هل تؤثر اللوبيات العربية على سياسة واشنطن؟
تلعب اللوبيات في أمريكا دوراً مهماً بصنع القرار في عاصمة القرار العالمي، واشنطن، واللوبي هو عبارة عن “جماعة ضغط” تتولى محاولة التأثير على صنّاع القرار أو المحافظة عليه بما يتماشى مع مصالحها الخاصة، ومن المعروف أن اللوبي اليهودي، المؤيّد لـ “إسرائيل”، يشكّل قوة ضغط كبيرة في أمريكا وقوته في التأثير على القرارات ويقوم عمل اللوبي على تشكيل رأي عام مؤيد لفكرة ما أو معارض لها بشكل يتيح جمع ما يكفي من الأصوات لدعم ذلك الرأي في مراكز القرار مثل الكونغرس، وفي هذا الصدد، سعت بعض الدول العربية في السنوات الأخيرة إلى تشكيل مجموعة من اللوبيات في سبيل تحقيق مصالحها الخاصة، فما هي الأهداف الحقيقية لهذه اللوبيات العربية في الساحة الأمريكية والدولية؟
1- تحقيق الاستقرار وتعزيز القوة
إن معظم الدول العربية لديها أنظمة دكتاتورية ومن أجل الحفاظ عليها وتقويتها تسعى هذه الدول إلى كسب الرضا الأمريكي، ويرى الملوك العرب أنه من خلال هذه اللوبيات يمكنهم كسب ذلك الرضا كما يفعل اللوبي الصهيوني، ومثال ذلك نذكر جهود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لكسب الرضا الأمريكي في مجالات عدة من أجل تمهيد الطريق له لاستلام العرش بعد والده الملك سلمان.
2- المحافظة على الأمن وتوازن القوى
هدف آخر تسعى إليه الدول العربية هو الحفاظ على موازين القوى في المنطقة وخاصة مع جمهورية مقتدرة كإيران، ولهذا السبب، تحاول هذه الدول الضغط على السلطات الأمريكية في سياق سياسي وعسكري من أجل جذب دعمها ووضع إيران في وضع غير ملائم، وعلى سبيل المثال كانت الدول العربية من أبرز المعارضين للاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5 + 1 لأنها كانت خائفة من أن تصبح المسافة بين طهران وواشنطن ضئيلة، ما يعني استغناء أمريكا عنهم وبالتالي خسارتهم لعروشهم، وفي هذا السياق نشرت مجلة “the American conservative” مقالاً حمل عنوان ” اللوبي السعودي في مواجهة الاتفاق النووي” تناولت فيه المساعي السعودية للإطاحة بهذا الاتفاق.
3- الإيهام
لجنة العلاقات العامة السعودية الأمريكية ” Saudi American Public Relation Affairs Committee ” وتحمل اسم ” سابراك ” أيضاً، هي واحدة من ضمن مجموعة كبيرة من اللوبيات العربية التي تأسست في واشنطن، وتهدف إلى تحسين صورة السياسة الخارجية السعودية في أمريكا، وكذلك تعزيز العلاقات الأمريكية السعودية، وتعد الأنشطة الإعلامية والاتصالات الثقافية والتربوية التي تقوم بها هادفة ولها أثر كبير على العلاقات بين المواطنين السعوديين والأمريكيين، وقام هذا اللوبي الصغير منذ سنة تقريباً بإنفاق 138 ألف دولار في أمريكا على شكل حملة دعائية ضد قطر، متهمة الدوحة بدعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
ويتم دعم هذه اللوبيات من قبل العديد من الجهات الفاعلة في المجتمع الأمريكي، ووصفت صحيفة نيويورك تايمز هؤلاء الأفراد بأنهم أعضاء في جماعات النخبة وأعضاء سابقين في الكونغرس وبعض الدبلوماسيين السابقين الذين كانوا يعملون في تجارة الأسلحة ومكافحة الإرهاب والنفط.
ومن بين الأنشطة الأخرى التي تقوم بها هذه اللوبيات التأثير على الدراسات التي تقوم بها مراكز الأبحاث هناك، حيث قامت الدول الداعمة لهذه اللوبيات بضخ أموال كبيرة في حسابات هذه المؤسسات من أجل إيهام العالم بأن أنظمتهم تتمتع بالحرية والديمقراطية، ومن بين الأمثلة التي يمكن ذكرها في هذا المجال، المعلومات المستخلصة من البريد الإلكتروني لـ يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات في أمريكا، وتشير المعلومات إلى أن الإمارات تبرعت بمبلغ 250 ألف دولار أمريكي إلى مركز” center for new American security ” لتسهيل عملية بيع الأسلحة إلى الإمارات.
4- التأثير في تعيين المسؤولين
كما وتم ملاحظة أنشطة هذه اللوبيات في الانتخابات الأمريكية، حيث قال الدكتور عبد الرحمن فيردي في مقال له نشر في مجلة “الشؤون الأوسط” الأمريكية عن دور اللوبي العربي الإسلامي في انتخابات عام 2000 في أمريكا الذي دعم جورج بوش مقابل ألغور حيث قال “إن المشاركة النشطة للعرب والمسلمين في انتخابات 2000 لم تأتِ من فراغ، بل هي ثمار الجهود المستمرة والمتواصلة لإخواننا من بين الأقليات العربية … (كممثل) لوبي عربي خارجي”.
5- المنافع الاقتصادية
هدف آخر يسعى إليه العرب في أمريكا هو تحقيق المنافع الاقتصادية. وعلى سبيل المثال، سعت السعودية، باعتبارها واحدة من أهم الدول المنتجة للنفط، إلى خفض إنتاجها النفطي في أعقاب خطة رؤية 2030 وخفض اعتمادها على صادرات النفط، ومن أجل توفير التمويل لرؤية 2030، تطلب الأمر زيادة في أسعار النفط، وفي هذا الصدد، قال وزير النفط زينجنيه، إن السعودية وأمريكا تواطأتا لرفع أسعار النفط، ونتيجة لانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، وتراجع عائدات إيران من مبيعات النفط نتيجة لاستئناف العقوبات ستكون السعودية المستفيد الأكبر وسيمكنها تمويل خطة 2030.
ختاماً، إنّ اللوبي مصطلح شائع في أمريكا، حيث تسعى بعض الدول العربية إلى الاستفادة منه من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها، أهداف تشمل الحفاظ على القوة والأنظمة، وتحقيق التوازن بين القوى الإقليمية، وتحسين الدبلوماسية العامة والحصول على منافع اقتصادية وأمنية، وكما أشرنا سابقاً إن هذه اللوبيات العربية المتفرقة لن تستطيع التأثير على السياسة الأمريكية بسبب التنافس الحاصل فيما بينها.
المصدر / الوقت