التحديث الاخير بتاريخ|السبت, سبتمبر 21, 2024

إيران؛ استبدال تطوير القدرات العسكرية بالمزيد من التنمية الاقتصادية! 

أعطى “أنتوني كوردسمان” الخبير الاستراتيجي الأمريكي في مركز الدراسات الإستراتيجية “CSIS” بعد دراسته للوضع في منطقة الشرق الأوسط، بعض الاقتراحات لحكومة ترامب وحلفائها الإقليميين في المنطقة وذلك من اجل كبح جماح قوة إيران في المنطقة على حسب تعبيره. وعلى الرغم من اعتقاده بأن هذه الحلول والاقتراحات هي من اجل تحسين العلاقات بين إيران والولايات المتحدة ورفع مستوى الأمن في المنطقة، إلا انه من الواضح أن نتائج حلوله واقتراحاته هذه، تهدف للحد من قوة إيران في المنطقة.

ووجه الخبير الأمريكي في مركز الدراسات الإستراتيجية “CSIS” الكثير من الاتهامات التي ليس لها أساس من الصحة لإيران وزعم بأنها تشكل تهديداً خطيراً على الأمن في منطقة الشرق الأوسط وادعى من جهة أُخرى بأن هذا التهديد هو الذي اجبر القوات الأمريكية على الاستمرار في تواجدها في منطقة الخليج الفارسي. وذكر أيضا في تقريره هذا ما يلي:

سوف يكون لاستمرار التواجد العسكري الأمريكي في منطقة الخليج، فائدة استراتيجية كبيرة في المستقبل. وذكر هذا الخبير الاستراتيجي بأن الولايات المتحدة تسعى إلى توحيد شركائها الاستراتيجيين في المنطقة وإلى إنشاء قوة عسكرية أمريكية عربية لردع كل الجهود العسكرية الإيرانية ومغامراتها في المنطقة وإلى ضمان عدم دخول “إسرائيل” في مزيد من الحروب مع الدول العربية في المستقبل ولهذا فإن أمريكا تمارس ضغوط كثيرة على برنامج إيران النووي وتحاول إقامة علاقات جيدة مع روسيا والصين وتركيا لإضعاف علاقات تلك الدول مع إيران ومنعهم من نقل أسلحة متقدمة إليها.

ونظرا لهذا كله فإن الولايات المتحدة تقوم الآن بجهود ترمي إلى وضع حد للتوترات بين شركائها الاستراتيجيين العرب وتركز على مساعدتهم من اجل تطوير اقتصادهم وتعزيز الاستقرار والأمن ورفع مستوى القدرات العسكرية والدفاعية لبلدانهم. ولفت قائلاً بأن للاستقرار الاستراتيجي في التعامل مع إيران والتهديدات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (له بعدان هامان: فأحد هذه الأبعاد هو العسكري، ولكن أحداث عام 2011 أظهرت بأن البعد المدني (المواطنين) في بعض الأحيان يعد ذا أهمية أكثر من البعد العسكري.

ولكن فيما يتعلق بإيران، فإن هناك بعداً آخر. لقد قامت إيران بوقف العديد من الأعمال المهمة التي تخص برنامجها النووي قبل يوم واحد من إطلاق مفاوضات ملفها النووي التي عُقدت في (16 يناير 2016). واضطر هذا البلد إلى إصلاح مفاعل “أراك” النووي الذي يعمل بالمياه الثقيلة، بحيث لم يعد بإمكانه إنتاج “البلوتونيوم” الذي يُستخدم في صناعة بعض الأسلحة النووية. واُضطرت إيران أيضا إلى رفع مستوى الرقابة على مستودعاتها واستخدام المفاعلات التي تعمل بالمياه الثقيلة واستخدام المفاعلات التي صنعتها قبل 15 عام من اجل إعادة تدوير الوقود وإثراء أجهزة الطرد المركزي واُضطرت أيضا إلى تعليق جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم. ودعا هذا الخبير الاستراتيجي إلى ممارسة كافة الضغوط على إيران لكي تقبل قيودا دولية على جميع أنشطة التخصيب التي تقوم بها وأنشطة إثراء جميع مخزوناتها من اليورانيوم. ودعا أيضا إلى إرغام إيران بالسماح بإدخال بروتوكولات تفتيش جديدة والمزيد من المفتشين والأختام الإلكترونية الجديدة وضمان وصول المفتشين وتوفير الشفافية في جميع المجالات، مثل وحدات تصنيع أجهزة الطرد المركزي، ومعالجة جميع المجالات المثيرة للقلق في التقارير السابقة الصادرة عن منظمة الطاقة الذرية (الوكالة الدولية للطاقة الذرية) وبأن توافقاً على عدم القيام بأي أنشطة بحثية وتجريبية تتعلق بتصميم مجموعة من الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية بعيدة المدى.

وأضاف بأن المفاوضات النووية لم تكتمل بعد ويوجد هنالك الكثير من الاحتيال ولكن لا يمكن أن يستمر أي اتفاق للحد من الأسلحة إلى الأبد. ولفت بان الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة الحالية وكوريا الشمالية، أثبتت بشكل قاطع بأن الاستمرار بالمفاوضات النووية وتقديم بعض التنازلات، أفضل بكثير من المساعدة على خلق بيئة تساعد إيران على صناعة أسلحة نووية وتطوير صواريخ عابرة للقارات. وقال انه من المرجح أن تؤدي زيادة العقوبات الاقتصادية على إيران لمنعها من الاستفادة بشكل فعَال من المنافع الاقتصادية، إلى استئناف إيران جهودها النووية، وبدلا من زيادة أمن الولايات المتحدة والمنطقة، ستكون هناك زيادة كبيرة في التوترات العسكرية في المنطقة.

ويجب على الولايات المتحدة أيضا الاعتراف رسميا بأن إصرار إيران على تطوير صواريخها الباليستية، أمر لا مفر منه، وذلك لأن الغالبية العظمى من القوة الجوية الإيرانية قد عفا عليها الزمن واصبح من الصعب الحفاظ على قدراتها في مستويات عالية. واكد بأنه لا توجد هنالك أي طرق لمنع الدول من القيام بتجارب لبرامجها النووية وصناعة صواريخ بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية. ولهذا السبب فقد قامت الولايات المتحدة وروسيا بوضع معايير خاصة بشأن صناعة الصواريخ. ولفت بأن وثيقة الأمم المتحدة المختصة بـ “مدى البعد وقدرات الحمل” للصواريخ، والتي فرضت قيودا كثيرة على الطائرات الحربية الإيرانية مقارنة مع القوات الجوية العربية والأمريكية والأوروبية، لم يكن اختياراً صحيحاً ولن تكون له أي فائدة تُذكر.

واكد بأن تعزيز المكانة الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة لا يعني إغفال الشعب الإيراني أو الفكرة القائلة بأن جميع النخبة السياسية في إيران أعداء ولن يحاولوا كسب القوة العسكرية والنفوذ من خلال المزيد من التنمية الاقتصادية والأمن السياسي. من الضروري الحديث عن “الاعتدال” عند مخاطبة المسؤولين الإيرانيين. وبالنظر إلى أن قدرة إيران على استيراد الأسلحة ضعيفة ولا يمكنها الوصول إلى الدول الخليجية، فضلا عن تاريخ الحرب العراقية الإيرانية، فإن جهود إيران التي ترمي إلى إيجاد تغييرات في قواتها الجوية، ستكون محدودة.

وبالنظر إلى جميع هذه الأسباب المذكورة أعلاه، فإن المفاوضات النووية سوف تفي بالعديد من الجوانب الأمنية للدول الخليجية. فعلى مر التاريخ، لم تستمر اتفاقيات الحد من الأسلحة لوقت طويل، إلا تلك التي تم تعديلها وتغييرها ومراقبتها. ولكن من الواضح أيضا أن إنهاء المفاوضات بطريقة تؤدي إلى تملك إيران الطاقة النووية، سيجعل الأمور أسوأ.

ومع هذا كله، فإن الحذر لا يعني إنكار الطريق الدبلوماسية الثانية. فمن الأفضل القيام بذلك إذا كان هنالك قليل من المخاطر، ويجب على الولايات المتحدة أن تتبنى سياسة أكثر اعتدالا للتعامل والتواصل مع إيران لكي تثمر تلك المفاوضات.

ويجب على الولايات المتحدة أن تعي بأنه بدلا من الاعتماد على الردع والتثبيط، فإنه يجب عليها إقامة علاقات مثمرة مع إيران، والتي من الممكن أن تؤدي إلى المزيد من الاستقرار والسلام في منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا (غرب آسيا وشمال أفريقيا). كما يجب على الولايات المتحدة أن تُظهر لسيادة المرشد الإيراني علي خامنئي، بأن هناك دائما خيارا أفضل من السباقات والتنافس العسكري وأنه من الضروري توخي الحذر بشأن كيفية توجيه اللوم إلى أعمال الحكومة الإيرانية وبدلا من الإشارة إلى كل إيران أو إلى كل الشعب الإيراني ووصفها بالمسؤولة عن تلك الأخطاء، فإنها ستركز على القادة الإيرانيين المسؤولين عن تلك الأعمال الاستفزازية في البلد.

ويجب على الولايات المتحدة أيضا أن لا تخلق مشاكل لا لزوم لها للإيرانيين العاديين الذين يرغبون في الدراسة أو الزيارة أو القيام بأعمال تجارية في الولايات المتحدة. بل على العكس تماما، فإن هذه الزيارات والاتصالات هي عناصر أساسية في بناء الثقة والأمل لكي تصبح أمريكا صديقة لإيران. كما يجب على الولايات المتحدة أن تفرق بين الأعداء الحقيقيين أو الشخصيات العدائية وبين الغالبية العظمى من الإيرانيين، وينبغي أن يكون واضحا لشركائهم العرب أن طُرق تعاملهم مع سكانهم الشيعة – مثل جميع العناصر الدينية في مجتمعاتهم – هي مهمة بالنسبة للولايات المتحدة.

وينبغي ألا يكون هناك اتهامات بشأن نقل الأسلحة والبعثات العسكرية والمتطوعين واستخدام حركات مثل حزب الله من جانب إيران. وينبغي على الولايات المتحدة أيضا أن تحذر من هذه الأنشطة. كما ينبغي على الولايات المتحدة أن لا تدافع عن تلك المهاترات المبالغ فيها والتي يطلقها شركاؤها العرب في المنطقة لتبرير إساءتهم لمعاملة الشعب الإيراني ويجب عليها التعاون مع شركائها العرب لمنحهم الثقة والأمان والقدرات العسكرية التي يحتاجون إليها. ومن جهة أُخرى، يتعين على الولايات المتحدة تشجيع شركائها العرب في المنطقة، في حالة حدوث تغيير في السلوك الإيراني، بإقامة علاقات جيدة معها لكي يسود الأمن والأمان في المنطقة باسرها.

إن المفاوضات النووية تمر في هذه الفترة باختبار حقيقي: هذا الاتفاق يُعد أفضل خيار في وقتنا الحاضر. إن ترك الأوضاع كما هي عليه والاستمرار في زيادة القوات العسكرية والعداء، يُعد خياراً سيئاً. وذلك لان هذا الأمر سيُعرض الولايات المتحدة والمنطقة لخطر سباق التسلح الذي دام لعقود وسيوفر أيضا فرصاً لتفاقم الصراعات في المستقبل.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق