ازدياد التحركات الاسرائيلية في الجولان .. الغاية والاهداف
أوجد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الامريكية اجواء مؤاتية جدا تخدم المصالح الاسرئيلية لأن الرئيس الامريكي الجديد كان قد تغنى كثيرا في خطاباته بما يسميه التزامه بالمصالح الاسرائيلية والسعي لتحقيقها، وفي هذا السياق اعلن ترامب اعتباره مدينة القدس عاصمة للكيان الاسرائيلي وهذا ما دفع تل ابيب نحو استغلال هذه الاجواء الامريكية المؤاتية لها لتحقيق بعض اهدافها وغاياتها.
وفي هذا المضمار قرر جيش الاحتلال الاسرائيلي اطلاق حملة خاصة تهدف الى ازالة الألغام في هذه المنطقة من أجل تخصيص اراضي هضبة الجولان لنشاطات زراعية وبناء منشآت سياحية وتوسيع الاستيطان، ويسيطر جيش الاحتلال الاسرائيلي على 60 بالمئة من اراضي الجولان ويستخدم هذه الاراضي كقواعد عسكرية ومناطق تدريب، اما الاراضي التي يتم ازالة الالغام منها ستستخدم لمشاريع توسيع الاستيطان والسياحة ومشاريع عسكرية مدنية أخرى.
أهمية الجولان
احتل الكيان الاسرائيلي الجولان في عام 1976 واعلن ضمها بشكل رسمي في عام 1981 ، وقد فاقم هذا الموضوع الصراع بين الكيان الاسرائيلي وسوريا، ان أهمية الجولان الاستراتيجية دفعت تل ابيب الى اعتبار اي خطر يهدد هذه المنطقة تهديدا لأمن الكيان الاسرائيلي لأن وجود المرتفعات في المناطق الحدودية يرجح كفة القوات العسكرية لطرف على آخر، ومن المعلوم ان الكيان الاسرائيلي يفتقد الى العمق الاستراتيجي وهذا ما يعرض تل أبيب الى خطر من جهة الجولان، والأمر كذلك بالنسبة للعاصمة السورية دمشق التي تقع على مقربة من الحدود ولذلك فإن السيطرة على الجولان تشكل أهمية استراتيجية بالغة، وخاصة اذا وقعت الحرب، و قد رأينا كيف كان الكيان الاسرائيلي يخشى بقوة اقتراب قوات المقاومة من الجولان أثناء حرب سوريا ضد الارهاب.
الغايات الاسرائيلية في الجولان
لقد حظي الكيان الاسرائيلي في الوقت الراهن بدعم ترامب الشامل له من اجل القيام بخطوات لمصادرة الجولان بالكامل، ولذلك يمكن اعتبار الخطوات الاسرائيلية الاخيرة المتعلقة بالسياحة والاستيطان بأنها تهدف الى تحقيق عدة غايات هي :
توسيع الاستيطان
شكل الاستيطان على الدوام عنصرا اساسيا لركائز الأمن الاسرائيلي لأن انشاء اية مستوطنة يعني طرد عدد كبير من الفلسطينيين، وقد اعلن الكيان الاسرائيلي ان توسيع الاستيطان هو احد مشاريعه في الجولان.
ان مشروع الاستيطان الاسرائيلي في الجولان سيضاعف عدد المستوطنين واضافة الى ذلك يهدف الى رفع عدد السياح في هذه المنطقة من 3 ملايين الى 5 ملايين، و من اجل تحقيق هذا الهدف يركز الكيان الاسرائيلي على مشاريع بناء مستوطنات جديدة واطلاق عدد اكبر من المشاريع الاقتصادية السياحية على الرغم من قيام اتفاقية جنيف الرابعة (الموقعة في 12 اغسطس 1949 لحماية المدنيين) بمنع الدول التي تحتل اراضي الغير من ادخال المدنيين الى الاراضي المحتلة، ومع هذا، يسعى الكيان الاسرائيلي بقوة الى توسيع المستوطنات في الجولان بدعم من دونالد ترامب، ويريد اصحاب القرار في تل ابيب فرض مسألة اسكان المستوطنين في هضبة الجولان كأمر واقع لايمكن تغييره.
تثبيت التواجد
رغم قيام الكيان الاسرائيلي باحتلال الجولان منذ عام 1967 واعلان ضمها فيما بعد، تعتبر هذه المنطقة من المناطق المحتلة حسب القوانين الدولية، ولا يحق للكيان الاسرائيلي التصرف فيها، لكن هذا الكيان يحاول الان تثبيت وجوده واضفاء الشرعية على احتلاله للجولان من خلال قيامه باجراءات كالاستيطان وتهيئة الظروف لتوافد السياح.
التنقيب عن النفط
منح الكيان الاسرائيلي في عام 2013 رخصة للتنقيب عن النفط في هضبة الجولان لشركة اسرائيلية – امريكية والتي استخرجت النفط في الجولان، كما بدأت شركة التنقيب الاسرائيلية “افق” الاجراءات الخاصة للتنقيب عن النفط وانتاجه في منطقة “نفط 5” في الجولان المحتل.
ويحاول الكيان الاسرائيلي انتاج اكثر من مليار برميل من النفط في الجولان وقد بدأت عمليات التنقيب في 10 مواقع حيث تشير التخمينات ان كمية النفط المستخرج ستسد حاجة كيان الاحتلال لسنوات مديدة.
أزمة المياه
أدى الجفاف الذي يضرب منطقة الشرق الاوسط منذ الـ 15 عاما الماضية الى شح في مصادر المياه في الكيان الاسرائيلي، فوقوع هذا الكيان في المناطق الجافة ونصف الجافة قد ضاعف أهمية مصادر المياه الموجودة في الجولان بالنسبة للكيان الاسرائيلي، وتشكل المناطق الشمالية من الجولان أهم مصادر المياه الجوفية التي يستخدمها الكيان الاسرائيلي حيث تؤمن هذه المنطقة ثلث المياه التي تستهلك في الكيان الاسرائيلي.
والى جانب هذه الاجراءات، يحاول مسؤولو شركة المياه الاسرائيلية الى توسيع عمليات الحفر والتنقيب للوصول الى المياه الجوفية في الجولان ويسعون الى تمرير قانون التنقيب عن المياه في شمال الجولان قريبا.
لقد تمكن الكيان الاسرائيلي عبر سياساته المائية من الاستيلاء على 600 مليون متر مكعب من مياه هضبة الجولان لسد 30 بالمئة من حاجته السنوية الى المياه.
الخلاصة
يحاول الكيان الاسرائيلي الان احتلال الجولان بشكل كامل واستخراج ذخائرها النفطية والمائية حيث تدرك تل ابيب جيدا ان سوريا، وبسبب أزمتها الداخلية، لاتمتلك الفرصة حاليا للرد على الاجراءات والمشاريع الاسرائيلية في الجولان ولذلك يحاول كيان الاحتلال تحقيق اهدافه وتنفيذ مخططاته في هضبة الجولان بالاستفادة من دعم دونالد ترامب.
المصدر / الوقت