التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

الجيش العراقي المُدرّب أمريكياً أو إيرانياًّ؟ 

“US-trained Iraqi army”، أو الجيش العراقي المُدرّب أمريكياً، عبارة تكاد لا تغيب عن أيّ خبر يتعلّق بالجيش العراقي في الصحافة الأمريكية.

هذه العبارة التي كانت غائبة طوال السنوات الماضيّة، منذ الاحتلال الأوّل (الأمريكي) إلى التحريرعام 2011، ولاحقاً الاحتلال الثاني (الداعشي)، باتت تحضر بقوّة في الإعلام الغربي، الأمريكي تحديداً، فهل تتّصل بالواقع؟

الجيش العراقي

سارع الجيش الأمريكي بعد احتلال العراق إلى حلّ الجيش العراقي عبر قرار بول بريمر، الحاكم العسكري في البلاد عام 2005، ولاحقاً بناء جيش جديد على الطريقة الأمريكية أشبه ما يكون، بقوّات شرطة نجحت في بسط سيطرتها المحدودة على بغداد وبعض المناطق الجنوبيّة، أو قوّات إطفاء تسارع إلى فرض طوق على المواكب الأمريكية التي كانت تتعرّض للهجوم من فصائل المقاومة.

الجيش العراقي المُدرّب أمريكياً، والذي عملت واشنطن على تسليحه وتدريبه لمدّة 11 عاماً مقابل ملايين براميل النفط العراقي، سقطت قوّاته في الموصل أمام تنظيم داعش الإرهابي خلال ساعات قليلة سمحت للتنظيم بالسيطرة على مناطق واسعة جدّاً من العراق حيث وصل إلى أسوار بغداد، دون أن ينجح هذا التدريب الأمريكي في صدّ هجوم داعشي واحد.

المشهد العراقي بات مذرياً حينها، رسّخ ضعف الجيش العراقي المدرّب أمريكياً، ليلقي وزير الدفاع الأمريكي حينها اشتون كارتر باللوم على بغداد قائلاً: إنّ “ضعف” الجيش العراقي كان احد الاسباب الرئيسية في سقوط مدينة الرمادي، حيث ابدت القوات العراقية عدم رغبتها في القتال. لم يكتفي بذلك بل أضاف: “يمكن إن نقدم لهم (الجيش العراقي) التدريب والسلاح المتقدم، ولكن لا يمكننا ان نوفر لهم الإرادة في القتال”.

نوافق كارتر في شقّ من كلامه، إلا أنّ واشنطن نفسها أحد الأطراف المتورّطة بعدم توفير هذه الإرادة، أو بالأحرى عرقلتها، فإذا كانت تعدّ نفسها أستاذاً ناجحاً لتلميذ فاشل، لا بدّ أن تلقي اللوم على نفسها قبل أي أحد آخر بعد 11 عاما من التدريس (التدريب)!

القوّات المشتركة

في ظلّ هذا المشهد، جاءت فتوى آية الله السيد علي السيستاني بالجهاد الكفائي لتشكّل هذه الفتوى النواة الأولى لتشكيل أقوى قوّة عراقيّة اُطلق عليها الحشد الشعبي. شكّلت هذه الولادة الانفراجة في المشهد العراقي في ظلّ داعش، حيث بدأت مرحلة جديدة اتسمت بجملة من السمات، أبرزها:

أوّلاً: تحرير قرى ومناطق عراقيّة من يد التنظيم الإرهابي بسواعد الحشد الشعبي في ظل هجمة أمريكية وغربيّة غير مسبوقة على “الحشد”. هذا التحرير الذي بدأ من جرف النصر (الصخر) وآمرلي انتهى بالموصل وقضاء الحويجة.

ثانياً: اتهامات لايران بتاسيس وإدارة الحشد عبر فيلق بدر والعديد من الفصائل المقاومة التي كانت متّهمة بالدعم من قبلها إبان الاحتلال الأمريكي للعراق. ما عزّز هذه الاتهامات الحضور الفاعل والقوي لقائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني في مختلف جبهات القتال العراقيّة، ومع قيادات الحشد الشعبي.

ثالثاً: وبالتزامن مع محاولات إقصاء الحشد من المشهد العسكري وابعاده عن ساحة القتال ضد الإرهاب لأسباب لسنا في وارد ذكرها، سعت واشنطن للتشكيك في قدرات العراق علی تحرير الموصل من داعش في خطوة وصفها البعض بالنفسيّة لخلق الإحباط لدی القوات العراقية، والحيلولة دون تحرير الموصل، في حين وصفها آخرين بالموضوعية بناءً على النظرة الأمريكية للجيش الذي درّبته، دون أن تأخذ بعين الاعتبار فاعلية الحشد. يقول اللواء المتقاعد في الجيش الأمريكي والقيادي السابق بالقوات الأمريكية الخاصة الذي شارك بحرب العراق ديفيد غرانج، إن القوات العراقية مازالت غير مستعدة لتنفيذ المهام ضد داعش.

تكلّلت هذه المرحلة بانتصار الموصل التاريخي، الذي رسم صورة مغايرة للجيش العراقي، القوّات المشتركة من الجيش والحشد والشرطة، لتأتي أحداث كركوك الأخيرة وتعزّز من هيبة الجيش العراقي (القوّات المشتركة)، وتمحو الصوة السابقة في انهيار الجيش الضعيف أمام داعش في الموصل، فضلاً عن استعادة العراقيين الثقة بجيشهم وحشدهم. وعلى العكس من ما كان قائماً منذ العام 2003 في انتهاز الأكراد لهذا الضعف العراقي، ظهرت بوادر الخشية والضعف الكردية، من البشمركة وغيرها، أمام الحضور الفاعل للقوّات المشتركة، وتحديداً الحشد الشعبي.

قبل هذه المرحلة، أي في مرحلة النتكاسات، لم تكن واشنطن تسمّي الجيش العراقي الضعيف في إعلامها بالجيش المدرّب أمريكياً، إلا أن النقلة النوعيّة للمشهد العراقي دفعت بواشنطن لتبديل التسمية وتجاهل دور الحشد الشعبي بعد فشلها في تحييده، عدا في حال حصول تراجع للحشد أو اشتباك، كما حصل في طوزخورماتو. في هذه المرحلة، مرحلة الانتصارات، غابت الاتهامات الأمريكية لإيران بدعم الحشد الذي يحقّق الانتصارات كي لا تظهر طهران بهيئة أبرز المنتصرين في العراق.

في الخلاصة، ورغم أنّ إيران لها الدور الأبرز في دعم العراق في معركته ضدّ داعش، إلا أن واشنطن تسعى لإظهار نفسها كلاعب أبرز في تحرير العراق، ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟.. باختصار، نجحت إيران حين فشلت أمريكا، تماماً كما نجح العراق حين فشل الدواعش!
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق