التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

نفط كركوك يشتعل على شدة الخلافات بين بغداد واربيل 

علي رحيم اللامي –

لعبت حكومة كردستان العراق دورا كبيرا في خلق وبلورة الازمات السياسية والاقتصادية على حد سواء في البلاد وجعلت العملية السياسية برمتها قاب قوسين او ادنى من الانهيار المحتوم . هذه الازمات المتتالية كان احد اركانها النفط الحاضر في حكومة الاقليم والغائب في البنوك العراقية.

فقد تطورت الاحداث السياسية بشكل سريع وخطير ما ينذر بكارثة غير مسبوقة اذ فرضت قوات البيشمركة الكردية سيطرتها الكاملة على منشآتٍ لإنتاج النفط في حقلي كركوك وباي حسن بمحافظة كركوك شمال بغداد وقال مسؤول كردي رفيع في كردستان ان حكومة الاقليم اضطرت إلى التحرك لحماية البنية التحتية العراقية بعد علمها بمحاولاتٍ من جانب مسؤولين بوزارة النفط العراقية لتخريبها متهما وزارة النفط المركزية بالتخطيط لتخريب خط أنابيب جديد تحت الانشاء يربط بين حقول النفط الرئيسية الثلاثة في كركوك من بينها حقلان كانت تديرهما في السابق شركة ُنفط الشمال التابعة لحكومة بغداد

من جانبها هددت وزارة النفط المركزية حكومة َكردستان بمواجهة عواقبَ وخيمةٍ في حال لم تنسحب قواتُ البيشمركة من المنشآت النفطية الخاضعة الى ادارة الاقليم  عادتا هذا العمل تجاوزا على الدستور والثروة الوطنية وتجاهلا للسلطة الاتحادية وتهديدا للوحدة الوطنية.

في هذه الاثناء كشف مصدر دبلوماسي عن ان الأزمة السياسية بين بغداد واربيل باتت تهدد باندلاع معارك عسكرية مؤكداً ان اي توتر آخر يحدث بين الطرفين سيؤدي الى مواجهة مسلحة.

وقال المصدر ان الأزمة السياسية بين بغداد واربيل تفاقمت كثيرا، وقد اصبحت على شفا حرب عسكرية، ولن يطول الامر حتى تندلع هذه الحرب، مالم تتدخل بعض الأطراف للوساطة”.

 وأشار المصدر إلى ان اقليم كوردستان وحكومتها لن تتحمل المزيد، فقد وصلت الى النهاية، وهي ترغب كثيرا بالانفصال وتكوين الدولة الكردية”.

وأوضح انه “بالاستناد الى المعلومات الموجودة حول قدرات الكورد، فان اقليم كوردستان مستعد أيضاً لخوض هذه الحرب، وسوف يخوضها آجلا ام عاجلا”.

ولطالما استخدمت هذه المادة المهمة في الصراعات بين ابناء البلد الواحد وتلافيا لاطالة امد هذا الصراع فقد دعا وزير النفط الاسبق النائب ابراهيم بحر العلوم الى تحييد الثروة النفطية في العراق عن المنازعات والمحسوبيات السياسية ووجوب سرعة تشريعها بقانون .

وقال بحر العلوم في تصريح صحفي انه  يجب أن يتم تحييد الثروة النفطية في العراق عن المنازعات والمحسوبيات السياسية وان تكون مشرعة بقانون أقرّه الدستور تحت عنوان تقسيم الثروات أو قانون النفط والغاز، وتشريع القانون أمر تستبعده الكتل السياسية والنيابية في مداولاتها ومؤتمراتها التوافقية والتحاصصية” .

واضاف ان الكارثة تكمن في عدم وجود رؤية واضحة في بناء قاعدة نفعية لهذا الاستثمار، تتماشى مع رفع المظلومية عن المواطن و تحصيل ما يمتلكه من حصة في ثروته الطبيعية في العراق

وتشهد العلاقات بين بغداد وأربيل أزمة مزمنة تفاقمت منذ أشهر لكنها اشتدت في الآونة الأخيرة اثر الخلافات الخاصة بعقود النفط التي ابرمها إقليم كوردستان مع عدد من الشركات الأجنبية والاتهامات التي وجهت للإقليم بشان عمليات تهريب الوقود خارج العراق، فضلا عن الأزمة التي اشتدت بين الجانبين إزاء نشر قوات عراقية على الحدود السورية داخل الاقليم الأمر الذي عارضته كوردستان وكاد أن يؤدي إلى صدام مسلح بين القوات الجيش العراقي والبيشمركة.

 وسبق أن أعلنت وزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق، في 12 آب 2012، عن اتفاقها مع الحكومة المركزية على انسحاب قوات الجيش العراقي من ناحية زمار، شمال غرب الموصل، ووضع آلية مناسبة لنشر قوات البيشمركة والجيش العراقي بالمناطق المتنازع عليها

يذكر أن وكيل وزارة البيشمركة اللواء أنور الحاج عثمان أعلن، في اواخر تموز الماضي، أن لواءين من الجيش العراقي هاجما قوات اللواء الثامن التابع وزارة البيشمركة التي تتمركز في مناطق خابور وزمار على الحدود العراقية السورية، فيما نفى الأمين العام لوزارة البيشمركة جبار ياور الأنباء التي تحدثت عن اشتباك مع الجيش العراقي في مناطق حدودية مع سوريا، لكنه أكد أن قواتها منعت قوات الجيش من التمركز في تلك المناطق.

رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني اكد بدوره ان الاقليم عازم على السير الى الامام في مجال الطاقة ولن يعود بخطواته الى الوراء  وانه سوف يعقد اتفاقيات وعقود نفطية مع تركيا بعيدا عن حكومة المركزوشدد بارزاني على  ان الاتفاق والتعاون مع تركيا ، ليسا مصدرا للخوف والتهديد ضد احد ، بل هما تأكيد على الحقوق والواجبات السياسية والقانونية والقومية التي لن نتخلــــى عنها .

من جانبه اكد وزير الطاقة التركي تانير يلدز رغبة بلاده باتفاق نفطي مع العراق يخدم جميع الاطراف مبينا ان تركيا ترغب بموافقة الحكومة العراقية على تصدير النفط اليها من اقليم كردستان.

وحظيت مشكلة انفراد اقليم كردستان في تصدير نفطه باهتمام الولايات المتحدة اذ اجرى الوفد الاميركي الذي وصل الى اربيل في شهر نيسان الماضي اتصالاته مع المسؤولين هناك  حاملا مقترحا جديدا لحل الخلاف بين بغداد واربيل. وكشف النائب عن التحالف الكردستاني قاسم محمد في تصريح صحافي عن ان “الوفد الاميركي حمل مقترحا جديدا لحل الخلاف النفطي بين بغداد واربيل”، مبينا ان “المقترح نص على ان تودع واردات بيع نفط الاقليم في صندوق خاص ويحصل الاقليم على حصته البالغة 17 بالمئة منه فيما تذهب المبالغ الباقية الى الخزينة الاتحادية في بغداد”، مضيفا ان المقترح نص ايضا على ان يقوم الاقليم بتصدير النفط تحت اشراف الحكومة الاتحادية وشركة “سومو” لمعرفة تفاصيل الصادرات”، مشيرا الى ان “موافقة بغداد على المقترح الاميركي ستعجل بحل هذا الخلاف”.

وتصر بغداد على أن يكون تصدير النفط تحت إشرافها الحصري بحيث يكون تصدير نفط الإقليم بإشراف مشترك وبعلم الحكومة الاتحادية، وأن عائداته تذهب إلى خزينة الدولة الاتحادية، بينما ترى أربيل أن الدستور يتيح لها ان يكون لها دوراً في الملف النفطي معتبرة  اشتراط بغداد إشراف شركة سومو على عمليات تصدير نفط الإقليم وايداع ايراداته لدى DFI يجعل إقليم كوردستان تحت وصاية الحكومة الاتحادية وهو امر يرفضه الكورد جملة وتفصيلا.

وكانت حكومة اقليم كوردستان قد وافقت على ضخ النفط عبر اراضيها شريطة ان يتم فتح حساب خاص لاقليم كوردستان من ريع النفط وهو ما اعترضت عليه الحكومة الاتحادية معتبرة اياه خرقا لسيادة العراق.

وفي ظل التعثر في محاولات حلحلة الازمة العالقة، تطفو على السطح مشكلة مالية إقتصادية تكمن في تأخير الحكومة الاتحادية في صرف رواتب الموظفين في اقليم كوردستان مما تسبب في ركود في السوق الكوردستاني وتضرر الوضع الاقتصادي للعائلات لاسيما وان اغلبها تعتمد اعتمادا كليا على الرواتب الشهرية في تسير حياتها اليومية وتامين لقمة العيش.

قانونيا يتحدث الخبير القانوني طارق حرب إن العراق اصبح مجتمع الازمات، والمتضرر من ذلك المواطن البسيط، لاسيما وان عدم حسم ملف الموازنة تبعه زيادة حد التوتر بين بغداد واربيل لدرجة وصلت الى قوت المواطن”، مبينا ” ان على الحكومة الاتحادية العمل بقانون الادارة المالية لسد نفقات البلاد من اجور الموظفين وغيرها، من موازنة العام السابق حتى وان تاخر اقرار الموازنة للعام الجاري ولجميع المحافظات العراقية دون استثناء محافظات الاقليم”، مشيرا ” الى تاخر صرف الرواتب تم وفق الناحية الادارية، لاسيما فيما يخص الازمة العالقة بين بغداد واربيل”،

وخلال اللقاء الاخير الذي جرى اثناء زيارة الوفد الكوردي برئاسة رئيس حكومة اقليم كوردستان نيجرفان بارزاني ورئيس الوزراء نوري المالكي فقد الطرفان على ضرورة التوصل إلى حل المسائل العالقة في الاجتماعات المقررة بين وفدي الحكومة والاقليم.

وقال بيانٌ لمكتب رئيس الوزراء ان اللقاءَ الذي جرى مع رئيس حكومة اقليم كردستان نيجرفان بارزاني كان ايجابيا وتم خلالَه التأكيدُ على تسريع اقرار الموازنة العامة وحسم القضايا العالقة والتوصلُ إلى تفاهمات حول تقاسم الثروات النفطية وتوزيع وارداتها.

وكان رؤساء الكتل السياسية قد عقدوا نهاية شهر شباط المنصرم اجتماعاً برئاسة اسامة النجيفي رئيس مجلس النواب لمناقشة تأخر اقرار الموازنة الاتحادية والقضايا العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان

وجرى خلال الاجتماع الاتفاق على قيام النجيفي ببذل الجهود مع رئاسة الوزراء وحكومة اقليم كوردستان لحل ما تبقى من المشاكل العالقة بالاضافة الى السعي الحثيث لتقريب وجهات النظر بما يؤمن اقرار الموازنة باسرع وقت ممكن.

وخلال هذه الفترة شهدت جلسات البرلمان مقاطعات للجلسة من قبل الكتلة السياسية، اذ اشترطت الكتل الكوردستانية حضورها بعدم ادراج مشروع قانون الموازنة على جدول اعمال الجلسات لحين تعديل صيغتها بما يتوافق مع مطالب الكورد المشروعةـ وجلها امور مرتبطة ارتباطا وثيقة بملف النفط وحصة الاقليم من عائداته.

من الناحية الاقتصادية يؤكد الباحث الاقتصادي نزار الوائلي في تصريح صحفي إن تأخر  حسم موضوع الملف النفطي سيلقي بظلاله على مجمل مفاصل الحياة للفرد العراقي واهمها تاخر العجلة الاقتصادية وبالتالي تراكم الازمات لتكن بذلك عبئ ثقيلا يضاف الى الاعباء التي تورها البلد من الانظمة السابقة وبالتالي سيحدث عجزا اضافيا للموازنة المقبلة وقد يهدد ذلك بإنهيار إقتصادي “، مبيناً  إن حدث كل ماسبق ذكره فأن تاثيرات ذلك ستطال السوق والتعاملات التجارية وإرتفاع الاسعار، والمتضرر الوحيد من ذلك هو المواطن البسيط”.

ويقول المحلل الاقتصادي محمد الشريف ” إن الازمة النفطية شائكة وليست وليدة الساعة، ومن الصعوبة ان يتم حسمها بالكامل دون تمرير قانون النفط والغاز والذي من شانه ان يضع النقاط على الحروف دون حدوث اي اشكالات من شانها ان تعطل عجلة التقدم الاقتصاد كون النفط  يعد من اهم الصادرات لدى العراق ان لم يكن الوحيد وميزانية البلد تعتمد على عائداته اعتمادا كليا.

وبين الشريف إن تغليب المصلحة العامة للبلاد على المصالح الفئوية الضيقة من انجع الحلول لحسم اغلب المشاكل ومن بينها النفطية وان تحقق ذلك فانه سيسهم في تدارك الموقف و معالجة العجز الحاصل بالموازنة خلال العامين المقبلين وبالتالي تحسن الوضع الاقتصادي بما يطمح اليه المواطن.

وفي اطار هذه الصورة القاتمة، من المستبعد جدا ان يخضع الاقليم للمناشدات العقلانية التي تطالب بأنسحاب البيشمركة وعودة الامور الى ما كانت عليه في ظل الظروف والمستجدات الجديدة ..

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق