التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

هل تسعى أمريكا لإسقاط أردوغان حقّاً؟! 

على ما يبدو أن تركيا لا تريد تحت أي ظرف أن تصبح “بيدقاً” بيد أمريكا، ومحاولات واشنطن المستدامة لحرف السياسة التركية على هواها توضّح سبب قلق أنقرة من التدخلات الأمريكية، ونظراً لعدم انصياع أردوغان للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نجد اليوم الخلافات بينهما بدأت تتفاقم على عدة مستويات، وصلت حالياً إلى عتبة الاقتصاد التركي وبدأت الليرة التركية تشهد هبوطاً ملحوظاً منذ أكثر من شهر وحتى الآن، فهل يستسلم أردوغان أم يتفهم ترامب طبيعة تركيا ومصالحها الإقليمية وسياستها بهذا الخصوص، ويتراجع عن مضايقته وعقوباته الاقتصادية لها؟!.

الانقلاب الفاشل

بداية الحساسية مع واشنطن تعود إلى صيف العام 2016 عندما بدأت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، لتخرج عن هذه المحاولة مجموعة من التداعيات لم يكن اسم واشنطن بمعزل عنها، فقد ساور أنقرة بعض الشكوك حول ما إذا كانت واشنطن قد شاركت في هذا الانقلاب عبر قاعدة إنجرليك، وما أثار قلق تركيا أكثر أن أمريكا رفضت تسليم فتح الله غولن المتهم الأول بالمسؤولية عن الانقلاب الفاشل.

يضاف إلى ذلك تصريحات المسؤولين الأمريكيين والتي أزعجت أنقرة واعتبرتها تدخلاً في شؤونها الداخلية، فبعد فشل الانقلاب في تركيا، صدر عن قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال جوزيف فوتيل، مجموعة من التعليقات حول إبعاد عدد من ضباط الجيش في تركيا عن مهامهم على ضوء التحقيقات التي تجريها النيابات العامة في تركيا بخصوص المحاولة الانقلابية الفاشلة، ليردّ على ذلك الرئيس التركي بالقول: “إن تطهير قواتنا من الانقلابيين أزعج الجيش والاستخبارات الأمريكية”، وأضاف أردوغان: ” أحد الجنرالات، أو الأميرالات في أمريكا، وبالتزامن مع ما يجري (في تركيا) يقول: “شخصيات من مستويات عليا في القيادة كنّا نتواصل معهم قد باتوا خلف قضبان السجون”، على الإنسان أن يخجل قليلاً، هل أنت مخوَّلٌ للخوض في هذه الأمور واتخاذ قرارات في هذا الصدد؟ من أنت؟ عليك قبل كل شيء أن تعرف حدودك وتعرف نفسك”.

واتهم أردوغان حينها الجنرال الأمريكي بالاصطفاف إلى جانب الانقلابيين، مذكراً إياه بأن متزعّم الانقلاب مقيم في بلدكم، ويتلقى الدعم منكم.

بقيت هذه الحساسية بين واشنطن وأنقرة حاضرة حتى وقتنا هذا، وقد ظهر ذلك في مسارعة أردوغان للدفاع عن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بعد عملية الاغتيال الفاشلة التي تعرّض لها، والبعض تساءل عن ردّ الفعل التركي السريع تجاه عملية الاغتيال الفاشلة، بعض الخبراء وجد في ردّ فعل أردوغان انعكاساً لموقفه من واشنطن إزاء الانقلاب العسكري الفاشل قبل عامين.

الناتو

يربط تركيا وأمريكا علاقات قوية على عدة أصعدة لاسيما العسكرية منها، إذ تشترك أنقرة مع واشنطن في حلف الناتو، ومؤخراً بدأ أردوغان محاولة التغريد خارج سرب الناتو والاتجاه نحو الانضمام إلى دول البريكس، وهذا الأمر سيغضب واشنطن كثيراً، فهي لا تريد لتركيا أن تخرج من حلفها ولكن تبحث عن منعها من تنويع مصادرها من المشتريات العسكرية، وقذ برز هذا الكلام حين اتجهت أنقرة لعقد صفقة مع روسيا لشراء صواريخ “أس 400 ” بعد أن رفضت أمريكا بيع تركيا صواريخ “باتريوت”، ما أغضب واشنطن من جديد ليصدر الكونغرس إثر ذلك قراراً يمنع توريد طائرات إف35 إلى أنقرة رغم أنها عضوة في ائتلاف تصنيع المقاتلة الأمريكية.

وفي هذا الإطار يرى الكاتب والأكاديمي الأمريكي جيمس بتراس، أن مشروع قانون الدفاع الأمريكي الجديد يظهر أن واشنطن تريد السيطرة على تركيا واستقلالها المتنامي وسياستها في السعي إلى علاقات أفضل مع إيران وروسيا وتجمّع بريكس، ويرى أن هذا سبب آخر يجعل أمريكا غاضبة وتهدد تركيا بسياسة عدائية إذا قامت بتنويع مصادرها من المشتريات العسكرية.

مشاريع واشنطن في المنطقة

لا تريد تركيا أن تكون جزءاً من مخططات واشنطن في المنطقة لكونها تتعارض مع أنقرة في أغلبها على سبيل موضوع الأكراد، فواشنطن التي ترى فيهم حلفاء جيدين يخدمونها في تلبية مصالحها ترى فيهم أنقرة تهديداً لأمنها القومي، وبينما تحاربهم الأخيرة نجد واشنطن تمدهم بجميع أنواع الدعم، وبالنسبة لتركيا هذا الملف خط أحمر لا يمكن النقاش فيه، ورأينا جميعاً كيف اخترقت القوات التركية الحدود السورية لإبعاد خطر الأكراد عن حدودها.

هناك أيضاً موضوع “صفقة القرن” والذي يقود إلى تصفية القضية الفلسطينية وهذا ما لا تريده تركيا، التي تجمعها بالفلسطينيين روابط قوية، وتتبنى أنقرة الدفاع عنهم في المحافل الدولية، وقد سارعت إلى عقد اجتماع لدول التعاون الإسلامي بعد عملية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

يضاف إلى هذين الملفين، “موضوع إيران” ومحاولة واشنطن المستمرة لحشد الدول الإقليمية برمتها لحصار إيران وإرضاخها وهذا ما لن تفعله تركيا التي تربطها بإيران علاقات استراتيجية على جميع المستويات ولاسيما الاقتصادية منها، وبالتالي من الصعب جداً جرّ أنقرة إلى مستنقع معاداة إيران.

في الختام.. أمريكا لن تقدم على خطوات علنية لتغيير النظام في تركيا بعد تجربة الانقلاب العسكري الفاشل، وبالتالي تريد الضغط على أردوغان لإسقاطه شعبياً، كون الخط الأول سيقضي على المصالح بين البلدين.

في الصورة العامة هناك حاجة كل طرف للآخر، لكن التقارب التركي مع روسيا وإيران دفع بالرئيس ترامب لاتخاذ هذه السياسة العدائية تجاه أنقرة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق