التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024

روسيا أنجزت مهمتها.. وأمريكا بإنتظار المهمة المستحيلة 

لم ينتظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كثيراً بعد انتهاء العمليات ضدّ تنظيم داعش الإرهابي؛ حتى يُعلن عزم موسكو على سحب قواتها من سوريا، مؤكداً على أنّ “المُهمّة قد أُنجزت”، وذلك في الزيارة التي قام بها يوم الإثنين إلى قاعدة “حميميم” الجوية التي لعبت الأبرز في حسم الحرب السوريّة لصالح الحكومة السورية، وإفشال المخطّطات الراميةِ إلى إسقاطها.

المهمّة المستحيلة

المهمة الروسيّة التي تحدث عنها بوتين ووصفها بأنها أُنجزت؛ يقودونا للحديث عن المهمّة الأمريكية في سوريا، حيث يرى المتحدث باسم البنتاغون الأمريكي أنّ الولايات المتحدة ستحتفظ بوجود عسكري في سوريا طالما كان ذلك ضرورياً، مضيفاً في حديثٍ له بأنّ واشنطن ستحتفظ بالتزاماتها طالما دعت الضرورة لدعم شركائها ومنع عودة الجماعات الإرهابية.

الضرورة تحدث عنها البنتاغون ودعم الشركاء ومنع عودة الإرهابيين، تبدو وكما يرى خبراء كلمات تحمل أوجهً عدّة، حيث أنّ الإدارة الأمريكية هي من ستُحدد تلك الضرورة، وما سيكون برأيها ضرورياً، لن يحمل ذات الأهميّة بالنسبة للبقية، ولا سيما الحكومة السورية وحلفائها، ومن ناحيةٍ أخرى فعبارة -عودة الإرهابيين- هي الأخرى عبارة حمّالة لأوجه عدّة، فأي بلد في العالم بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية معرضةً لدوخول الإرهابيين إليها، أو بحسب توصيف البنتاغون “عودتهم”، وفي هذا السياق يرى الكاتب الأمريكي “دانيال لاريسون” في مقالٍ له نُشور في مجلة “أمريكان كونفرزيشن” بأنّها “مهمة عديمة الفائدة، وعاجلًا أم آجلًا سوف تكلف حياة الأمريكيين”.

صراع روسي – أمريكي

إعلان الرئيس الروسي إنتهاء مهمّة بلاده في سوريا وطرد الإرهابيين منها، كان يُنتظر منه-أي الإعلان- ردّاً أمريكياً بالمثل، وسحب للقوات الأمريكية من سوريا، غير أنّ ردّة الفعل الأمريكية على الأرض كانت مغايرةً تماماً لنظيرتها الروسيّة، الأمر الذي عدّه خبراء أمريكيون مجازفةً بخلق صراع طويل الأمد لا حاجة له مع روسيا.

الإصرار الأمريكي على الوجود في سوريا؛ أرجعته مجلة “ذي أمريكان إنترست” الأمريكية أرجعت في تقريرٍ لها إلى “ضغوط” من القادة العسكريين، الذين يرون في تراجع دور بلادهم العسكري تهديداً لهيمنة واشنطن، ولأمنها القومي ولمصالحها ومصالح حلفائها، في ظل تصاعد النشاط الروسي على المستويات العسكرية والدبلوماسية الدولية”.

وفي أوّل رد أمريكي رسمي على الخطوة الروسية، شكك البنتاغون بالقرار الروسي المتعلق بسحب قواتها من سوريا، منوّهاً: “تعليقات الروس حول سحب قواتهم من سوريا يخالف الخفض الحقيقي للقوات”، مشيراً إلى أنّ: “هذا القرار لن يؤثر على أولويات الولايات المتحدة في سوريا”.

ويرى خبراء ومراقبون أن الصراع الروسي الأمريكي سيأخذ ومنذ الآن شكلاً آخر، حيث ستواصل موسكو ضغوطها على واشنطن بهدف سح قواتها، خصوصاً وأنّ سوريا تعتبر من أقرب الحلفاء لموسكو، ومن جهةٍ أخرى يرى الخبراء أنّ تصريح وزير الخارجية السورية وليد المعلم استكمالاً للضغوط التي تمارسها موسكو على واشنطن، حيث أكد المعلم بأنّ دمشق مستعدة للنظر في أي خيارات أخرى في حال ثبت أن الدبلوماسية عاجزة، فيما يخصُّ الوجود العسكري الأمريكي على الأراضي السورية.

تهديد المعلم ذلك ردّه مراقبون إلى أنّ موسكو ربما تلجأ لتحريك مجموعات مقاتلة صغيرة وغير تابعة لأي جهةٍ رسمية لتنفيذ عمليات قتالية ضد القوات الأمريكية، وخصوصاً في القواعد العسكرية التي أقامتها أمريكا في سوريا.

تمدد أمريكي

الانتشار الأمريكي على الأراضي السورية أخذ طابعاً مختلفاً منذ اشتداد الحرب السورية، للتخذ واشنطن من محاربة الإرهاب حجةً لتثبيت وجودها في سوريا، حيث كشف وكالة الأناضول التركية عن مواقع 10 قواعد أمريكية على الأراضي السورية.

ويؤكد مراقبون على أنّ القوات الأمريكية ومنذ العام 2015، قامت بتوسيع وجودها العسكري في المناطق الخاضعة لتحالف “قوات سوريا الديمقراطية”، حيث أنشأت واشنطن قاعدتين جويتين الأولى في منطقة رميلان بمحافظة الحسكة شمال شرق سوريا في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2015 والثانية في بلدة خراب عشق جنوب غربي مدينة عين العرب في محافظة حلب الشمالية.

وتنتشر القوات الأمريكية في محافظة الحسكة السورية من خلال ثلاثة مواقع عسكرية هي: “موقع في بلدة تل بيدر شمال المحافظة ويحتضن مئة من عناصر القوات الخاصة الأمريكية، أما الموقع الثاني فيقع في منطقة الشدادي جنوب الحسكة ويوجد فيه نحو 150 مقاتلا من القوات الخاصة الأمريكية، أما الموقع الثالث فيقع في منطقة تل تامر الزراعية على الحدود السورية التركية”

وتنتشر القواعد الأمريكية أيضاُ لتصل إلى مدينة منبج في الريف الحلبي، حيث أقامت الولايات المتحدة مركزين لقيادة العمليات في مدينة منبج عام 2016 بعد أن انتزعت “قوات سوريا الديمقراطية” السيطرة عليها من تنظيم داعش، حيث يقع الموقع الأول في بلدة عين “دادات” قرب المدينة، أما الثاني فيقع في بلدة “أثرية”.

وأنشأت واشنطن قاعدتين عسكريتين لها، الأولى تقع في تل Mistanur جنوبي عين العرب والثانية في مدينة عين عيسى شمالي الرقة، وفي مدينة صرين أقامت القوات الأمريكية موقعاً عسكريا كبيراً يجري استخدامها لاستقبال طائرات الشحن العسكرية.

يُذكر أخيراً أنّ التواجد الأمريكي على الأراضي السورية؛ ومنذ البداية كان تحت حجّة مكافحة الإرهاب؛ لكن اليوم وبعد طرده من الأراضي السورية والعراقية؛ فقدت أمريكا تلك الحجة، لتنكشف سوؤتها أمام العالم مع إصرارها على البقاء في سوريا، حيث اعترف البنتاغون الأمريكي وفي أكثر من مناسبة على أنّ الوجود الأمريكي في سوريا ارتفع من 50 جندياً نهاية العام 2015، إلى 904 في مارس/ آذار 2017؛ فيما يؤكد متابعون للأحداث أنّ التواجد الأمريكي أكبر من ذلك الرقم بكثير، حيث قال مسؤولون أمريكيون إنّ تعداد القوات الأمريكية في سوريا يزيد عن ألفي مقاتل.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق