كيف تتكامل معركتا «فجر الجرود» و«إن عدتم عدنا»؟
* تتسارع الإنجازات التي يحققها كل من الجيش اللبناني في معركة «فجر الجرود»، والجيش العربي السوري وحزب الله في معركة «وإن عدتم عدنا»
تتسارع الإنجازات التي يحققها كل من الجيش اللبناني في معركة «فجر الجرود»، والجيش العربي السوري وحزب الله في معركة «وإن عدتم عدنا»، وحيث يقترب كل من الفريقين من تحقيق هدفه بتحرير ما تبقى من أراض حدودية بين البلدين من عناصر «داعش»، وبتسارع فاق كافة التوقعات، لجهة الوقت أو لجهة نسبة الخسائر البسيطة مقارنة مع حساسية المعركة من ناحية جغرافيتها الصعبة، او من ناحية طريقة قتال عناصر التنظيم المعروف بشراسته وخبراته، فإن المعركتين – بالرغم من نفي الجيش اللبناني اعلاميا ورسميا وجود تنسيق مع الطرف الآخر في الجهة السورية- تمثلان مناورة مركبة او مزدوجة لمعركة واحدة.
بداية، تشكل عناصر «داعش» المستهدفة في كل من المعركتين مجموعة واحدة متكاملة بأمرة أمير واحد، وهي تتوزع بين الاراضي اللبنانية والسورية وتقاتل تحت منظومة قيادة وسيطرة واحدة.
من جهة أخرى، قد لا يكون الميدان مشتركا لناحية جغرافية الاراضي، حيث السورية من جهة واللبنانية من جهة اخرى، ولكنه يعتبر بالنسبة لعناصر «داعش» ميدانا واحدا، وقد تم تقسيمه من قبل التنظيم الى ثلاثة قطاعات طولية تمتد من الشرق على تخوم جرود قارة والجراجير والبريج في القلمون الغربي في سوريا، الى الغرب على تخوم جرود القاع وراس بعلبك والفاكهة – عرسال في لبنان، ويبدو من طريقة قتال عناصر التنظيم، اعتمادهم لمدافعة المحاور التي تستند الى السيطرة على محور يتضمن معبراً حدودياً او اكثر مع عدة تلال تتوزع بين الجهتين السورية واللبنانية بهدف مسك وتأمين حماية هذه المعابر، وحيث تشكل كل من معابر الزمراني ومرطبيا ووادي ميرا عماد هذه المحاور الطولية، تفترض مهاجمتها وبطريقة فعالة، مناورة واحدة متكاملة منسقة في الأهداف والمراحل والخطوط والتوقيت.
بعد انتهاء المرحلة الثانية من مناورة الجيش اللبناني، والتي حُرر في نهايتها أغلب نقاط تمركز «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة – عرسال، وذلك حتى بداية التخوم الغربية لمنحدرات التلال التي تمتد مباشرة شرقا باتجاه الحدود – فإن تحضره لمهاجمة هدفي المرحلة الثالثة الأساسيين، الأول شمالا في عقبة ومغارة الكاف وشعبة الكيف، وجنوبا في ما تبقى من مواقع «داعش» غرب معبر مرطبية وغرب معبر سهل خربة الحمام – يفترض الإستفادة القصوى من سيطرة حزب الله «داخل الأراضي السورية» على مرتفعات قرنة فجلون شمالا وقرنة شعبة عكو جنوبا، ومن نيران الدعم التي يستطيع تقديمها من تلك القرنتين الحدوديتين الحاكمتين، وحيث تشرفان على اهداف المرحلة الثالثة والاخيرة للجيش اللبناني والمذكورة اعلاه، يقتضي ذلك تنسيق النيران والحركة بين الجهتين بشكل كامل ومتوازن حسب ما تفترضه اية مناورة هجومية.
ومع تقدم الوحدات من الجهتين، ووصولهما تقريبا الى الحدود المشتركة، حيث بدأت تضيق المسافة بين الأهداف النهائية لكل من معركتي «فجر الجرود» و«وإن عدتم عدنا» – اذا اعتبرنا ان هذه الاهداف النهائية هي مواقع «داعش» المنتشرة على الاراضي والتلال الحدودية – بدأت الحاجة الى تنسيق الدخول على هذه الاهداف ومهاجمتها تفرض نفسها من الناحية العسكرية والميدانية، وحيث يصعب على كل من الطرفين منفردا تحديدها بشكل كامل لفصلها ومهاجمتها، لا بد من فرزها وتخصيص الوحدات المهاجمة لها، أولاً لتلافي حصول اصابات بنيران صديقة حيث الحدود تتداخل بشكل عشوائي وغير واضح، وثانيا للاستفادة الفعالة من نيران الدعم الجوي والمدفعي، والتي طبعا يحتاجها كل من الطرفين وبشكل مكثف على تلك الاهداف التي هي حكما ستكون شديدة التحصين.
بكل الاحوال، وبمعزل عن اشكالية التنسيق من الناحية السياسية والإعلامية فقط، دون النواحي الأخرى وخاصة العملانية، والتي تسير بشكل ضمني ومستنتج ومستخلص وواقعي، فإن معركتي «فجر الجرود» و«وإن عدتم عدنا» تسيران بالطريق الثابت والواضح والقريب لتحرير كامل ما تبقى من اراض لبنانية وسورية من الارهاب، وسيكون عناصر «داعش» فيما تبقى من مواقع قليلة، على موعد قريب مع الاستسلام دون اي شروط او الموت والتدمير .
بقلم : شارل ابي نادر