التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 19, 2024

لماذا تُعد دير الزور منطقة ذو أهمية استراتيجية لمحور المقاومة؟ 

استطاع الجيش السوري وحلفاؤه، لأول مرة منذ بدء الأزمة في هذا البلد، أن ينشر قواته العسكرية في الأجزاء الشرقية من البلاد وبالأخص في منطقة دير الزور الاستراتيجية. وتجدر الإشارة هنا بأن قوات الجيش السوري وحلفائه استطاعوا خلال الفترة السابقة هزيمة تنظيم داعش الإرهابي والقضاء على الكثير من المليشيات المعارضة الأُخرى. ففي السنوات الأولى من هذه الأزمة، تمكنت قوات داعش الإرهابية من الاستيلاء على أجزاء كبيرة من منطقة دير الزور واستطاعوا توسيع أراضيهم على الحدود العراقية. ونظرا لما تتمتع به منطقة دير الزور من أهمية استراتيجية، فلقد أصبحت ذو أهمية كبيرة لمختلف القوى المتصارعة في سوريا. وفي الأشهر الأخيرة، ازدادت هذه الأهمية وأصبحت منقطة دير الزور، ساحة لصراعات اللاعبين الأساسيين المشاركين في هذه الأزمة.

الخصائص الهامة لمدينة دير الزور

دير الزور هي مدينة سورية تقع في شرق البلاد على نهر الفرات وعلى مقربة من الحدود السوريةالعراقية. وهي عاصمة لمحافظة دير الزور، حيث تبلغ مساحتها حوالي 33 ألف كم مربع ويصل عدد سكانها إلى أكثر بقليل من مليون نسمة. و ترجع أهميتها، بالإضافة إلى موقعها، إلى كميات النفط والغاز الموجودة في أراضيها والى محطات تجميع النفط ومعالجة وضخ الغاز عبر شبكة الأنابيب الوطنية السورية، وهذا جعلها محط أنظار القوى الإقليمية والدولية ومنحها موقعا بارزا في استراتيجيتها في سوريا. وتجدر الإشارة هنا بأن غالبية السكان في هذه المنطقة وخاصة في النواحي الجنوبية من المحافظة، هم من العرب السنة، ويعيش في هذه المنطقة أيضا الكثير من الأكراد السوريين. كما أن هنالك أقلية شيعية تعيش في قرى الحطلة التابعة لمحافظة دير الزور.

الأهمية الاستراتيجية لدير الزور في معركة المعابر

على مدى الأشهر الماضية، حاولت الولايات المتحدة والقوات الداعمة لها في سوريا، تحسين وضعهم الضعيف في ساحة المعركة. ومن المهم جدا بالنسبة للولايات المتحدة أن تبقى المناطق الاستراتيجية المحررة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، الواقعة على الحدود المشتركة بين سوريا والعراق، بعيدة كل البعد عن قبضة قوات محور المقاومة. ولقد قامت قوات الحشد الشعبي العراقية بعد تحريرها لمدنية الموصل، بوضع أجزاء واسعة من الشريط الحدودي تحت سيطرة قوات محور المقاومة. ومع تقدم قوات الجيش السوري وحلفائه شرقا، ازدادت مخاوف الولايات المتحدة من افتتاح طُرق برية بين طهران ودمشق وبعد ذلك وصولها إلى لبنان وإلى الأراضي المحتلة.

وفي سياق متصل ينصب الاهتمام على معبر “البوكمال” الواقع في محافظة دير الزور. ويقع هذا المعبر الاستراتيجي على الضفة الغربية لنهر الفرات وهي منطقة حدودية يمر عبرها نهر الفرات وهي آخر نقطة للنهر في سوريا قبل أن يدخل الأراضي العراقية ويبدو أن السباق إلى “البوكمال”، بات التوجه العسكري الأبرز في شرق سوريا، وقد تصاعدت أهمية المدينة بالنسبة للنظام وحلفائه، بعدما أقفلت الولايات المتحدة فرص النظام للوصول إلى منطقة “التنف”.

وتجدر الإشارة هنا بأن القوات السورية المدعومة من التحالف بدأت بتقليص المسافة التي تبعدها عن مدينة “البوكمال”، حيث أنشأت قاعدة عسكرية في منطقة “الزكف” شمال شرقي “التنف”، تتضمن آليات عسكرية وتجهيزات لمقاتلين. ولقد اختارت كافة الفصائل المتمركزة في البادية مكان قاعدة “الزكف” نقطةً متقدمة في عمق البادية على طريق دير الزور، وتمثل نقطة انطلاق لـ”مغاوير الثورة” باتجاه “البوكمال” شرقاً.

محور المقاومة والمتربصين بها في منطقة دير الزور

إن تقدم القوات الكردية جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة في مدينة الرقة وتحرير مدينة الموصل في العراق، يُعدان عاملان رئيسيان لاهتمام تنظيم داعش بالبقاء في دير الزور. حيث يأمل قادة التنظيم الإرهابي في الحد من فشلهم المتكرر وذلك من خلال جمع قواته والتمركز في المنطقة. ولقد تعرضت مدينة الرقة لهجوم شديد من قِبل القوات الأمريكية خلال الأيام الأخيرة، ولقد تمكنت هذه القوات من الاستيلاء على نصف المدينة حتى الآن.

تعتبر مدينة دير الزور من أهم نقاط الجيش السوري وحلفائه في المنطقة. ففي بداية احتلال هذه المنطقة من قِبل الإرهابيين، كان هنالك الكثير من مستودعات الأسلحة في هذه المدينة وهذا هو السبب الرئيسي لقيام دمشق بإرسال قوات خاصة إلى هناك وسعيها للحفاظ عليها حتى يومنا هذا. يبدو أن تحرير دير الزور له أهمية حيوية لمحور المقاومة وذلك بالنظر للأبعاد التالية:

• إقامة اتصال أرضي لمحور المقاومة من طهران إلى فلسطين

• القضاء الكامل على المليشيات المرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي

• الحد من فرص تفكك سوريا بعد الانتهاء والقضاء على تنظيم داعش

• الوصول إلى موارد الطاقة المتواجدة في المنطقة لتوفير الوقود وزيادة الإيرادات الحكومية

المصير الذي تنتظره سوريا والمعركة في دير الزور

لقد وجه المحللين السياسيين اهتمامهم نحو مدينة دير الزور، وذلك عندما قامت قوات الحرس الثوري الإيراني بإطلاق صواريخ قصيرة المدى على مواقع تنظيم داعش الإرهابي وقتل الكثير منهم. حيث قامت طهران بهذه العمليات العسكرية للرد على العمليات الإرهابية التي قام بها هذا التنظيم الإرهابي في مدينة طهران. وتشير الأحداث المتتالية بأن الحكومة الإيرانية والسورية توليان اهتماما كبيراً لمنطقة دير الزور. وبالتالي، فأنه لا يمكن للجهود السياسية التي قام به النظام الصهيوني والأمريكي في الشهر الماضي، أن يوقف قوات محور المقاومة عن تحرير هذه المنطقة.

خلال الأسابيع الأخيرة أصبحت قضية تحرير منطقة دير الزور من اهم الأهداف التي تسعى قوات محور المقاومة إلى تحقيقها وذلك على الرغم من وجود الكثير من العقبات العسكرية والسياسية. وتجدر الإشارة هنا بأنه أذا لم تستطع هذه القوات الوصول والسيطرة على معبر “البو كمال”، فإن ذلك سوف يعَرض القوات الداعمة للرئيس بشار الأسد لحصار جزئي في وسط وشرق البلاد.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق