حزب الله: الغموض البنّاء أنجع سلاح للمواجهة
لطالما شكّلت السريّة أقوى أسلحة حزب الله في أي معركة يواجهها مع العدو الصهيوني وهذا ما كان يدفع الأخير دائماً إلى أخذ الحيطة والحذر من الغموض الذي يلفّ تفاصيل حزب الله وإمكانياته العسكرية المبهمة والتي يتفاجأ بها عند بدء أي معركة، ولطالما حاول الكيان الإسرائيلي إحباط محاولات حزب الله في الحصول على أسلحة حديثة أو حتى تطوير أسلحة قديمة إلا أنه كان يفشل دائماً بسبب السرية المطبقة والنسيج المتماسك الذي يتمتع به حزب الله.
القلق الصهيوني
من حق الصهاينة أن يشعروا بالقلق والرعب من قدرات حزب الله المتزايدة والتي وصلت بحسب تقارير عالمية إلى أماكن متقدمة جداً من الصعب السيطرة عليها أو حتى الإحاطة بتفاصيلها، لذلك سيبقى الإسرائيلي ينتظر المفاجأة تلو الأخرى، كما حصل في حرب تموز 2006 عندما استخدم حزب الله سلاح “الكورنيت” الذي دمّر أسطورة الميركافا.
ويمكننا ملاحظة القلق الإسرائيلي في تصريحات المسؤولين الصهاينة بين الفينة والأخرى، وقد كان هذا واضحاً في تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أسبوعين في الجمعية العمومية للأمم المتحدة عندما زعم أنه يملك معلومات عن مواقع منشآت المقاومة لتحويل الصواريخ إلى صواريخ دقيقة، فأكد الأمين العام لحزب الله أنه “فيما يتعلق بالأمور العسكرية وسلاح المقاومة وإمكانات المقاومة، وعديد وعدة المقاومة وما يتصل بالمقاومة هو خاص بسياستنا التي يقول البعض أنها السكوت أو الصمت، هذا صحيح، ولكن التوصيف الصحيح هو الغموض البنّاء”، واعتبر أن “هذا سكوت هادف من موقع المعركة، ونحن من أجل أن يأخذ كل الناس علماً، كلما خرج ناتنياهو أو غير ناتنياهو بكلام أن حزب الله عنده هيك أو ما عنده هيك أو في المكان الفلاني أو في غيره… فهل على حزب الله أن يقدم إجابات؟ لا، أبداً ليس علينا أن نقدم إجابات ومن الخطأ أن نقدم إجابات لأن هذا يدخلنا بلعبة العدو”.
لماذا تصاعد القلق الاسرائيلي
أولاً: شكّلت حرب تموز في العام 2006 ضربة صاعقة للكيان الإسرائيلي وداعميه من خلال النصر الذي حققه “حزب الله” وحالة الذعر والفشل التي أصابت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي لم تستطع الصمود في وجه رجال حزب الله بالرغم من الإمكانات الهائلة التي يمتلكها الكيان الإسرائيلي ناهيك عن الجسور الجوية والدعم الإعلامي واللوجستي، ومع ذلك فرّ جنود الاحتلال هاربين بعد أن أسقط حزب الله زيف ادعاءاتهم بأنهم “لا يمكن أن يخسروا أي حرب يخوضونها”.
ثانياً: وجد الإسرائيليون في دخول حزب الله على خط الأزمة السورية فرصة كبيرة للانتقام مما جرى في العام 2006، ومن هنا جاء دعم الجماعات الإرهابية المسلحة من قبل الكيان الإسرائيلي بشكل لا محدود، ولكن ما حصل بعد سبع سنوات من الأزمة جاء مخالفاً لتوقعات الصهاينة مرة أخرى، ليخرج الحزب منتصراً وأقوى من أي وقت مضى فضلاً عن كون جنوده حصلوا على تدريب عالٍ وخبرات لا يمكن إنكارها أو إنكار تأثيرها المستقبلي في أي معركة قادمة.
ثالثاً: لم يكتفِ الحزب عند هذا الحد، بل خرج علينا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الشهر الماضي، ليقول إن الحزب حصل على صواريخ دقيقة ومتطورة على الرغم من محاولات إسرائيل منعه من ذلك، وقال نصر الله: إن ما فعلته إسرائيل من محاولات لمنع الحزب من الحصول على الصواريخ لم يجد نفعاً، فقد بات الحزب يمتلك الصواريخ الموجهة بدقة، إلا أنه لم يقدم أي دليل على امتلاكه لهذه الصواريخ.
وأضاف نصر الله في كلمة متلفزة أن المقاومة باتت تملك من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة، ومن الإمكانيات التسليحية ما يسمح إذا فرضت إسرائيل على لبنان حرباً، فإنها ستواجه مصيراً وواقعاً لم تتوقعه في يوم من الأيام.
السيد نصرالله كشف منذ أكثر من 10 سنوات أن الحزب كان يملك أكثر من 20 ألف صاروخ، بعد حرب تموز قال: إن الحزب يمتلك أكثر من 100 ألف صاروخ.
هذا الخطاب من الطبيعي جداً أن يقلق الصهاينة لأنهم يعلمون بأن السيد حسن نصرالله لا يكذب فيما يقول، وما زاد الخطر أن الجيش السوري أصبح على الجبهة الجنوبية.
رابعاً: القدرات السيبرانية، نشر موقع ” The Cipher Brief” الأمريكي المتخصص بالدراسات الأمنية الإلكترونية دراسة جديدة عن نشاط “حزب الله” اللبناني الإلكتروني في السنوات العشر الأخيرة.
وأشار التقرير إلى أن الحزب سعى طوال السنوات الماضية إلى تطوير قدراته الإلكترونية والرقمية واستباق خصومه وأعدائه لكي يتسنّى له المواجهة الرقمية، كما يحاول الحزب استخدام الإنترنت لتعزيز شهرته من خلال نشر البروباغندا الإعلامية للتجنيد.
واعتبر التقرير أن لدى الحزب اللبناني كل الإمكانيات المطلوبة التي ستساعده على القيام بعمليات هجوم إلكترونية مختلفة ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية وخليجية، وأضاف التقرير إن شركة شيك بوينت الإسرائيلية للأمن السيبراني في العام 2015 قد كشفت عن حملة تجسس انطلقت من لبنان واستهدفت شركات ومؤسسات إسرائيلية ووصلت الحملة التجسسية إلى السعودية.
المصدر / الوقت