التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

السعودية والماكينة الدعائية 

وقع خلال الايام القليلة الماضية حدث كبير في السعودية لاسابق له في التاريخ السياسي لهذا البلد، فهو ليس بمستوى خبر استقالة الحريري فحسب بل يمكن ان يكون خبر استقالة الحريري مرتبطا بهذا الحدث قد تم تحييد خبره بشكل من الاشكال.

وقعت ثلاثة احداث مهمة في المنطقة خلال الايام الماضية حيدت الاخبار الاخرى، موجة اعتقال الامراء والوزراء السعوديين واطلاق انصار الله لصاروخ نحو الرياض واستقالة سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية في الرياض تصدرت الاخبار في وسائل الاعلام العربية والعالمية.

كان نبأ استقالة الحريري القسرية ومن السعودية خبراً مفاجئا لشعوب المنطقة والعالم وغطى على جميع الاخبار الاخرى وحيدها جانباً. رئيس حكومة لبنان الذي كان محط ثقة للسعودية، يتم عزله من السلطة استنادا الى اسباب لازالت غامضة الى حد الآن، لذلك من الطبيعي وصف هكذا خبر مؤثر على مستقبل لبنان والمنطقة بالخبر المهم الذي غطى على الاخبار الاخرى.

ولكن النبأ الذي جاء تباعاً لإستقالة الحريري وضاع وتلاشى بين الاخبار الاخرى هو خبر اعتقال امراء ووزراء سعوديين حاليين وسابقين ليشكل سابقة لامثيل لها في التاريخ السياسي لهذا البلد، فالحرب على السلطة كانت قائمة في السابق داخل الاسرة السعودية ولكنها لم تكن علنية الى هذا الحد، واليوم وقع هذا الامر وتحاول كل عائلة ان تصل بنفسها الى السلطة وإزاحة المنافسين الآخرين.

وكانت السعودية قد اعلنت ان هدفها من هذه الاعتقالات هو محاربة الفساد ولكن المراقبون الدوليون يرون ان محاربة الفساد هو ذريعة لأقصاء المعارضين، وهذا مايراه الشعب السعودي ايضاً، كما أن اللجنة التي كان قد شكلها بن سلمان لمحاربة الفساد لم يجف حبر القلم الذي امر بتشكيلها بعد و لم يُعقد أي اجتماع لهذه اللجنة من أجل أتخاذ قرارات الاعتقالات هذه لا بل وقعت بصورة مفاجئة، لذلك من الواضح ان تشكيل هذه اللجنة لم يكن سوى ذريعة لاظهار قانونية هكذا اعتقالات لأن أمر اعتقال هؤلاء الاشخاص كان قد صدر سابقاً.

ورغم ان اسباب عزل الحريري ليست واضحة الى حد الان، لكن بعض وسائل الاعلام تعتبره مرتبطا بالاعتقالات الاخيرة للشخصيات السعودية، وبغض النظر عن صحة هذا الخبر وعدمها، ان خبر الاعتقالات في السعودية كان يجب ان يتصدر الاخبار ولكن لماذا لم يكن كذلك؟.

حاولت السعودية صرف الرأي العام الداخلي والخارجي عن التطورات الداخلية السعودية من خلال الحرب النفسية والدعائية الواسعة التي اطلقتها في الاعلام، كان تركيز وسائل اعلام السعودية على نبأ اطلاق انصار الله لصاروخ على الرياض وبعدها تصاعدت حدة الهجمات الدعائية على ايران وحزب الله، وفي المقابل تحول خبر الاعتقالات الواسعة في السعودية الى قضية بالية وضاعت بين كم الاخبار الاخرى.

بعبارة أخرى، ان السعودية استغلت خبر استقالة الحريري واطلاق انصار الله لصاروخ على الرياض من اجل صرف الرأي العام الداخلي والخارجي عن حدث كبير جدا وقع في هذا البلد وربما يمكن القول انها نجحت الى حد ما بهذا الامر.

ركزت معظم وسائل الاعلام السعودية جل اهتمامها على قضية اطلاق انصار الله لصاروخ على الرياض وتصدر هذا الخبر قائمة الاخبار على مواقعها، لكن في المقابل تجنبت أي نوع من انواع التحليل والتطرق الى خبر اعتقال الامراء والوزراء السعودين واكتفت بنشره دون الغوص في تفاصيله.

يمكن القول انه لو وقعت هذه الاعتقالات في بلد آخر، لكانت اطلقت على هذا البلد حملة اعلامية كبيرة الى حد كانت تحولت فيه الى أزمة دولية وكان هذا البلد واجه خطر الانهيار الداخلي لاسيما اذا كان ذلك البلد يعارض سياسات الدول العظمى.

والآن نرى ان هذا الامر لم يحدث للسعودية، لا بل قدم الرئيس الامريكي دونالد ترامب الدعم لهذه الاجراءات السعودية واعتبرها خطوة في طريق محاربة الفساد، كما لم تجري مؤسسات ومنظمات حقوق الانسان أي فعالية تذكر تتطرق الى هذا الشأن لا بل انها حاولت التزام الصمت حيال هذه القضية.

بقلم / حسن رستمي

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق