رئيس برلمان مصر يتهرب من “هدايا ابن سلمان”
سياسة ـ الرأي ـ
رفض مكتب رئيس البرلمان المصري، علي عبد العال، تقديم إيضاحات حول حقيقة الوفد البرلماني الذي ذهب لمقر إقامة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارته للقاهرة يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، وحصولهم على هدايا من السفير السعودي بالقاهرة باسم ابن سلمان.
وأكد مسؤول بمكتب رئيس البرلمان، أنهم ليس لديهم علم بتلقي النواب هدايا من ولي العهد، رافضا تقديم المزيد من الإيضاحات حول الموضوع.
وفي إطار متصل، قام النواب الذين وردت أسماؤهم بالقوائم المتداولة بأنهم حصلوا على الهدايا، بإغلاق هواتفهم بعد تساؤلات الإعلام.
واكتفى وكيل البرلمان سليمان وهدان، الذي تزعم الوفد، بإصدار بيان أكد فيه أهمية الترحيب بولي العهد، وأنها خطوة هامة لدعم استقرار السعودية، في ظل الحرب الإعلامية التي تتعرض لها، مشيرًا إلى أن مصر لا يمكن أن تنسى وقوف القيادة السعودية بجانبها في الكثير من المواقف.
وقد كشفت تقارير إعلامية أن وفدا من نواب البرلمان قام بزيارة مقر إقامة ولي العهد السعودي خلال تواجده بالقاهرة، وظلوا في انتظار نزوله من جناحه الملكي لأكثر من ساعة، وقد سلمهم السفير السعودي بالقاهرة، أسامة بن أحمد، هدايا باسم ولي العهد عبارة عن ساعة يد ماركة “تيسو”، وهي الهدية ذاتها التي تلقاها النواب خلال زيارة الملك سلمان للبرلمان المصري قبل التصويت على اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.
من جانبه، أكد الباحث المتخصص في الشؤون البرلمانية عادل الحلواني صحة المعلومات الخاصة بحصول بعض النواب على هدايا مقابل الترحيب بولي العهد السعودي، مؤكدا أن الوفد تم تشكيله بتكليف من رئيس البرلمان نفسه، وبتعليمات من رئاسة الجمهورية التي أرادت إيصال رسالة لولي العهد بأن كل فئات الشعب المصري تقف في صفه.
وأضاف الحلواني أن هذه ليست المرة الأولى في عهد البرلمان الحالي التي يتم فيها الحصول على هدايا على خلاف لائحة مجلس النواب التي تحتم على الأعضاء تسليم هذه الهدايا لخزانة البرلمان باعتبارها ملكا للدولة، ولكن على أرض الواقع فإن النواب يحتفظون بها، كما أنه ليس من المستبعد أن يتم إرسال هدايا أخرى لمسؤولي البرلمان البارزين باعتبارها مكرمة من المسئول السعودي.
ويشير الباحث البرلماني إلى أن لائحة البرلمان تجرم الحصول على مثل هذه الهدايا إذا كانت تؤثر بالسلب على المصالح القومية للبلاد، إلا أن ما يتعلق بتوقيع عقاب أو إحالة النواب للجنة القيم يخضع في النهاية لرئيس البرلمان ومكتب المجلس الذي يتكون من الرئيس والوكيلين. وفي الحالة الراهنة، فإن الأمر سيمر كما مرت هدايا الملك سلمان التي حصل عليها النواب في 2016 مقابل التصويت لصالح عدم مصرية تيران وصنافير.
ويضيف الباحث السياسي عصام سعدون أن نواب البرلمان الذين وردت أسماؤهم ضمن الذين قاموا بزيارة مقر ولي العهد وحصلوا على هدايا، يمثلون رأس الحربة لنظام الانقلاب عبد الفتاح السيسي، كما أنهم بمثابة مندوبي الأجهزة الأمنية المختلفة داخل البرلمان، سواء المخابرات العامة والحربية أو وزارة الداخلية، بحسب تعبيره.
وأشار سعدون إلى أن شخصية مثل النائب (م.ب) كان ضمن كشوف البركة التي كان يوزعها الرئيس العراقي صدام حسين على بعض الكتاب والشخصيات السياسية لدعم نظامه، كما فضحت كشوف الرشاوي التي كان يدفعها احمد قذاف الدم عن تلقي بكري تمويلا من ليبيا في قناة الساعة التي كان يرأسها قبل رحيل القذافي، وحصل كذلك على دعم من أمير قطر السابق، والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، موضحا أن حصوله على هدية هذه المرة ليس مستبعدا أو غريبا، على حد قوله.
وطبقا للباحث السياسي، فإن هؤلاء النواب يعلمون جيدا أنهم يقدمون خدمات بمقابل للنظام المصري، وهو ما يجعلهم آمنين من العقاب أو الفضيحة، في ظل فرض رقابة صارمة من الأجهزة الأمنية على وسائل الإعلام بما يمنع نشر أي أخبار حول هذا الموضوع.
ويضرب سعدون مثالا بالوفد الشعبي الذي ترأسه الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس البرلمان السابق، الذي التقى بالملك السعودي الراحل عبد الله وولي عهده الأمير نايف في الرياض، أثناء أزمة اقتحام السفارة السعودية بالقاهرة 2012، ورفض الوفد وقتها قبول مكرمة من الملك السعودي بأداء العمرة على نفقته في إطار ترحيبه بالوفد، وأعلن الكتاتني وقتها أن الوفد المصري جاء لمهمة محددة ولم يكن ضمن جدول أعماله أداء العمرة.انتهى