التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

زمن العار ! 

ماجد حاتمي –

يبدو ان كبار العالم والتابعين لهم أطلقوا الوحش الصهيوني على اهالي غزة المحاصرين ، ليلتهم اطفالهم ونساءهم ، في جريمة كبرى مدفوعة الثمن ، للنيل من ارادة المقاومين ودفعهم الى الاستسلام ونزع اسلحتهم دون قيد او شرط.

الوحش الصهيوني ما كان يهجم على غزة ويواصل هجومه ، رغم كل خسائره وهزائمه ، لولا الضوء الاخضر الامريكي والتنسيق والتمويل العربي الرجعي ، وقبل كل هذا وذاك لولا الفوضى التي تضرب بأطنابها في المجتمعات العربية.

لا نبالغ اذا قلنا ان العاملين الاول والثاني ما كان ليكونا سببا كافيا لحصول العدوان الصهيوني على غزة ، او على الاقل لاستمراره حتى الاسبوع الرابع ، لولا العامل الثالث ، الذي كان العامل الابرز في كل ما يجري لغزة واهلها الان.

لا نكشف سرا ان قلنا ان بعض قادة حماس التبست لديهم الرؤية في لحظة تاريخية فارقة ، ولكن ذلك لا يبرر مطلقا الموقف السلبي الى حد التواطؤ مع العدو الصهيوني ، الذي تقفه اليوم بعض الانظمة والاحزاب والنخب والاعلاميين العرب من العدوان الصهيوني الوحشي على اهالي غزة المنكوبين اصلا بالحصار ومنذ سنين.

كما لا نكشف سرا ان قلنا ان الثورات العربية قد وأدت ونُحرت على يد قوى التكفير الوهابي ، خوفا من اتساع رقعتها، وذلك عبر شيطنتها واعطاب بوصلتها ، فتحول حديث الثوار من الثورة والتحرر والتحرير والانطلاق والديمقراطية والتعددية والبناء والتطور والتحديث وحرية التعبير واحترام حقوق الانسان ومناهضة الاستعمار والاستعباد والرجعية، الى الكفر والشرك والارتداد، وتقسيم اهل البلد الواحد الى مؤمنين وكفار وملحدين ومبتدعة وسنة و شيعة وروافض وعلويين ومسيحيين و..، فذهب ضحية هذا وذلك مئات الالاف من العرب الابرياء قتلا وذبحا ونحرا وصلبا وحرقا، وكأن هدف الثورات العربية كان قتل الشيعة والمسحيين والسنة المرتدين، وليس القضاء على الحكومات الفاسدة العميلة.

وهُدمت مساجد وحسينيات وكنائس ودور عبادة واضرحة انبياء واولياء وصحابة اجلاء وآثار تاريخية لا تقدر بثمن، وهُجر الملايين من البشر على خلفيات دينية وقومية ومذهبية، فسادت الفوضى والفتن بلاد العرب ، واصبح بعضهم عدو بعض، وأخذوا يتقاتلون كأعداء الداء، وفي خضم كل هذه الفوضى العارمة الدامية ، لا تسمع أحدا من العرب يذكر (اسرائيل) بسوء، او يشير مجرد اشارة الى تهويدها للقدس ، وهو تهويد شهد وتيرة متزايدة خلال السنوات الاربع الماضية ، كما لم يعد هناك من يذكر نحو مليوني انسان في غزة يموت كل يوم العشرات منهم بسبب الحصار المفروض عليهم والذي شمل حتى الغذاء، فالشغل الشاغل للثوار!!، هو تطهير ارض العرب من المسيحيين والشيعة والسنة المرتدين ، وليس الصهاينة المغتصبين لأقدس مقدسات المسلمين.

ربع شهداء العدوان الاسرائيلي من الاطفال

هذه الاوضاع التعسة التي اوجدتها الزمر التكفيرية في البلدان العربية بدعم وتحريض واضحين من انظمة عربية رجعية ، هي التي جرأت الكثيرين من العرب ان يعلنوا انهم مع “اسرائيل” ضد حماس ، بل يدعون الجيوش العربية الى مساعدة جيش الاحتلال الصهيوني للقضاء على حماس ، فهذه المواقف المشينة تتناقلها وسائل الاعلام الصهيونية بحذافيرها ، لتؤكد على ان العرب مع (اسرائيل) ضد حماس ، وان (اسرائيل) ليست وحدها في هذه الحرب.

ان المشهد العربي الشاذ ازاء ما يجري في غزة أثار حفيظة حتى الاعلام الغربي فهذا ديفيد كرباتريك مراسل صحيفة نيويورك تايمز يقول مستغربا :”قبل عامين تقريبا عندما هاجمت إسرائيل غزة وجدت نفسها تتعرض للضغط من كل الأطراف والجيران العرب لوقف القتال ولكن ليس هذه المرة”.

اما ديفيد أرون ميللر، المفاوض السابق والباحث في معهد ويلسون في واشنطن فكتب يقول: ” لم أر موقفا مثل هذا، يقبل فيه هذا العدد الكبير من الدول العربية ضمنا موت وتدمير غزة وضرب حماس”.

للاسف يمكن تلمس هذه الحالة المزرية التي تلف جانبا كبيرا من المشهد العربي اليوم لمس اليد ، ونحن نشاهد رئيس الكيان الصهيوني السابق شمعون بيريز وهو يعلن لدى عيادته جنودا صهاينة جرحى في مستشفى سوروكا في بئر السبع في صحراء النقب، أن هذه هي الحرب الأولى التي تشنها تل أبيب وغالبية العرب معها، وأن العالم العربي يمارس العزلة على المقاومة الفلسطينية ” ، كما لم يفت بيريز ان يذكر الجميع ” إنه لم يعد هناك عالم عربي معاد لإسرائيل”.

هل كان يخطر على بال احد قبل الان ان يقف بعض العرب يوما في خندق واحد الى جانب سفاحين من امثال بيريز ونتنياهو ضد اخوة لهم في غزة؟، هل كان يخطر على بال احد قبل الان ان يقول مجرم مثل بيريز وبكل وقاحة ان العرب مع الصهاينة ضد الفلسطينيين؟، اليس العار هو الوصف الالصق بهذا الزمن النكد الذي نعيشه ؟ ، الحق انه زمن العار ، زمن لا يمكن تجاوزه الا بخيار المقاومة ضد العدو الحقيقي للامة ، والوقوف خلف البندقية الفلسطينية المصوبة دوما نحو صدر هذا العدو ، ولن تخطئه ابدا.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق