التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, نوفمبر 20, 2024

أول قاعدة أجنبية (أمريكية) في “إسرائيل”.. الأبعاد والدلالات! 

يبدو أن ما وعد به ترامب الكيان الإسرائيلي خلال زيارته له بدأ يُترجم عمليا على الأرض. ترامب وعد بتغييرات كبيرة ورائعة في العلاقات بين الطرفين. طبعا العلاقات بين الطرفين ومنذ تأسيس الكيان “كبيرة ورائعة” على رغم البرودة في بعض الأحيان، آخر فترة أوباما على سبيل المثال، التي لا تُفسد في الودّ قضية. العلاقات الرائعة تدخل اليوم مرحلة جديدة من التنسيق العسكري، هذه المرة بالإعلان عن افتتاح أول قاعدة عسكرية أمريكية داخل أراضي الكيان. خبر قد يمرّ مرور الكرام نظرا للعلاقات العسكرية والأمنية المميزة بين الطرفين، ولكن الجديد في الأمر هو الحضور الأمريكي العسكري المباشر على أراضي فلسطين المحتلة للمرة الأولى في تاريخ العلاقات، حيثيات إعلان الحدث وتزامنه مع الأحداث التي تجري في المنطقة تشير إلى وجود تغييرات في الاستراتيجية الأمريكية وانطلاقا من ذلك من الجيد قراءة المشهد بشكل متأني. بداية فإن القاعدة التي يجري الحديث عنها وحسبما أعلن الطرفان الأمريكي والإسرائيلي فإنها قاعدة دفاع صاروخي مجهزة بأحدث التكنولوجيات الأمريكية في مجال الردع الصاروخي. وسيتم ربطها بمنظومة الدفاع التي تحمي مفاعل ديمونا النووي. وهذه القاعدة قد بدأ العمل عليها منذ أربع سنوات ليتم الإعلان عنها قبيل الاجتماع الذي جمع ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. يعزو البعض في الكيان السبب وراء هذه الخطوة إلى الدروس المستخلصة من الحرب الأخيرة على غزة عام 2014م. والتحليلات للمخاطر المحتملة في المستقبل وخاصة مخاطر الصواريخ الموجهة والدقيقة الإصابة التي تمتلكها الجهات المقاومة المعادية لإسرائيل (هذا الأمر يفسر ربط القاعدة بالمنظومة الموكلة حماية مفاعل ديمونا النووي). في هذا السياق من الجيد الإشارة إلى حدث عسكري استثنائي آخر يهم الطرفين، ففي الأول من تموز يوليو الماضي استضاف ميناء حيفا وللمرة الأولى منذ عقدين حاملة الطائرات الأمريكية الشهيرة “يواس اس جورج بوش” دون أي توضيح للمهمة التي قدمت لأجلها. التضييق على النفوذ الروسي الإيراني الصراع الأمريكي الروسي القائم في أكثر من نقطة من العالم يحضر بقوة بعد هذا الحدث. خاصة أن الروس أعلنوا صراحة رفضهم لمشروع الدرع الصاروخي الأمريكي الذي وصل لحدودها، في أوكرانيا، الخطوة الأمريكية الإسرائيلية لا يمكن فكّها عن النفوذ الروسي المتزايد على الساحة السورية، والسعي الأمريكي الحثيث للحفاظ على موطئ قدم له في سوريا والمنطقة. لذلك وعلى الرغم من وجود قواعد عسكرية أمريكية في دول المنطقة كالسعودية والأردن وقطر والإمارات والكويت وغيرها إلا أن الأمريكي بحاجة إلى مكان أكثر استقرارا للاستثمار في قاعدة دفاع صاروخي في وجه النفوذ الروسي (دول المنطقة وبسبب أنظمتها الغير مستقرة لا تشكل خيارا لهكذا قاعدة أمريكية). هذا من جهة من جهة أخرى قُرب الكيان من سوريا والخوف الإسرائيلي من الحضور الإيراني في المنطقة بشكل عام وسوريا بشكل خاص جعل حكومة نتانياهو متحمسة جدا لهذه القاعدة على أراضيها. وقد أشار نتانياهو في وقت سابق إلى أن إيران تقوم ببناء قواعد صاروخية لها في كل من سوريا ولبنان لتكون منطلقا لصواريخ موجهة ودقيقة تضرب بها العمق الإسرائيلي. الخوف الوجودي لدى إسرائيل عامل آخر مهم جدا يأتي مقدمة لزيادة التعاون العسكري والأمني بين واشنطن وتل أبيب، وهو الخوف الإسرائيلي على الوجود، هذا الخوف النابع من قوة محور المقاومة الذي يتزايد يوما بعد آخر جعل الحكومة الإسرائيلية تسعى جاهدة لإقناع أمريكا بالحضور العسكري المباشر على أراضيها وعدم الاكتفاء بالدعم والتنسيق العالي المستوى بين الطرفين. من ناحية أخرى أخرى فإن الكيان الإسرائيلي يسعى لإقحام واشنطن في مخططاته ومنها حلم ضرب الجمهورية الإسلامية في إيران. يعلم الإسرائيليون جيدا أن أي خطوة لضرب إيران تعني نهاية دولتهم، إلا إذا ترافقت هذه الخطوة مع دعم وحماية أمريكي. وجود قاعدة دفاع صاروخي أمريكي داخل إسرائيل يعني أن إسرائيل قريبة أكثر من أي وقت من حلمها حسب ظنهم، خاصة مع وجود شخصية معادية لإيران في سدة حكم البيت الأبيض في واشنطن، إلا أن الواقع الحغرافي الإسرائيلي، قبل القاعدة كما بعدها، لا يسمح بالتمادي مع حزب الله، فكيف الحال مع ايران؟! هنا من الجدير الإشارة إلى الأصوات التي تتعالى داخل أمريكا والتي تنتقد مقدار الدعم الاقتصادي والعسكري لإسرائيل. هناك وجهة نظر تعتبر الكيان عبئا اقتصاديا وسياسيا لأمريكا ولم يعد يؤمن مصالح أمريكا كما يدعي بعض الساسة، ومن الخطأ الاستمرار في هذه السياسة التي قد تدهور أمريكا إلى مستنقع حرب لا مصلحة لها بها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق