التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, سبتمبر 29, 2024

خفايا الخطّة الأمريكية لتسوية الأزمة بين دول مجلس التعاون 

بعد اندلاع الأزمة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى قبل نحو خمسة أشهر سعت أمريكا إلى توظيف هذه الأزمة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية (السياسية والاقتصادية والأمنية) في عموم المنطقة.

قبل الدخول في تفاصيل هذا الموضوع لابدّ من الإشارة إلى أن أمير قطر (الشيخ تميم بن حمد آل ثاني) قال خلال مقابلة أجرتها معه شبكة (سي أن أن) الإخبارية الأمريكية قبل أيام أن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) اقترح عليه خطّة لتسوية الأزمة بين الدوحة والمحور الذي تقوده الرياض دون ذكر التفاصيل، إلّا أنه أشار إلى أن الخطّة تتضمن عقد لقاء مشترك بين قطر وجيرانها العرب في “كامب ديفيد”.

والسؤال المطرح: إلى ماذا تهدف خطّة واشنطن، ولماذا اتجه موقف الإدارة الأمريكية إلى التفكير بتسوية الأزمة بين قطر والمحور الذي تقوده السعودية بعد أن كان يميل إلى تشديد الضغوط على الدوحة في بداية الأزمة؟

للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها لابدّ من التذكير بالنقاط التالية:

– سعت أمريكا في البداية إلى الضغط على قطر من خلال اتهامها بدعم الجماعات الإرهابية لإجبارها على الرضوخ لإملاءات واشنطن فيما يتعلق بمشروعها الرامي إلى التحكم بمقدرات المنطقة وتقرير مصيرها في وقت يعتقد فيه المراقبون بأن الهدف الحقيقي من وراء هذا الضغط لا يقتصر على ما تمت الإشارة إليه، بل يهدف أيضاً إلى إبعاد قطر عن إيران خصوصاً بعد تصريحات (الشيخ تميم بن حمد آل ثاني) التي أكد فيها على ضرورة تعزيز العلاقات مع طهران في كافة المجالات.

– سعت أمريكا منذ سنوات إلى إبعاد قطر عن دعم حركة “الإخوان المسلمين” في مصر ودول إقليمية أخرى، وظهر هذا الأمر جلياً بعد أن فقدت واشنطن أحد أهم حلفائها في المنطقة اثر سقوط نظام الرئيس المصري الأسبق “حسني مبارك” في عام 2011. وجاءت الضغوط الأمريكية على قطر في بداية أزمتها مع السعودية وحلفائها في هذا السياق.

– رجّحت الإدارة الأمريكية دعم المحور السعودي من خلال زيادة الضغوط الاقتصادية والسياسية والإعلامية على الدوحة دون اللجوء إلى التلويح بالخيار العسكري، لخشيتها من أن يؤدي هذا الخيار إلى إثارة حفيظة دول أخرى في المنطقة بينها تركيا التي تدعم قطر، وللحيلولة كذلك دون حصول اضطرابات شديدة في سوق الطاقة.

– خشيت واشنطن من دعم المحور السعودي بإمكانية الاستفادة من الخيار العسكري ضد الدوحة لأن هذا الخيار ستكون له تداعيات سلبية أيضاً على القوات الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط باعتبار أن قطر تستضيف قاعدة “العديد” العسكرية التي تعد أهم قاعدة أمريكية في المنطقة.

إصرار الدوحة على مواقفها

– ترفض قطر الاتهامات الموجهة إليها من قبل أمريكا والمحور السعودي بالوقوف خلف الجماعات الإرهابية، كما تصر على ضرورة تعزيز علاقاتها مع إيران رغم ضغوط واشنطن والعواصم العربية الحليفة للرياض.

– تصر الدوحة على رفض شروط السعودية وحلفائها وفي مقدمتها قطع العلاقات مع إيران، وتشدد على أن طهران كانت الأكثر حرصاً على الوقوف إلى جانب الشعب القطري في أزمته الحالية التي نجمت عن قطع المحور السعودي لعلاقاته السياسية والاقتصادية مع الدوحة.

وهذا ما أكده أمير قطر مراراً بالقول بأن إيران دولة جارة وخلافاتنا السياسية معها أقل بكثير من الخلافات مع العديد من الدول العربية لاسيّما في مجلس التعاون، مضيفاً أن إيران كانت ولازالت الملاذ الوحيد لتقديم الدعم الاقتصادي لقطر خلال أزمتها المتواصلة مع السعودية وحلفائها في المنطقة.

– تعتقد قطر بأن السعودية وحلفاءها يسعون من خلال فرض شروط كثيرة عليها إلى تجريدها من استقلالها السياسي وجرّها إلى التبعية المطلقة للرياض التي تسعى للهيمنة على قرارات مجلس التعاون في كافة المجالات.

وتنبغي الإشارة هنا إلى أن العلاقات السعودية – القطرية شهدت توترات كثيرة طيلة العقود الماضية بسبب الخلافات الحدودية بين البلدين، بالإضافة إلى الخلافات الأيديولوجية ومن أبرزها دعم قطر للإخوان المسلمين ورفض السعودية لهذا الدعم.

وبالعودة إلى الموقف الأمريكي، ومن خلال قراءة المعطيات الآنفة الذكر يمكن القول بأن خطّة ترامب لاتهدف إلى تسوية الأزمة القطرية – السعودية بقدر ما تهدف إلى إخضاع الدوحة لإملاءاتها، والدليل على ذلك هو عدم إمكان اعتبار واشنطن وسيطاً سياسياً نزيهاً ومحايداً في هذه الأزمة، بالإضافة إلى أنها تسعى لتحقيق مصالحها في المنطقة بغّض النظر عن قناعات طرفي الأزمة، إلّا أنه يبدو أن هذه الخطّة لن يكتب لها النجاح بسبب إصرار الدوحة على مواقفها من ناحية، وعدم قدرة المحور السعودي على إرغام قطر على القبول بشروطه من ناحية أخرى.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق