حزب الله للسعودية.. شكراً على الإنتصار
أخيراً وبعد أسبوعين من الإعتقال أو الإحتجاز داخل المملكة العربية السعودية، رئيس الحكومة سعد الحريري الى الحرية وتحديداً الى فرنسا وبعدها لبنان، بفضل جهود داخلية وإقليمية ودولية بذلها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وتوّجت بتحرك فرنسي شكّل الرئيس إيمانويل ماكرون رأس حربته.
خلال كل هذه المرحلة التي إعتدى فيها السعوديون على سيادة لبنان وخرقوا إتفاقية فيينا، لم يكن حزب الله إلا متفرجاً، مراقباً هادئاً وصامتاً عن الكلام بإستثناء بعض الإطلالات القليلة لأمينه العام السيد حسن نصرالله. خلال كل هذه الفترة التي منع فيها الحريري من العودة الى لبنان ومن التواصل حتى كما يجب مع المسؤولين اللبنانيين، «لم يتأثر حزب الله سلباً من الناحية التنظيميّة أو اللوجستيّة أو الماليّة، بما اقترفته السعوديّة بحقّ لبنان، لم يتم ليّ ذراع إيران كما جاء في بيان إستقالة الحريري، ولم يسحب الحزب مقاتليه من أي دولة إقليمية، كما أنه لم يعلن صراحة وعبر أمينه العام عن وقف دعمه لأنصار الله أو الحوثيين في اليمن، ضد القوات السعوديّة التي تقاتل الشعب اليمني منذ آذار من العام 2015» يقول مصدر مقرب من الحزب، ويضيف، «لكل ما تقدّم، يمكن الإستنتاج بأن السعودية إفتعلت إشكالاً مع لبنان للضغط على حزب الله، ورفعت من سقف مطالبها الى عتبة نزع سلاح حزب الله، وعندما رأت أن رئيس الجمهورية لن ينكسر ولن يبدل موقفه من المقاومة قيد أنملة، وأنّ المجتمع الدولي والإقليمي أصبح ضدّها، تراجعت وسمحت للحريري بالعودة الى لبنان من البوابة الفرنسية، كل ذلك في خطوة إستدركت فيها الوضع قبل إجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر الأحد المقبل في القاهرة، وقبل أن تصل شكوى لبنان على إعتدائها على سيادته الى مجلس الأمن الدولي».
في المحصلة تخلص قراءة الحزب والمقربين منه الى أن السعودية وبقيادتها المتهورة، أهدت حزب الله إنتصاراً في المواجهة بينهما، على طبق من فضة. إنتصار لم يكن الحزب يفكّر به أصلاً، ولم يكن يعمل لتحقيقه، كما أنه لم يكن يضعه ضمن حساباته. إنتصار لم يكلف الحزب أي مجهود، ولم يجعله يقدم أيّ تنازل، كما أن حصيلة خسائره خلال أسبوعي إحتجاز الحريري من قبل السلطات السعودية تقدّر بصفر من كل النواحي السياسيّة والماديّة واللوجستيّة. في المقابل ألحقت المملكة بنفسها الكثير من الخسائر بسبب ما قامت به من ضغط على الحريري أجبره أولاً على الإستقالة، وثانياً على عدم ترك أراضيها أو التواصل مع المسؤولين اللبنانيين، إن من ناحية خرقها للمعاهدات الدولية، وإن من ناحية إبراز صورة عن قيادتها أمام الرأي العالمي تؤكد كل التّهم التي توجّه إليها من التخلّف الى الدكتاتورية والعنصرية وغيرها، الأمر الذي يفشل كل محاولات بن سلمان الأخيرة الهادفة الى إبراز المملكة بصورة النظام المتطوّر والمنفتح، وعلى رأس هذه المحاولات السماح للمرأة بقيادة السيارة.
بقلم / مارون ناصيف