مخاوف أوروبية من تحصن “داعش” في حلف سياسي
وسيم ابراهيم –
كان هذه هذا جانب بارز من نظرة الأوروبيين إلى يوميات الأزمة العراقية، يعتبرون أنه يشهد الآن تحولا، تتجاوز أبعاده قضية تمدد “الإرهاب” أو مكافحته.
هناك مخاوف حقيقية من تزايد نفوذ تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش). المسألة لا تتعلق فقط بقوته العسكرية، بل تذهب باتجاه “نجاحه” في جمع أطراف أخرى حوله.
هذه خلاصة تقييم الموقف المشترك لدول الاتحاد الأوروبي، كما نقلها مسؤول أوروبي رفيع المستوى تحدث إلى الصحافيين، مفضلا عدم كشف هويته.
وبدا واضحا من حديثه أنه لا يمكن للأوروبيين رؤية الأزمة الحالية في العراق على طريقة “أبيض وأسود”. هناك لوم ومآخذ على سياسة رئيس الوزراء نوري المالكي، لكن ذلك لا يصل إلى تبنيه قضية انتقاده كسياسة.
أبرز المآخذ هو عدم قيام المالكي بتطوير تجربة “الصحوات”، التي رعاها الأميركيون لقتال تنظيم “القاعدة”.
شرح المسؤول أن تجربة الأميركيين “شكلت نجاحا، وعندما أتى المالكي قيل له إنه يجب متابعة العمل على ما بناه الأميركيون، وعليه دعم الصحوات، وإقامة حوار سياسي”. طريقة رد المالكي على الحراك الشعبي الذي تظاهر ضده خلال أشهر، ومواجهته بحملة للجيش، يراها الأوروبيون اختبارا يشكك بجدوى سياسات الرجل.
يستعرض المسؤول الأوروبي تلك التجربة، متسائلا: “المالكي قرر المضي إلى رد عنيف، فهل كان ذلك ضد الإرهاب؟”، قبل أن يجيب بلهجة لوم باردة “لقد ذهب عدد كبير من الضحايا، كما أن ضحايا الإرهاب عادوا للارتفاع كما كان الوضع بين العامين 2005 و2006”.
لكن تقييم سياسات المالكي شيء، والموقف من مجمل الوضع الجاري شيء آخر. يخشى الأوروبيون، والغرب عموما، من نجاح منظمات إرهابية في أن تصبح خيارا سياسيا لقواعد شعبية تحس بالغبن.
ما حدث كان خارج توقعات الأوروبيين، كما يؤكد المسؤول الأوروبي نفسه :”المفاجأة الحقيقية أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) كان قادرا على أن يجمع حوله بعض الأطراف من السنة وعناصر قدامى من نظام صدام التي استطاعت النجاح واستجماع قوتها”.
لتلك الأسباب يتجنب الأوروبيون الدخول في تجاذبات سياسية، كالدعوة إلى استقالة المالكي أو اقتراح بدلاء. يؤكدون أن الحل الأمني لا يمكن الاستغناء عنه، لكنه يجب أن يتزامن مع حوار سياسي يقود إلى تقاسم حقيقي للسلطة. ويقول المصدر الأوروبي إن “ما نراه أن على المالكي دعم الحوار بين المكونات العراقية، وأن الاستقرار ممكن فقط عبر حوار بين السنة والشيعة، وأيضا مع الأكراد”.
الملف العراقي سيكون موضوعا رئيسيا خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الاثنين في لوكسمبورغ. لذلك سينضم إليهم نيكولاي مالدينوف، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، وهو رئيس البعثة الأممية للمساعدة هناك. سيستمعون إلى تقييمه لمسار الأحداث، وخصوصا التوازن العسكري على الأرض.
وردا على أسئلة طرحتها “السفير”، أكد المسؤول الأوروبي أن ما يحدث في العراق يشكل “تحولا يتخطى عنوان الإرهاب، لأنه قضية ليست جديدة وكان موجودا سابقا”. ولفت إلى أن الحكومة العراقية طلبت مساعدة الاتحاد الأوروبي في مواجهة “الإرهاب”، موضحا أنه “علينا رؤية المساعدة بناء على تطور الوضع، لكن لا أعتقد أن لدينا الكثير لنقدمه”.
وكان الاتحاد الأوروبي أنهى قبل أشهر بعثة للتدريب، عملت لسنوات مع أجهزة الشرطة والقضاء في العراق. المسؤول الأوروبي أكد أنه “ليس هنالك نية لتجديد عمل البعثة”. ولفت أيضا إلى أن قضية الدعم العسكري “سنناقشها يوم الاثنين، لكن لا اعتقد أن هنالك رغبة لإطلاق بعثة عسكرية أوروبية. في الأساس لم يبد حلف شمال الأطلسي حماسا لعملية عسكرية، وكذلك الولايات المتحدة”.
أساس الموقف الأوروبي لا يزال موجودا في البيان المشترك مع الدول العربية، الذي صدر بعد الاجتماع الوزاري للجانبين في أثينا في العاشر من حزيران الحالي. من جهة هنالك الدعوة لإطلاق عملية سياسية تجمع “كل القوى الديموقراطية العراقية للعمل معا وفق قواعد الدستور”، مع التأكيد أن هذه الخطوة ضرورية “لمواجهة التحدي الأمني”.
من جهة أخرى، هناك الدعم الواضح للعملية العسكرية ضد معاقل “داعش”، إذ جاء في البيان المشترك “ندعو حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان لجمع قواهم السياسية والعسكرية لاستعادة الأمن في الموصل ونينوى، ونشجع جميع العناصر الديموقراطية في المجتمع لدعم هذه الجهود”.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق