العراق… نحو بلورة الحياة والعيش بكرامة
منذ سقوط النظام السابق كان الفعل الوطني غائبا في بلورة أسس الدولة الوطنية بمرتكزاتها المختلفة والوضع في العراق وما يمر به حالياً من مشاكل سياسية وأمنية لم تكن وليدة اللحظة أو ردة فعل ناجمة من جراء الأزمات السياسية المتعاقبة والمخلوقة دون ارادته هذه الأزمات تدفع المتابع للامر إلى طرح أسئلة منها هل الأزمة هي أزمة نظام؟ ام هي أزمة سلطة ؟
وهل أن الانقسام الحاد للنخبة السياسية هو انقسام يتأسس على منطق المصالح العامة للبلاد وطبيعة توزيع الأدوار بين الفاعلين فيها؟ أم يتأسس على منطق المصالح الضيقة والمنافع الشخصية؟، بل هو نتاج التغيير السياسي في مرحلة ما بعد 2003 ودستوره الذي يجب اعادة النظر فيه والمبني على كثرة الخلافات والاختلافات ما بين القوى والأحزاب السياسية الماسكة بخيوط العمل السياسي، وأكثر تلك المشاكل جاءت بسبب بناء النظام السياسي الجديد في ضوئه. لقد أسهمت كل تلك المعطيات في التأثير على توجهات الدولة عموما وعلى سياستها الاجتماعية والثقافية بشكل خاص، مما أدى إلى تعزيز اختلال العلاقة بين الدولة والمجتمع لصالح تغريب الدولة وتوسيع الهوة بين المواطن والإدارة ، الشيء الذي حدث في غفلة من المجتمع وهو ما شكل نواة صلبة لمعظم الأزمات التي عاشتها وتعيشها البلاد إلى الآن.
ما جعل كل شيء فيه مع الأسف الشديد، العلاقات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية كلها في حالة تراجع، وهناك هجمة عالمية تشارك بها قوى دولية وإقليمية لإرجاع العراق إلى عصور سابقة لا تنتهي بداعش أو الإرهاب بل إنه هناك من دول الغربية والتي هي تمد يد الصداقة للعراق تحاول أن تتآمر عليه الآن دفاعا عن مصالحها، ولا أستثني الولايات المتحدة الأمريكية ولا أستثني البعض من الدول الإقليمية المحيطة بالعراق ايضا الذين يريدون تأخير الجرح من الالتئام وايقاف عطاءات العراق وإنتاج العراق الثقافي والحضاري، هؤلاء يمكن التكهن بدورهم وتحليله والتوصل إلى حقيقته من خلال التصرفات والتصريحات ومن خلال الإجراءات التي يتخذونها لمحاربة الهجمة الإرهابية ضد العراق. بمساهماتهم الخجولة التي لاتوفي بالغرض المطلوب و لقد قامت بعض دول المنطقة التي لم تكن راضية عن النموذج الديمقراطي المتبع في العراق والغريبة أصلاً عن الديمقراطية، بالتعاون مع وسائل الإعلام التابعة لها بشن حرب إعلامية كبيرة ضد هذا البلد، وسعت لتسميم الرأي العام . ولكن لا ننسى في هذه المناسبة بأن هناك من الدول التي وقفت الى جانب الشعب العراقي في محنته هذه وساهمت في صموده امام الهجمات المتطرفة والارهابية مادياً ومعنوياً والشعب العراقي لاينسى تلك المواقف الكريمة كما هي الجمهورية الاسلامية الايرانية . إن العراق اليوم يمر بظروف تأريخية وسياسية حساسة، وبما أنه مقبل في العام القادم على إجراء إنتخابات برلمانية، فإن هناك مساعي مدمرة يقوم بها البعض لإيجاد فجوة وشرخ بين مكوناته القومية والدينية والسياسية بتحركات مبهمة يستدعي اليقظة وتركيز الانتباه نحوها والعمل الجاد من اجل الانقاض عليها في مهدها .
والمثقف العراقي اليوم مطالب الى جانب رجال السياسة الحقيقيين وكل من ينتمي للعراق قبل طائفته وعشيرته او قوميته ومن باب الشعور بالمواطنة ومعني بشكل مضاعف في محاربة الإرهاب أو الهجمات التي تؤدي إرجاع العراق إلى مراحل العصور المتخلفة بسلاحي القلم والبندقية، فأولا ان الارهاب يريد رأسه كإنسان قبل كل شيئ ، يعني يجب أن يدافع عن نفسه هذا أولا، ثانيا: باعتباره مثقف يمتلك وعيا معمقا وغير اعتيادي وفهما استثنائيا للظروف المحيطة بالبلاد، فإذا هو الآن مستعد نفسيا للمساهمة في الدفاع عن القيم الجميلة التي يعيشها العراقيون رغم العقبات التي يواجهونها الآن الداخلية منها والخارجية .
لأن المثقف هو نتاج المجتمع والشريحة المهمة التي يتعكز عليها والمراَة التي تنعكس عليها صورته وفي رفع معنويات الشعب وتعزيز روح المواطنة والولاء فقط قبل كل الولاءات . فذلك هو السبيل الاول لإنقاذه من الفوضى السياسية الحالية وما يصيبه يصيبهم . والذهاب بطريقهم نحو الحياة والعيش بكرامة وشرف، هو من خلال الوحدة والتوحد والقتال معا تحت خيمة العراق الواحد، وتحت راية واحدة وجيش واحد وقيادة واحدة بانت ملامح فعلها البطولي الان وقدرتها الفائقة في التصدي لقوى الظلام والتخلف والطائفية والارهاب والتقسيم، ولانهاء هذا المشروع الخطير الذي يستهدف الإنسان والهوية والمصير.
المصدر / الوفاق