافة العربية، فبروب يمثل الثقافة الروسية، وغريماس يمثل الثقافة الفرنسية، ومن ثم فإن فهم التراث في ضوء ثقافة مغايرة قد يخضع ذلك التراث إلى قوالب جاهزة في حالة عدم مراعاة هذه الفروق”.

 

قسم الباحث كتابه إلى ثلاثة فصول وتمهيد، ناقش في التمهيد منهجي بروب وغريماس وأهم المصطلحات التي قوم عليها هذا المنهج، وخصص الفصل الأول لدراسة مكونات الخطاب السردي، متمثلاً بالسارد والمسرود والمسرود له، ورصد تفاعلها وما ينتج عنها من علاقات تسهم في نسج الخطاب وتكوينه. وقد قسم الشخصية إلى عدة مستويات، منها عام، لا يهتم بذات الشخصية المنجزة للفعل، بل بالأدوار التي تقوم بها، تلك الشخصيات كانت على أنواع: المرجعية والاحترازية والتخييلية. ومستوى عام يهتم بالبنيات الصغرى للشخصيات ومن ثمَّ قراءة بنية العوامل (الشخصيات)، وعلاقتها ببعضها من جهة، وبالعناصر الأخرى المكونة للبنية السردية.

 

ودرس في الفصل الثاني عناصر البناء السردي المتمثلة بالزمان والمكان والحدث، فعرف بكل عنصر وأنواعه حسب مناهج بارت وتودوروف وجينيت، وطبقها على بخلاء الجاحظ، دارساً البنية الوظيفية (الفعل– الحدث)، فللفعل الذي تقوم به الشخصيات ضرورة في بنية الحكاية؛ لأنه من خلال بناء الأحداث وتركيبها وعلاقاتها مع العناصر الأخرى تتكون الحكاية، متناولاً أنماط الوظائف ودلالاتها، وطرق الربط بين هذه الوظائف.

 

أما الفصل الثالث فقد تناول فيه الباحث البناء السردي ووسائله، متحدثاً عن السرد الذاتي والموضوعي، ومن ثمَّ الرؤية السردية والوصف والحوار، مشتغلاً على بنيتي الاتصال والانفصال الزمكانية بوصفهما يمثلان عنصرين أساسيين في البنية الحكائية.

 

يستعرض الباحث عدي عدنان محمد في خاتمة كتابه النتائج والمقررات التي توصل إليها بحثه الجديد ، ان الحكايات مرت برحلتي روي مختلفتين، الأولى شفاهية على لسان الرواة في مجالسهم العامة، ومن ثم المرحلة التدوينية التي حفظت هذه الحكايات من الضياع، ومن ثم وصلت إلينا. النتيجة المهمة التي نوضحها هنا، تنوع حكايات البخلاء في الشكل والمضمون، فمن ناحية الشكل تحتوي على حكايات إطارية ، أي” تحتوي في داخلها على حكايات تضمين وتنضيد”، وهناك الحكاية المفردة، أما من ناحية المضمون، اتخذت أنواعا عديدة، منها بحسب فكرة الراوي إذا كان معارضا لفكرة البخل أو مؤيدا لها، وحكايات تدور مضامينها حول البخل بوصفه مذهبا فكريا له معتنقوه ولهم مجالس خاصة، وهناك البخل بوصفه طبعا عند بعض الناس، فضلا عن مضامين تعرض لأساليب البخل، وإظهار مساوىء البخل وأضراره.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق