هل ستؤتي الأوراق السعودية أُكُلها في إبعاد العراق عن إيران
تعتبر “الدبلوماسية العامة” أداة تستخدمها الدول للتأثير على ” قلب و فكر” مجتمعات الدول الأخرى والاستحواذ عليهما، وعبر الدبلوماسية العامة يمكن تغيير مفاهيم شعب ما والسيطرة على نظامه السياسي رويداً رويداً لأن “الديمقراطية” باتت متفشية وأصبحت الشعوب هي التي تأتي بالحكومات وأنظمة الحكم.
وللدبلوماسية العامة فروع مختلفة أهمها ثقافية وإعلامية وتبادلية، كما أن هناك فروعاً أخرى مثل الدبلوماسية الرياضية والدبلوماسية الداعمة، اللتان تأتيان بدرجة أهمية أقل.
والآن تسعى السعودية بعد 15 عاماً من تصدير الإرهاب إلى العراق ورسم صورة سيئة لها في أذهان العراقيين إلى تجميل هذه الصورة من أجل منع الأطياف العراقية المقربة من إيران من تعزيز مكانتها. ولذلك نشّطت السعودية دبلوماسيتها العامة في أواخر عام 2017 وبداية عام 2018 وهي تستمر في ذلك.
ملامح الدبلوماسية العامة السعودية في العراق
يمكن مشاهدة الدبلوماسية العامة السعودية في العراق في 4 أشكال رئيسية هي الدبلوماسية الثقافية والإعلامية والداعمة والرياضية لكن هذا لا يعني أن السعودية لا تستهدف باقي القطاعات.
الدبلوماسية الثقافية: تركز السعودية منذ فترة على الهوية العربية للعراق فعندما يتحدث المسؤولون السعوديون عن علاقات بغداد مع طهران يؤكدون أن العراق ينتمي للعرب وهو ملك لهم. ولإبعاد الرأي العام الشيعي العراقي عن إيران ينعق السعوديون في أبواقهم أن الإيرانيين يريدون إحياء الامبراطورية الفارسية ويعملون لمصلحة التشيّع كما تفوه بذلك وزير الخارجية السعودية عادل الجبير، وتسعى السعودية إلى أن تظهر نفسها رمزاً للعروبة وتكون مثالاً يحتذى للعراقيين وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى تجوّل السفير السعودي في شوارع بغداد بالدشداشة العربية.
الدبلوماسية الإعلامية: يتجنّب الإعلام السعودي منذ فترة بث الأخبار المسيئة عن الحكومة العراقية على عكس الماضي، وتسعى الرياض إلى إظهار نفسها بأنها تدعم استقرار العراق، ومن جهة أخرى يحاول السعوديون إغداق الأموال على وسائل الإعلام العراقية الشيعية البارزة لتنقل أخباراً إيجابية عن ابن سلمان. إن ميل وسائل الإعلام العراقية نحو بث أخبار مفيدة للسعودية سيؤثر من دون شكّ على الرأي العام العراقي لينجذب نحو السعودية أكثر من إيران.
الدبلوماسية الداعمة: بعد اقتراب العراق من التخلص من داعش تعالت الأصوات في الرياض لإرسال دعم مالي لإعادة إعمار العراق، وكانت الخطوة الأولى مساعدة بملايين الدولارات إلى مؤسسات خيرية تابعة للسيد مقتدى الصدر، كما عقد اجتماع ثلاثي بحضور رئيس الوزراء العراقي وتيلرسون في الرياض بحث استثمار السعودية أموالاً لإعادة بناء بغداد والاستثمار في العراق. وفي مؤتمر إعادة إعمار العراق والذي انعقد في الكويت تبرّعت هيئة الدعم الإسلامي السعودي بـ 2.7 مليار دولار للعراق وكذلك تبرّعت الحكومة السعودية بمليار ونصف المليار دولار لبغداد.
الدبلوماسية الرياضية: استضاف ملعب البصرة لكرة القدم (أحدث ملعب للكرة في العراق) أول مباراة له وكانت المباراة ودية بين المنتخبين السعودي والعراقي حضرها 70 ألف عراقي خسر خلالها المنتخب السعودي بأربعة أهداف مقابل هدف الأمر الذي ترك انطباعاً إيجابياً لدى الجمهور العراقي وكان البعض يحمل لافتات تتحدث عن الصداقة بين بغداد والرياض. وبعد المباراة اتصل الملك سلمان بالعبادي وشكره على حسن استقبال المنتخب السعودي واعداً أنه سيتكفل ببناء ملعب ثان في العراق.
زيارة ابن سلمان للعراق .. تقوية الدبلوماسية العامة السعودية
لا شكّ أن زيارة ابن سلمان المرتقبة للعراق ستقوّي فروع الدبلوماسية العامة التي ذكرناها، ويبدو أن هذه الزيارة تهدف إلى رسم صورة جديدة عن السعودية لدى المواطن العراقي وتلميع الصورة السابقة وكذلك التاثير على الإنتخابات النيابية والتدخل فيها قدر الإمكان، لكن نظرا للخلافات الحقيقية والعميقة بين الطرفين والتعارضات التي تبرز على الصعيد الديني والمذهبي بين الجانبين وكذلك السياسة القمعية السعودية تجاه الطائفة الشيعية في الدول الإقليمية وتبني الخطاب الطائفي من قبل الحكام السعوديين والتعارض بين البلدين في الهيكلية السياسية الحاكمة من نظام ديمقراطي الى نظام ملكي يستبعد الخبراء والمراقبون السياسيون نجاح الخطة السعودية الرامية إلى ابعاد العراق عن ايران وضمه الى محور الرياض.
المصدر / الوقت