التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

الهدنة في الغوطة الشرقية.. تسوية للأزمة أم إطالتها؟ 

قبل يومين صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع لمصلحة مشروع القرار الذي تقدّمت به السويد والكويت لفرض الهدنة الإنسانية في سوريا لمدة 30 يوماً.

وينص القرار على مطالبة جميع الأطراف المتنازعة في سوريا بوقف الأعمال القتالية فوراً، والدعوة إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية وإجلاء المرضى والمصابين، ورفع الحصار عن جميع المناطق المأهولة بالسكان بما فيها الغوطة الشرقية.

وطلبت روسيا تعديلات على مشروع قرار الهدنة الإنسانية في سوريا، تضمّن استثناء وقف إطلاق النار في المعارك ضد “داعش” و”القاعدة” والتنظيمات الإرهابية الأخرى المحددة من مجلس الأمن والأفراد والمجموعات والكيانات المتعاونة معها، كما طالبت بإدخال تعديلات على نص مشروع القرار بهدف إدخال معونات غذائية وطبية للمواقع المتضررة، إضافة إلى إجلاء المصابين لتلقي العلاج.

وقال المندوب الروسي “فاسيلي نيبينزيا” إن عملية التنسيق حول مشروع قرار الهدنة استغرق وقتاً طويلاً، لأن مسودة القرار كانت تضم نقاطاً تجعل تنفيذ القرار أمراً مستحيلاً، ما أثار تحفّظ روسيا.

وأضاف إن أمريكا تتستر بمحاربة الإرهاب في سوريا لتحقيق أهداف جيوسياسية تثير شرعيتها شكوكاً، مستطرداً: نحن نصرّ على الوقف الفوري أمام الأطماع الاحتلالية التي يظهرها التحالف الأمريكي المزعوم، الأمر الذي سيكون له تأثير إنساني واضح، لأنه سيسمح للحكومة السورية بالشروع في إعادة الحياة إلى طبيعتها في جميع الأراضي المحررة.

وفي كلّ مرة يصدر قرار أممي لوقف إطلاق النار منذ بداية الأزمة في سوريا قبل سبع سنوات بدا واضحاً أنه إجهاض لمشروع حسم كان يقترب لمصلحة الجيش السوري، وإنّ القبول به من قبل دمشق وحلفائها كان لتفادي الأسوأ، وهو مخاطر تدخل غربي مباشر وتصعيد عسكري تشارك فيه قوى إقليمية ودولية، لم يكن ما ظهر منها في آب 2013 بحشد الأساطيل الأمريكية قبالة سوريا مجرد مسرحية ولا مناورة.

ومنذ التموضع العسكري الروسي في سوريا نهاية العام 2015، وانكسار خطر التدخل الأمريكي الواسع منذ عام 2013 وعجز إدارة “دونالد ترامب” عن تخطي هذا الأمر، تبدّلت المعادلة الدولية وزالت مخاطر كانت تؤخذ في الحسبان.

ومنذ معركة حلب ونحن نشهد ثباتاً سياسياً روسياً في مجلس الأمن، وتحمّلاً استثنائياً للضغوط والحملات، لمنع أيّ وقف للنار يؤدّي الغرض الذي كان مرسوماً لكل هدنة، ليأتي القبول بالنص المعدّل للقرار الأخير ويحمل تعبيراً عن التوازنات الجديدة، فترضاه سوريا وتصوّت عليه روسيا.

وللمرة الأولى يأتي القرار الأممي ليربط فكّ الحصار بفكّ حصار موازٍ في كفريا والفوعة، ويربط وقف النار في الغوطة بوقف شامل في كلّ سوريا، ويمنح دمشق إمكانية ربط إجراءات المعونات والإخلاء والتهدئة بمثلها في الفوعة وكفريا وعفرين، والأهمّ من ذلك أنه يستثني “النصرة” و”داعش” ومَن معهما، ما يعني مواصلة عمليات استهداف النصرة في إدلب والغوطة، واستهداف “داعش” شمال دير الزور، وهذا ما أكد عليه مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة “بشار الجعفري” تعقيباً على القرار وشرحاً للفهم السوري لتطبيقه.

وهناك عدّة بنود في القرار الأممي الذي تأجل صدوره عدة مرات منها أنه لا يشير إلى تاريخ محدد، ومتفق عليه، لبدء سريان وقف إطلاق النار، وجرى استخدام تعبير “في أسرع وقت ممكن”، وهي عبارة فضفاضة تحتمل تفسيرات متباينة.

والقرار حدد بشكل واضح الجماعات الإرهابية التي تشمل “النصرة” و”داعش” و”القاعدة”، واستثناها من وقف إطلاق النار، ما يعني إمكانية مواصلة القتال حتى القضاء عليها أو إخراجها من المنطقة.

ومن الواضح أن تأييد ما يعرف بـ “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن” لقرار مجلس الأمن والالتزام بالهدنة، يعني أنهما مع قضاء الجيش السوري على الجيوب التي تسيطر عليها الجماعات المصنفة إرهابية.

وبقى أن نشير إلى أن التحالف الروسي السوري الإيراني اتخذ قراراً برد الاعتبار إلى اتفاق تخفيف الصراع في الغوطة الشرقية، وتأمين العاصمة كلياً من أي قصف بقذائف الهاون الذي تصاعدت حدته في الأسابيع الأخيرة من قبل عناصر “النصرة” و”داعش” خصوصاً. وفي هذا السياق أكد قادة عسكريون أن الهدنة لا تشمل الأجزاء التي يسيطر عليها الإرهابيون، ولذلك ستستمر العمليات حتى القضاء عليهم.

ولم ينتظر الجيش السوري والحلفاء مفاوضات ترسم آليات تطبيق القرار، بل بدأ بالتطبيق وفقاً لمفهومه للقرار بالتقدّم نحو محاور انتشار “النصرة” في الغوطة، ليحقق إنجازات مهمة في شمالها تمثلت بالسيطرة على مساحات واسعة وتلال مهمة وصولاً للسيطرة على بلدتي “الصالحية” و”النشابية” جنوب شرق الغوطة الشرقية، والتقدم على محاور “حزرتا” و”جوبر”. ويبقى الكلام الفصل لما هو آتٍ، إذ إن أي قذيفة ستسقط على دمشق تعني سقوط الالتزام بوقف النار.

والسيناريو المتوقع الذي قد يتبلور بشكل متسارع خلف الكواليس في الوقت الحاضر لإنهاء الأزمة في الغوطة الشرقية هو ذات السيناريو الذي جرى تطبيقه لإنهاء النزاع في حلب الشرقية، أي فتح ممر لخروج عناصر الجماعات المصنفة إرهابياً إلى المناطق التي يختارونها، وعلى الأرجح ريف مدينة إدلب.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق