التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

الإمارات وتركيا؛ هل بقي مكان للصلح أم القادم أعظم؟! 

“ناراً تحت الرماد” هكذا يمكن توصيف العلاقات التركية_الإماراتية ومن خلفها التركية_الخليجية بصورة عامة، وعلى ما يبدو أن رياحاً أمريكية لاحت في الأفق لتنثر هذا الرماد يمنة ويسرة، انطلاقا من مبدأ “فرق تسد”، والإساءة الإماراتية الجديدة لتركيا من الواضح أنها جاءت بضوء أخضر أمريكي، وهذا ليس بالغريب عن واشنطن التي أعطته في السابق وقبل عدة أشهر للسعودية لتحاصر جارتها قطر؛ ويبقى السؤال هل يحول الأتراك هذا الضوء إلى اللون الأحمر أم تذهب الأمورإلى المزيد من الخلافات والتوتر؟!.

أسباب الخلاف

الخلافات التركية_ الإماراتية ليس بالجديدة بطبيعة الحال وسنذكر في هذا المقال أبرزها ولكن دعونا نبدأ من الشرارة التي أشعلت النار بين البلدين الذين تجمعهما علاقات متذبذبة والتي تبنى على المصالح في أغلب الأحيان ولكن على مايبدو أن النبش بالتاريخ لا يروق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ويعتبره خطا أحمر فكيف إذا مس الكلام أحد أجداده العثمانيين الذين دافعوا عن المدينة المنورة خلال الحرب العالمية الأولى في مواجهة البريطانيين ووجهت إليه تهمة السرقة.

تغريدة وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد على تويتر أشعلت نار الخلاف من جديد بين الإمارات وتركيا، حيث غرد بن زايد بالقول : “هل تعلمون في عام 1916 قام التركي فخري باشا بجريمة بحق أهل المدينة النبوية، فسرق أموالهم وقام بخطفهم وإركابهم في قطارات إلى الشام واسطنبول برحلة سُميت سفر برلك”.

لم يرضى أردوغان بهذا الكلام واعتبره “مسيء” للتاريخ التركي، وقال أردوغان في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، إن “الدولة العثمانية وخلفاءها وقفوا حياتهم من أجل الدفاع عن المدينة المنورة وحمايتها”. وتساءل أردوغان موجها كلامه للوزير الإماراتي “حين كان جدنا فخر الدين باشا يدافع عن المدينة المنورة أين كان جدك أنت أيها البائس الذي يقذفنا بالبهتان؟”.

ولكن ورغم هذه التصريحات النارية من كلا الطرفين إلا أنها في حقيقة الأمر ليست السبب الجوهري في الخلافات بين تركيا والإمارات، إذ تعود الخلافات بينهما إلى الفترة التي تم فيها الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، بعد انقلاب عسكري اعتُبرت الإمارات من أبرز الداعمين له.

وفي تقرير منشور على صحيفة ديلي صباح التركية عن مقال لمحمد أسيت نشر في صحيفة تركية “يني شفق” أن الإمارات أنفقت نحو 3 مليارات دولار لإسقاط الحكومة التركية وأردوغان، واستشهد الكاتب بتصريحات لوزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بقوله إن بلدا مسلما ينفق 3 مليارات دولار للإطاحة بأردوغان والحكومة في تركيا مع تقديم الدعم للانقلابيين في محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 من يوليو/تموز العام الماضي.

ما يقلق تركيا في حقيقة الأمر هو محاربة الإمارات للإخوان المسلمين في كل مكان تستطيع الوصول إليه ومحاولاتها الحثيثة لتجفيف منابع الإخوان في كل مكان، وهذا الأمر بالنسبة لأردوغان يعتبر حساس جدا فهو داعم كبير لجماعة الإخوان المسلمين، حتى أن الإمارات اعتقلت عددا كبيرا من رموز الإخوان داخل أراضيها وزجت بهم في السجون حتى دون محاكمات أو تهم واضحة، لتنتقل بعدها لمحاربتهم في الخارج وفي مقابل ذلك قامت تركيا بدعم عدد من المعارضين الإماراتيين والمقربين أيضا من جماعة الإخوان المسلمين، فقد كان يتردد هؤلاء على أنقرة وهذا أثار استياء الإماراتيين، وعلى اثر ذلك توترت الامور أكثر فأكثر.

وفيما بعد تم امتصاص هذه الأزمة وحاول الطرفان إخفائها وعقد الاجتماع الوزاري للجنة الاقتصادية المشتركة التاسعة بين البلدين لرفع مستوى العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بينهما ولكن مع ذلك لم تتحسن العلاقات إلى مرحلة يتم فيها عقد لقاءات على مستوى الرؤساء، لتتوتر العلاقات بعد ذلك، حيث قام أردوغان بزيارة الدول الخليجية باستثناء الإمارات، وما زاد الطين بلة أن ثلاثة دول خليجية مع مصر حاصروا قطر، ليصطف الرئيس أردوغان إلى جانب القطريين في الحصار الموجه ضدهم.

ولم تكتف أنقرة بالتصريحات فقط بل ذهبت إلى إرسال قوات تركية إلى قاعدة الريان العسكرية التركية في قطر واعتبرت أن أمن قطر من أمنها، بالإضافة إلى افتتاح خط بحري وجوي لإرسال المواد الغذائية كبديل عن التي كانت تأتي من الإمارات والسعودية.

أسباب أخرى غیر معلنة

أولاً: صمود الدولة السورية والعراقية؛ كان بمثابة ضربة موجعة للعلاقات التركية_الإماراتية، فوقوف الإمارات والسعودية إلى جانب الأكراد في مشروعهم الإنفصالي أغضب الأتراك، خاصة أن هاتين الدولتين الخليجيتين دعمتا قوات حزب الاتحاد الديمقراطي “الجناح السوري للعمال الكردستاني” الذي تصنفه تركيا بأنه منظمة إرهابية وتحاربه على أراضيها، وفي مقابل ذلك كانت إيران وتركيا تحافظان على وحدة الاراضي العراقية.

أما صمود دمشق فقد كان فاتحة للوصول إلى “قمة سوتشي” التي كان الطرف التركي عضوا بارزا فيها، وأثر صمود دمشق على طبيعة التصريحات التركية التي جاءت أقل حدة من السابق بل تحدثت بأنه ليس هناك مشكلة من الحوار مع الحكومة السورية وهذا ما لاتريده الإمارات التي حاربت مع السعودية الحكومة السورية ودفعت المليارات لإسقاطها ومازالت تصر على هذا الأمر.

ثانياً: موقف تركيا من قرار الإدارة الأميركية حول القدس يختلف 180 درجة عن موقف السعودية والإمارات اللتان دعمتا القرار ولو سرا، فبينما كانت تركيا تدعو لقمة اسلامية للوقوف في وجه قرار ترامب المسيء لكل المسلمين كانت الإمارات والسعودية تلتزمان الصمت لكي لا يغضب العم سام الذي يعدهم بالوقوف إلى جانبهم في وجه النفوذ الإيراني في المنطقة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق