بن سلمان يتقبل هزيمته.. وتميم يفاوض من موقع القوي
ستّةُ أشهر؛ وبمعونةٍ (إيرانية – تركية) استطاعت الدوحة الصمود خلالها بوجه الحصار السياسي والاقتصادي الذي فرضته عليها دول الحصار(مصر، البحرين، السعودية والإمارات)، لتخرج الدوحة بعد هذه المدّة وكما يقول مراقبون للأوضاع أقوى مما كانت عليه، وليخرج أيضاً قائد هذا الحصار والشخص المتعنت برأيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مهزوماً في هذه المواجهة التي لم يستطع خلالها تحقيق أيّة مكاسب، خصوصاً بعد إعلان وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن مشاركة بلاده في القمة بعد أن تلقى الأمير تميم دعوة من أمير الكويت، التي تستضيف بلاده القمة، وبعد انتشار إشاعاتٍ وشكوك حول حضورها بسبب الخلاف مع الدول الخليجية الثلاث.
هزيمة مدوّية..
القمّة الخليجية التي عُقدت اليوم (الثلاثاء 5 ديسمبر 2017) وصفها محللون بأنّها كانت البداية لانكسر محمد بن سلمان، حيث تُمثل دعوة أمير قطر لحضور القمّة هزيمةً لابن سلمان الذي عَمِلَ على اقصاء الدوحة عن حضور هذه القمّة، غير أنّه أُجبر على قبول حضورها وإرسال وفد سعودي إلى الكويت لتمثيل بلاده بقيادة وزير الخارجية عادل الجبير.
ووصف مراقبون حضور تميم بن حمد قمّة الكويت هزيمةٍ جديدة تُضاف إلى سجل الهزائم التي مُني بها بن سلمان منذ لحظة وصوله إلى منصب “ولي ولي العهد”، فبعد انكسار شوكته في اليمن، واجباره على التخلي عن دور المملكة في سوريا؛ ها هو اليوم يقبل مجبراً حضور تميم قمّة الكويت، حيث قال المراقبون إنّه حتى الكويت التي لم تُخالف الرياض منذ تأسيسها، فضّلت اليوم الابتعاد عن القيادة السعودية الجديدة، كما أنّ الكويت غير مجبرةٍ على تحمل أعباء الأخطاء التي يرتكبها بن سلمان في المنطقة.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية تعليقاً على تعنّت بن سلمان تجاه الأزمة القطرية: “إنّ أهم مُبادر في هذه الحملة، وهو الأمير السعودي محمد بن سلمان لا يستطيع تحمُّل فكرة أن يفقد ماءَ وجههِ وأن يتراجع عن المطالب المفروضة على قطر، ويجب على بن سلمان أيضاً إظهار نجاح قاطع في المشروعات الأخرى التي يرعاها، ومن بينها إصلاح الاقتصاد المحلي، وحرب اليمن” بحسب الصحيفة.
تنافس قديم..
المواجهة السعودية الإماراتية – القطرية لم تكن وليدة اللحظة، فقد شهدت العلاقات بين الرياض وأبو ظبي والدوحة العديد من حالات التوتر، ربما كان أعنفها ما جرى في العام 2014، والاتفاق الذي وّصف بـ “المُذل” الذي وقعت عليه الدوحة والذي يجيز للدول العربية المُطلة على الخليج الفارسي “معاقبة” قطر، وما إن خرج الأمير تميم بن حمد من الرياض بعد توقيع ذلك الاتفاق حتى بدأ وكما يؤكد مراقبون بالعمل على تجهيز دولته للمواجهة المقبلة، ويُعد العدّة لمواجهةٍ قادمة، آخذاً بعين الاعتبار أنّ السعودية والإمارات تُحيط بها من ثلاث جهات، ولن يبقى أمامها إلّا مياه الخليج الفارسي مخرجاً من أي حصار قد يُفرض عليها، وساعدها في ذلك كونها أغنى دولةً في العالم -وفقاً لنصيب الفرد من الدخل القومي- الأمر الذي مكّنها من تحمّل نفقات وأعباء الاستثمارات الضرورية في البلاد.
سياسات بن سلمان “الرعناء” كما يقول مراقبون تجاه قطر، أدّت لانقسام دول منظومة دول مجلس التعاون الخليجي واقترابها من الانهيار للمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1981، حيث فضّلت دولٌ عُرف عنها تأييدها الكامل للمملكة العرية السعودية كالكويت وسلطنة عُمان اللتان فضلتا اتخاذ سياسات محايدة في هذه الأزمة، مع تفضيل دور الوسيط بين السعودية وقطر.
الدوحة التي لا ترغب في الإذعان لمطالب ولي العهد السعودي أو إظهار نفسهلا وكأنها دولة تابعة للسعودية؛ باتت اليوم قادرةً على الجلوس على طاولة المفاوضات والتفاوض من موقع القوي، بعد أن استطاعت كسر الحصار الذي فُرض عليها، بالإضافة لاستمرارها بسياساتها المنافية للتوجه السعودي، كما أصبح القطريون وحسب مراقبون ينظرون إلى تلك الأزمة على أنها فرصة لإظهار الحماسة الوطنية ومنح الثقة للشركات القطرية التي خرجت من العباءة السعودية الإماراتية.
المصدر / الوقت