الحرب بين أمريكا والحشد الشعبي؛ من التهديد إلى الواقع
بعد الانتصارات الكبيرة التي حققها الحشد الشعبي في العراق على الجماعات الإرهابية والتكفيرية لاسيّما تنظيم “داعش” وتمكنه من تحرير كافة المناطق والمدن التي كانت تحت سيطرة هذا التنظيم، بدأت أمريكا بإطلاق مزاعم ضد الحشد من قبيل تبعيته لإيران.
ولعب الحشد الشعبي دوراً كبيراً أيضاً في استعادة المناطق التي كانت تحت سيطرة قوات “البيشمركة” التابعة لإقليم كردستان وذلك بعد أيام قليلة من “استفتاء الانفصال” الذي حصل في الإقليم والذي رفضته بشدة الحكومة العراقية والمحيط الإقليمي والدولي والعديد من الحركات والشخصيات الكردية داخل الإقليم. وبذلك تمكن الحشد من إحباط المؤامرة الأمريكية – الصهيونية التي كانت تستهدف تقسيم العراق عبر إجراء “استفتاء الانفصال” في كردستان.
وسعت أمريكا من خلال إرسال وزير خارجيتها “ريكس تيلرسون” إلى بغداد لزيادة الضغط على الحشد الشعبي، وقد ظهر هذا الأمر بشكل واضح عندما زعم تيلرسون بأن فصائل الحشد تتبع لإيران وعليها الخروج من العراق، الأمر الذي أثار موجة كبيرة من السخط والاستياء لدى الشعب العراقي ورموزه الدينية والوطنية.
والكل يعلم جيداً أن الحشد الشعبي تشكل استجابة لفتوى المرجعية الدينية في النجف الأشرف للتصدي للجماعات الإرهابية وهو يضم في صفوفه كافة شرائح المجتمع العراقي، ما يعني أن دعوة تيلرسون لخروج الحشد من العراق لاتستند على أي دليل قانوني.
ووصل الأمر والوقاحة بالجانب الأمريكي إلى اتهام عدد من قادة الحشد بالإرهاب كما حصل مع القائد الميداني “أبو مهدي المهندس” نائب رئيس هيئة الحشد، في وقت يعلم الجميع بأن المهندس هو من القيادات الشعبية العراقية التي لعبت دوراً كبيراً في التصدي للإرهاب وتحققت على يديه انتصارات كبيرة شهد لها القاصي والداني في كافة محاور القتال.
وردّاً على تهديدات أمريكا بإمكانية استهداف الحشد أكدت فصائل المقاومة المنضوية في الحشد ومن بينها (حركة النجباء) و(كتائب حزب الله) استعدادها الكامل لمواجهة القوات الأمريكية وإخراجها من العراق باعتبارها قوات محتلة وتتدخل في شؤون البلاد وقد ساعدت “داعش” وغيره من الجماعات الإرهابية في تدمير البنى التحتية للعراق وقتل أبنائه واحتلال أراضيه.
وتزعم أمريكا بأن بقاءها في العراق يهدف إلى القضاء التام على “داعش” في وقت يعرف فيه الجميع بأنها هي التي أوجدت هذا التنظيم الإرهابي باعتراف الكثير من مسؤوليها ومن بينهم وزيرة الخارجية السابقة “هيلاري كلينتون”.
كما قامت القوات الأمريكية بقصف مواقع الحشد الشعبي في العديد من مناطق القتال ضد “داعش” بزعم أنها لم تتمكن من التعرف على هذه المواقع في حين أن هذه الأعذار لايمكن أن تنطلي على أحد باعتبار ان أمريكا لديها من الأجهزة المتطورة والحديثة ما يمكنها من تحديد الأهداف بدقة.
ويجمع كافة المراقبين بأن فصائل الحشد لايمكنها السكوت إزاء استفزازات القوات الأمريكية وتصريحات المسؤولين الأمريكيين المسيئة للحشد، وهي عازمة على تلقين الأمريكيين درساً لن ينسوه في المقاومة، خصوصاً وأن هذه الفصائل قد أثبتت بالدليل العملي الذي لايقبل النقاش بأنها قادرة على دحر أي قوة تسيء لوحدة العراق وسيادته وتهدد أمنه واستقراره كما فعلت مع “داعش” والتنظيمات الإرهابية والتكفيرية الأخرى.
وتتهم فصائل الحشد واشنطن بمحاولة إعادة بقايا حزب البعث المنحل إلى السلطة، وتزويد الجماعات التي تسعى لبث الفرقة واللعب على وتر الطائفية بالسلاح والإمكانات اللوجستية لاسيّما في المناطق الغربية التي كان يحتلها “داعش” وتمكن الجيش والحشد الشعبي وباقي القوات العراقية من تحريرها من يد هذا التنظيم الإرهابي.
وتنظر أمريكا إلى الحشد الشعبي في العراق بأنه يمثل عقبة كبيرة أمام مشروعها التوسعي في المنطقة، خصوصاً بعد نجاح الحشد في لعب دور كبير في إلحاق هزائم منكرة بالجماعات الإرهابية التي كانت تعوّل عليها واشنطن في إنجاح مؤامراتها ضد دول وشعوب المنطقة.
وتشير كافة القرائن والشواهد إلى أن الحشد الشعبي مصمم على إنهاء التدخل الأمريكي في شؤون العراق لاعتقاده بأن البلاد لايمكن أن تستقر وتنعم بالأمان ما لم يتم إزاحة هذا الخطر والتهديد عن وجه العراق لاسيّما وإن السنوات الماضية قد أثبتت أن أمريكا لاتهمها سوى مصالحها حتى وإن أدى ذلك إلى دمار المنطقة برمتها.
وفي وقت سابق سعت أمريكا والأبواق الإعلامية التابعة لها إلى اتهام الحشد بالطائفية، إلّا أن المرجعية الدينية والقادة السياسيين الوطنيين قد أكدوا أكثر من مرة بأن الحشد لايمثل طائفة دون أخرى؛ بل هو ينتمي لكافة شرائح المجتمع ويدافع عن وحدة واستقلال وسيادة العراق تجاه أي تهديد خارجي أو داخلي وفي أي مكان من البلاد. كما أثبتت معارك تحرير الموصل والأنبار وغيرها بأن الحشد لاينظر للبعد الطائفي أو القومي أو العرقي وإنما يهمه دحر الإرهاب والقوى الداعمة له في كافة أنحاء العراق.
المصدر / الوقت