التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 20, 2024

العلاقات القطرية الإيرانية تخدم التعاون والإستقرار 

جاء إعلان وزارة الخارجية، بعودة السفير القطري إلى طهران لممارسة مهامه الدبلوماسية، تعبيرا عن تطلع الدوحة لتعزيز العلاقات الثنائية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في كافة المجالات من ناحية، وحرصا على علاقات الجوار وزيادة التعاون والاستقرار الإقليمي من ناحية ثانية.

ويقول محللون سياسيون إن هذه الرسالة فهمتها طهران، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أمس، إن إعادة السفير القطري إلى طهران تعتبر قرارا إيجابيا. وأضاف: “سياسة إيران قائمة على أساس تطوير العلاقات مع كافة دول الجوار ونحن مستعدون دوما لتعزيز العلاقات على أساس الاحترام المتبادل وضمان المصالح المشتركة”.. واعتبر أن المنطقة أحوج ما تكون اليوم إلى تعزيز التعاون متعدد الأطراف من أجل احتواء الخلافات الراهنة وتوفير الأرضية الملائمة للتشاور والحوار البناء.

وكما هو معروف فإن الدبلوماسية القطرية مشهود لها عالميا وإقليميا بالهدوء والحكمة، وبالتالي فهي لا تقطع علاقاتها مع أي دولة إلا في ظروف سياسية خاصة، وهو ما حدث مع إيران، فالدوحة سحبت سفيرها من طهران تضامنا مع المملكة العربية السعودية عندما تم الاعتداء على بعثتها الدبلوماسية داخل إيران، وكان هذا القرار ضمن سياق خليجي عام أقدمت عليه معظم دول مجلس التعاون.

تغير المواقف

ولكن بعد قرصنة موقع وكالة الأنباء وبث أخبار كاذبة، وشن حملات إعلامية خالفت كل الأعراف والأخلاق وطبيعة العلاقات الخليجية وقربها الأخوي والشعبي، وكذلك فرض حصار جائر على قطر برا وبحرا وجوا واتخاذ إجراءات لا إنسانية ضد المواطنين القطريين في تلك الدول، علاوة على محاولة تلك الدول إلحاق الضرر بقطر على كافة المستويات وفي كل مكان، لم يكن أمام قطر إلا مجال وحيد عبر إيران لتسيير رحلات الطيران ونقل البضائع والاتصال مع العالم الخارجي. وبالتالي فإن الإجراءات العدائية ضد قطر أزالت حالة التضامن مع السعودية في قطع العلاقات مع إيران، وعلى هذا الأساس لا مبرر لاستمرار القطيعة بين قطر وإيران.

وعلى إثر الحصار، ارتفعت معدلات التبادل التجاري بين قطر وإيران، حيث تشير البيانات إلى أن حجم التبادل التجاري سوف يرتفع إلى 5 مليارات دولار. وصرح مسؤول في شركة المطارات الإيرانية للوكالة ذاتها، أن جميع رحلات الخطوط الجوية القطرية ستعبر من الأجواء الإيرانية نحو أوروبا وإفريقيا. كما أبدى رئيس نقابة مصدري المحاصيل الزراعية في إيران، استعداده لتصدير مختلف المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية إلى قطر عبر 3 موانئ في جنوب إيران، فهي الأقرب بحريا وتستطيع شحن المواد الغذائية إليه في غضون 12 ساعة.

سياسة ثابتة

يضاف إلى ذلك، أن سياسة قطر الخارجية تقوم على أساس الاحترام وحسن الجوار، وعلى هذا الأساس فمن المنطقي أن تكون هناك علاقات طيبة بين قطر وإيران، وهو ما يؤدي إلى استقرار المنطقة برمتها وحل خلافاتها بالطرق السلمية، بدلا من التصعيد والتأزم.

ويرى مراقبون أن قرار عودة السفير القطري إلى طهران سوف يساهم في تحقيق عدة مهمات، منها زيادة التعاون التجاري والاقتصادي في ظل الحصار، كما يساهم في التواصل وحل الخلافات ونقاط الاختلاف في المنطقة بشكل أسرع، دون التفريط في الثوابت أو تغيير المواقف تجاه ملفات المنطقة خاصة الملف السوري.

وبشكل عام، يرى محللون أن قطر انتهجت خطا متوازنا في علاقاتها مع إيران طوال السنوات الماضية، فقد ظلت الدوحة العاصمة الخليجية الأكثر توازنا بين علاقاتها مع إيران من جانب، ومتطلبات العضوية في منظومة مجلس التعاون الخليجي من جانب آخر. ولم تصل الدبلوماسية القطرية في يوم من الأيام إلى حد الخصام ولم تعرف الطرق المسدودة كما حدث مع بعض الدول الخليجية الأخرى.

دور فاعل

ولعبت الدوحة دوراً فاعلاً في مختلف قضايا المنطقة من خلال الدعوة للحوار وحل كافة القضايا والخلافات بين الدول بالطرق السلمية كي تنعم المنطقة برمتها بالأمن والاستقرار. كما أن قطر لم تنأى في علاقاتها مع إيران عن كافة القضايا والملفات الشائكة سواء ما يتعلق بالملف العراقي أو الفلسطيني، وسعت إلى إحداث توازن في كل هذه الملفات بسبب انعكاساتها السلبية على المنطقة التي لم تعد تحتمل مزيدا من الحروب والمواجهات والتدخلات الأجنبية.

وبعد تفجر الأوضاع في سوريا، وقيام طهران بتقديم الدعم المعنوي والعسكري إلى نظام بشار الأسد الذي يقتل شعبه، تراجعت العلاقات بين قطر وإيران بشكل واضح، وإن ظلت اللغة الدبلوماسية الرسمية على حالها تقريبا، لكن مضمون العلاقات تضرر بشكل كبير. وانتقلت العلاقات من الحسنة إلى العادية بنكهة التوتر، تخضع لمعايير الجيرة فحسب، إلى أن جاء الاعتداء على البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران، ما استدعى دول الخليج لاتخاذ موقف جماعي تضامني مع المملكة الجارة عبر سحب السفراء الخليجيين وقطع العلاقات مع إيران. ومع ذلك لن تفرط الدوحة في ثوابتها تجاه الملف السوري، المتمثل في نصرة الشعب السوري ضد نظام بشار الديكتاتوري.

مستقبل العلاقات

وحول مستقبل العلاقات بين البلدين، يرى مراقبون أن الأزمة الخليجية العاصفة تترك آثارها على مجمل العلاقات القطرية الإيرانية بشكل أو آخر، خاصة بعد موقف طهران الداعم لقطر في الأزمة، وذلك عبر مواقف سياسية ضد الحصار وقطع العلاقات معها، وإجراءات عملية لكسر هذا الحصار من خلال فتح طهران مجالها الجوي أمام الطائرات من وإلى قطر، والإعلان عن تخصيص موانئ لتصدير ما تحتاجه الدوحة من مواد غذائية وغيرها. كما سيبقى هذا الموقف الإيراني المساند لقطر واحتمالات تكرار الأزمة الراهنة مستقبلا، حاضرا في حسابات الدوحة، وهو ما يساهم في تعزيز العلاقات لاعتبارات سياسية وجغرافية عديدة.
المصدر / عصر ايران

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق