“داعش” شراذم من شذاذ الأفاق
قبل فترة قصيرة كانت الدول والجهات ، التي تناصب الشعبين العراقي والسوري العداء والتي تقف وراء دعم و تسليح المجموعات الارهابية في العراق وسوريا ، تنكر وجود مجموعات ارهابية في هذين البلدين وتصف كل ما يحدث فيهما من فظاعات بانها من صناعة النظامين هناك ، حتى دخول “داعش” الى محافظة موصل والمناطق الغربية من العراق ، عندها لم يعد بالامكان التشبث بفكرة الصاق كل فظاعات “داعش” بالنظامين العراقي والسوري ، وكما لم يعد بالامكان التغطية على جرائم هذا التنظيم الارهابي الوهابي التكفيري ، حتى لو جندت الرجعية العربية وفي مقدمتها السعودية وقطر كل امكانياتها السياسية والاعلامية.
وقبل كل هذا وذاك انكشف كذب وزيف من يصف ارهاب “داعش” في العراق بانه “ثورة اهل السنة” !! على النظام “الشيعي”!! ، بعد ان اكدت تقارير ان اغلب مقاتلي “داعش” من الاجانب القادمين من اكثر من ثمانين دولة ، وليسوا عراقيين او سوريين ، فالعراقيون السوريون لا يمثلون الا نسبة ضئيلة جدا من عنار هذا التنظيم الوهابي التكفيري.
قبل ايام تناقلت مواقع خبرية عديدة تقريرا صدر عن مركز “سوفان غروب” للدراسات الاستراتيجية ومقره نيويورك تحت عنوان (المقاتلين الأجانب في سوريا)، أشرف على تحضيره الدبلوماسي ورجل الاستخبارات البريطاني السابق “ريتشارد باريت” ، حيث يؤكد التقرير ان عدد المقاتلين الأجانب الذي دخلوا سوريا؛ خلال السنوات الثلاثة الماضية؛ تجاوز الـ12000 مقاتل، كما أوضح التقرير أن هذا العدد تجاوزعدد الذين وفدوا إلى أفغانستان؛ خلال فترة احتلالها من قبل الاتحاد السوفيتي الذي استمر 10 سنوات.
وأوضح التقرير أن المقاتلين يأتون من 81 دولة، من القارات الخمسة، وأن العدد الأكبر من منتسبي التنظيم يأتون من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكان منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي “فيليس دي كرجوف”؛ قدّر في نيسان/ أبريل الماضي عدد الذين ذهبوا من دول الاتحاد الأوروبي؛ للقتال في سوريا بـ 2000 شخص، في حين كان تقديره للعام الفائت لا يتجاوز الـ 500 شخص.
ووفق معلومات حصل عليها القائمون على التقرير من وحدات الأمن من بعض الدول؛ فإن التونسيين والسعوديين يتصدرون عدد المقاتلين الأجانب بـ 3000 مقاتل لكل منهما ، ثم المغاربة بـ 1500، والجزائريين بـ 200 مقاتل، أما المقاتلين من الجنسيات غير العربية فهم كالتالي: من فرنسا 700، ومن بريطانيا 400، ومن روسيا الاتحادية 800، ومن تركيا 400، ومن استراليا 150، ومن الدنمارك 100، ومن الولايات المتحدة والدنمارك 70 من كل منهما.
وأفاد التقرير أن 6% من المقاتلين الأجانب في التنظيم – القادمين من أوروبا – هم من الذين اعتنقوا الإسلام حديثاً، كما أن معظم الذين يأتون من الدول غير المسلمة؛ هم من الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين المسلمين في تلك الدول.
هذا التقرير وتقارير اخرى غيرها تؤكد كذب وزيف الاعلام العربي الرجعي وفي مقدمته الاعلام السعودي والقطري ، الذي يطبل على مدارالساعة عن وجود “ثورة شعبية ” واخرى “سنية” على النظامين في العراق وسوريا ، بينما العمود الفقري للمجموعات الارهابية الوهابية التكفيرية التي تقاتل في البلدين ، هم الاجانب الذين لايرتبطون بتراب العراق وسوريا باي رابط ، وان هذه المجموعات التكفيرية تتستر بلباس الدين لتنفيذ اجندات باتت مكشوفة للجميع ، الجهات التي تقف وراءها وتروج لها.
ان القاسم المشترك بين هذه الزمر الارهابية التكفيرية ، هو الوهابية ، التي تعتبر الداينمو الذي يحرك كل هذه المجاميع ، بسبب ما تملكه من قدرة على غسل عقول الشباب غير المتعلم والجاهل والعاطل عن العمل ، وشحنهم بشحنات هائلة من الحقد والكراهية والقدرة على القتل وارتكاب ابشع الجرائم دون ادنى تردد.
يمكن فهم خطورة الوهابية من الفقرة الاخيرة من تقرير “سوفان غروب” ، التي تؤكد أن 6% من المقاتلين الأجانب في التنظيم – القادمين من أوروبا – هم من الذين اعتنقوا الإسلام حديثاً، كما أن معظم الذين يأتون من الدول غير المسلمة؛ هم من الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين المسلمين في تلك الدول ، فليس خافيا على احد اسباب انتشار الوهابية بين الاجيال الاسلامية الجديدة في الغرب ، فالمعروف ان اكثر المراكز الاسلامية التي تنشط في اوروبا والغرب مرتبطة بشكل او باخر بالسعودية و”منظمة رابطة العالم الاسلامي” السعودية ، ومقرها في مكة المكرمة.
وهي كالاخطبوط لديها اذرع في جميع انحاء العالم على شكل مساجد ومراكز دينية ، بفضل القدرات المالية الضخمة التي تمتلكها ، وتمكنت بذلك من نشر الفكر الوهابي الفاسد ، الذي لوث عقول اجيال من المسلمين ، لاسيما في الغرب ، حيث لايجد الشاب في الغرب من نافذة على الاسلام الا نافذة الوهابية الوهابية التكفيرية ، وعندما تنشب هذه الافكار المريضة انيابها في روح وعقل الشاب ، يكون من الصعب جدا انقاذه من براثنها ، فتحوله من شاب وديع الى وحش كاسر يعيش على القتل والدم.
على مسلمي العالم ان يدركوا ان ما يحصل في العراق وسوريا ، ليس من صنع اهل السنة ولا حتى فئات من الشعبين العراقي والسوري ، فهذه الممارسات اللانسانية هي من صنع خريجي مدارس الوهابية التكفيرية التي انتشرت كالسرطان في مختلف انحاء العالم ، والتي اخذت تقذف قيحا ، وهذا القيح لم يكن سوى زمر مثل “داعش” وغيرها من الزمرالوهابية التكفيرية.
ان تقرير “سوفان غروب” وغيره من التقارير ، التي اكدت وبالارقام ، ان الارهاب الذي يضرب العراق و سوريا ، هو من صنع الوهابية وافاقي “داعش” ، وهؤلاء الافاقون لا جذور لهم في ارض الرافدين ولا في ارض الشام ، وان العراق سيلفظهم لا محالة وكذلك سوريا ، فمثل هذا الكائنات الممسوخة لا تمت بصلة بأبناء الشعبين العراقي والسوري ، فالوهابية المتخلفة لا يمكن ان تجد لها موطأ قدم على ارض كانت يوما مهدا لأقدم الحضارات الانسانية.