التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

ماتيس في أنقرة.. هل ولىّ زمن صناعة الحدث أمريكيا؟ 

الشرق الأوسط وما تعنيه هذه المنطقة الاستراتيجية لأمريكا منذ عقود باتت ساحة ردة فعل بدل أن تكون صناعة الحدث فيها أمريكية، هذا الأمر تؤكده مجريات الميدانين العراقي والسوري إضافة إلى خارطة التحالفات الجديدة التي تُفرزها إنجازات المحور المعادي لأمريكا والذي يتقدم دون هوادة باتجاه تطهير كامل الأراضي العراقية والسورية من دنس الإرهاب بكافة أشكاله.

في خضم هذه الأحداث وبعيد أيام على الزيارة التاريخية الناجحة التي قام بها رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية إلى تركيا اللواء محمد باقري والتي تكللت بالنجاح وباتفاق على رفع مستوى التنسيق والتعاون الأمني والعسكري في ملف مكافحة الإرهاب، تأتي زيارة لوزير الدفاع الأمريكي “جيمس ماتيس” إلى أنقرة لتؤكد عدة أمور قد يكون أهمها أن زمن صناعة الحدث أمريكيا قد ولى وبدأ زمن ردة الفعل بالنسبة للعم سام.

هذه الزيارة تسابق أيضا زيارة رئيس الأركان العامة الروسي “فاليري غيراسيموف”. فعلى الرغم من التوتر القائم بين أنقرة وواشنطن على خلفية دعم الأخيرة لـ”وحدات حماية الشعب التركي” التي لا تميز تركيا بينهم وبين حزب العمال الكردستاني المحظور والمحارب من قبل الأكراد. إلا أنه يبدو أن واشنطن تخشى من خسارة حليف أساسي لها كتركيا ولذلك فإن زيارة ماتيس تأتي لتقييم أضرار الزيارتين التين سبقتاه ولمحاولة لملمة الخلاف مع أنقرة والبحث في إمكانية إعادة المياه إلى مجاريها.

من المتوقع أن يركز ماتيس خلال زيارته لأنقرة على الحلف الاستراتيجي الذي يجمع بين الطرفين، وعلى أهمية استمرار التعاون والتنسيق في ملف مكافحة الإرهاب، ولكنه سيتحاشى الخوض في الملف الخلافي الأهم وهو الأكراد. أما الأتراك فسيؤكدون على هذا الملف وسيسمعون الضيف الأمريكي ما لا يود سماعه عن عداوتهم وموقفهم من الأطراف الكردية ورفضهم بشكل قاطع أي نوع من المهادنة مع أطراف تعود عداوتهم إلى ثلاثة قرون مضت.

إذا هي محاولة أمريكية ستتكلل بالفشل حتما لاستعادة ثقة أنقرة المفقودة. فتركيا وبناء على تجربتها الطويلة مع الأمريكيين باتت على ثقة كاملة أن واشنطن لا يمكن أن تتخلى عن الورقة الكردية التي لطالما استثمرت فيها أمريكا ولا زالت وهذا واضح في الميدانين العراقي والسوري.

كما أنها محاولة لفرط عقد الحلف الثلاثي الذي بدأت تظهر معالمه ومفاعيله في الميدان وهو المتمثل اليوم بالتقارب الروسي التركي الإيراني. حيث أن الأيام الأخيرة شهدت حراكا بين الأطراف الثلاثة أوصلت لاتفاق ضمني حول آلية العمليات الحربية المزمعة لتحرير مدينة ادلب السورية من أيدي التنظيمات الإرهابية المسلحة.

إذا زمام مفقود يحاول ماتيس مجددا الإمساك به، ولكن الأحداث والتطورات الميدانية المتسارعة إضافة إلى التقارب الجديد بين الروس والأتراك والإيرانيين يؤكدان أن الأمور خرجت عن سيطرة الأمريكي ولم يعد بالإمكان سوى التأقلم مع هذا الواقع والاكتفاء بردات الفعل التي لا تغير بالمعادلة شيئا.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق