أسباب بناء القاعدة الصينية في أفغانستان.. أين “داعش” من اللعبة؟
أكّدت تقارير إخبارية في الأيام القليلة الماضية إجراء الصين محادثات جدية مع السلطات الأفغانية بغية بناء قاعدة عسكرية في البلاد، في منطقة ممر واخان الجبلية النائية بالتحديد، التي تشهد تسيير دوريات مشتركة بين جنود صينيين وأفغانيين، حسب ما يروي شهود عيان.
جاء ذلك بعد شهر من إعلان مساعد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية محمد رادمانيش، في كانون الأول الماضي، أن بلاده تبحث خطة بناء القاعدة، التي ستكون الثالثة للصين خارج حدودها، بعد جيبوتي وباكستان.
وفي وقت سابق من العام الماضي اجتمع وزراء خارجية كل من الصين، أفغانستان وباكستان في بكين، واتفقوا على التعاون لمواجهة التهديد الإرهابي المرتبط بمنطقة شينغ يانغ الشاسعة غرب الصين.
فما هي الأسباب التي تدفع الصين للقيام بخطوة كهذه؟
من باب حرصها على أمنها القومي، تخشى الصين عبور جماعات من الأويغور، وهم جماعات منفية تابعة لحركة “تركستان الشرقية الاسلامية” من منطقة واخان إلى شينغ يانغ لشن هجمات. خصوصا أنهم اكتسبوا خبرة في القتال؛ نتيجة لخوضهم معارك إلى جانب “طالبان”، ومجموعات مسلحة أخرى. والصين لا تريد أن يعود المقاتلون إلى أراضيها؛ خوفا من قيامهم بعمليات مسلحة. كما تخشى أيضا عبور مقاتلين من تنظيم داعش الارهابي، فروا من العراق وسوريا، منطقة آسيا الوسطى وشينغ يانغ للوصول الى افغانستان، أو عبورهم من واخان الى الصين.
بالإضافة إلى ذلك يندرج اهتمام الصين ببناء القاعدة العسكرية في إطار عمل الرئيس الصيني شي جين بينغ على توسيع النفوذ الاقتصادي والجيوسياسي لبلاده. لذلك تخشى الصين أن يهدد أي تمرد في البلد المجاور، مصالحها الاقتصادية المتنامية في المنطقة، وبالتالي هي بحاجة “إلى أفغانستان آمنة” من أجل الحفاظ على انتشارها الاقتصادي.
وبعد هزيمة داعش في العراق وسوريا، بات الحديث اليوم يتمحور حول تقوية هذه الجماعات في أفغانستان ومنطقة آسيا الوسطى، والشواهد كثيرة على الجهد التي تبذله الولايات المتحدة بغية تعزيز وجود التنظيم في تلك المناطق كي تضغط على روسيا والصين، وبغض النظر عن الجهة الواقفة وراء تنامي “داعش” وتسليحه، فإن توسع رقعة نفوذه إلى الحدود الأفغانية الشمالية ودول آسيا الوسطى، يدلّ على أنّ عين “داعش” والداعمين له على دول آسيا الوسطى وروسيا. كما أن النشاط العسكري في بعض الأقاليم الأفغانية في شمال أفغانستان، مثل إقليم بدخشان المجاور للصين، يشكل خطرا مباشرا عليها، وهو ما قد يكون من ضمن حزمة الأهداف المرسومة من وراء توسع رقعة نفوذ التنظيم في أفغانستان.
وفي هذا السياق أيضا، تعير الصين أهمية كبرى للمنافع الاقتصادية التي يمكنها تحقيقها في أفغانستان خصوصا أن الأخيرة تمتلك مخزونا من المعادن يقدّر بـ3 تريليون دولار، بالتالي يمثل استقرار أفغانستان مصلحة اقتصادية صينية.
كما تعمل الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة على إظهار الصين كمنافس لها ولمصالحها في المنطقة، مما شجّع الأخيرة على تعزيز حضورها خارج حدودها، وقد أرسلت العام أفرادا من الجيش الصيني إلى جيبوتي بالقرن الأفريقي من أجل إقامة أول قاعدة عسكرية لبكين في الخارج، وكانت قد بدأت منذ حوالي العامين العمل على إقامة قاعدة لوجستية هناك، حيث تحتل جيبوتي موقعا استراتيجيا لإعادة تزويد السفن البحرية المشاركة في مهام حفظ السلام والمهام الإنسانية بالوقود قبالة سواحل اليمن والصومال على نحو خاص.
بالتالي، كل ما تقدم أسباب دفعت بالصين للّعب خارج حدودها، فهل ستستطيع تحقيق ما تتمنّاه، والمحافظة على أفغانستان آمنة؟
المصدر / الوقت