سوريا وإعادة رسم خارطة الطريق بمشاركة الحلفاء
أصبح من الواضح للعدو والصديق أن سوريا بحلّتها الجديدة باتت تشكّل مركزاً استراتيجياً تنطلق منه مفاتيح خارطة الطريق الجديدة في الشرق الأوسط والتي لم تعد بيد أمريكا على الإطلاق بعد أن حطّمت سوريا بمشاركة حلفائها جميع الخطط التي رسمتها واشنطن لإعادة هيكلة المنطقة، والآن وبعد الاجتماع الذي شهدته دمشق يوم الاثنين الماضي بين رؤساء أركان سوريا وإيران والعراق يمكن القول أن الأيام المقبلة ستشهد تحولات كبيرة، ولاسيما شرق سوريا التي تشهد خروج مسلحي “داعش” إلى غير رجعة.
المشكلة الحقيقة والتي لا تزال قائمة منذ عدة عقود في منطقة الشرق الأوسط تتمثل في وجود أمريكا أكثر من أي مجموعة إرهابية يمكن أن تنشط في هذه المنطقة، لأن القوات الحكومية لدول المنطقة استطاعت القضاء على الإرهاب مراراً وتكراراً ولكن واشنطن عمدت إلى تغذيته عبر قنوات عديدة ورهنت بقاءها في المنطقة بوجود الإرهاب فيها وكأنهما وجهان لعملة واحدة، ولا نعتقد أن شيئاً قد يرعب واشنطن أكثر من القضاء على الارهاب، لأن القضاء عليه يعني خروجها من منطقة الشرق الأوسط على اعتبار أن “الذريعة” لم تعد موجودة، وهذا ما حاول رؤساء أركان سوريا والعراق وإيران إيصاله لأمريكا مطالبين قواتها بالانسحاب من سوريا، كما هددت حكومة دمشق قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا بهزيمة عسكرية إذا لم توافق على إعادة السلطة للدولة.
الاجتماع الذي عُقد في العاصمة السورية بمشاركة اللواء محمد باقري، رئيس هيئة أركان الجيش والفريق أوّل ركن عثمان الغانمي رئيس هيئة أركان الجيش العراقي، إلى جانب العماد عبد الله أيوب وزير الدفاع السوري، جاء تمهيداً لتحقيق مجموعة النقاط التالية:
أولاً: إعادة فتح الحدود بين سوريا والعراق، الأمر الذي تخشاه واشنطن ولا ترغب بتحقيقه مهما كلّف الثمن لكونه يربط طهران بدمشق عبر بغداد وصولاً إلى بيروت، وتمتد الحدود العراقية – السورية على مسافة 615 كيلومتراً، وهي مغلقة منذ خمس سنوات، وبالتحديد منذ عام 2014.
وحول هذا الموضوع قال رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول ركن عثمان الغانمي، في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون الرسمي السوري: “سنشهد في الأيام المقبلة فتح المنفذ الحدودي بين سوريا والعراق واستئناف الزيارات والتجارة بين البلدين”.
من جانبه قال اللواء باقري: “إن ارتباط الطرق بين سوريا والعراق يخدم الشؤون التجارية والمسافرين، كما يحظى بأهمية بالغة للجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
إعادة فتح الحدود يعني إعادة دورة الاقتصاد بين هذه الدول وصولاً إلى المتوسط إلى سابق عهدها وبالتالي تنفّس اقتصادات هذه الدول الصعداء بعد سنوات طويلة حاولت خلالها واشنطن وحلفاءها تدمير البنى التحتية لهذه الدول وتجويع شعوبها وحصارها اقتصادياً لإرضاخها للإرادة الأمريكية.
ثانياً: دمشق وبعد أن حرّرت أغلبية المناطق التي كانت تسيطر عليها المجموعات الإرهابية أصبحت اليوم أقرب لإعادة السيطرة على شرق البلاد بالسلم أو بالحرب كما قال الرئيس السوري وبقية المسؤولين السوريين، وفي الاجتماع الذي عقد مؤخراً قال العماد علي عبد الله أيوب وزير الدفاع السوري: “الورقة الأخيرة المتبقية في يد الأمريكيين وحلفائهم هي قسد (قوات سوريا الديمقراطية) وسيتم التعامل معهم بالأسلوبين المعتمدين من الدولة السورية: المصالحة الوطنية أو تحرير الأراضي التي يسيطرون عليها بالقوة”.
الأكراد راهنوا مراراً وتكراراً على حماية الأمريكي علماً أنهم تعرضوا للخذلان من واشنطن عدة مرات وتخلّت عنهم في أحلك الظروف، وتبين للجميع أنها تستخدمهم كورقة ضغط ضد الحكومة السورية التي منحتهم بطاقة عبور إلى دمشق والاجتماع مع قياداتها ولكن الأكراد أضاعوا هذه الفرصة الذهبية والتحفوا الحضن الأمريكي الذي سيتخلى عنهم مجدداً عندما يشعر أن الأمور لا تسير على نحو ما يريد.
ويبدو بشكل واضح أن سوريا عازمة على الاتجاه شرقاً ولكن بمشاركة العراق هذه المرة وهذا سيشكل ضغطاً على القوات الأمريكية داخل العراق وسيضطرها لاتخاذ قرار واضح تجاه ما يجري، حيث لم يعد بإمكانها “التحايل” من جديد بعد أن اتخذ القرار من القيادات العليا في سوريا والعراق وإيران بتحرير كامل الأراضي السورية وفتح الحدود والقضاء على الإرهاب، لأن رؤساء أركان الجيش الإيراني والسوري والعراقي برئاسة الأسد قرروا القتال سويّة ضد أي هجوم أمريكي أو إسرائيلي إضافة إلى التنسيق مع المقاومة بالتحديد حزب الله الذي بات عددهم يفوق 90 ألفاً ولديهم 150 ألف صاروخ إضافة إلى 130 مجاهداً من جيش التعبئة وهؤلاء يقاتلون في القرى ومدن الجنوب من بيت إلى بيت ومن حي إلى حي إذا ما قام الجيش الإسرائيلي بعدوان على لبنان وفي ذات الوقت اتفق رؤساء أركان الجيوش السورية والعراقية والإيرانية على توحيد البندقية لدى الجيوش الثلاثة وتوزيع مهمات القتال على الجيوش الثلاثة من محور جنوب لبنان على الحدود مع فلسطين المحتلة إلى سفح الجولان مع الجيش العربي السوري والحشد الشعبي الشيعي العراقي الذي سيدخل إلى سوريا وفي ذات الوقت قد يهاجم القوات الأمريكية في العراق كذلك الجيش الإيراني الذي أعلن حالة التأهب القصوى لمواجهة أي حرب مع أمريكا أو إسرائيل من قبل الدول الثلاثة وجبهة حزب الله.
المصدر / الوقت