التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

أمير الكويت في بغداد.. السعي وراء تخفيف التوترات في المنطقة 

تمثّل العلاقات بين الكويت والعراق حالة معقدة فقد تمحورت القضية الرئيسة في العلاقات العراقية- الكويتية منذ عام 1921 حتى الاحتلال العراقي للكويت في آب 1990 حول ترسيم الحدود بين العراق والكويت والاعتراف بكيان دولة الكويت واستقلالها، وبدأت بوادر أزمة ترسيم الحدود هذه تتصاعد بين البلدين في عام 1988، إذ إن العراق أخذ يطالب دولة الكويت بدفع مساعدات اقتصادية له وتأجير بعض الجزر الكويتية كمنفذ تجاري ومائي على العالم، إلا أن العراق قام باجتياح الكويت واستمر وجوده فيها ستة أشهر لكنه انتهى بتدخل التحالف الدولي، فأصبح العراق تحت عقوبات اقتصادية وسياسية دولية لمدة ثلاثة عشر عاماً، ما زاد من تعقيد العلاقات وزاد التوتر الذي ظل السمة البارزة للعلاقات العراقية – الكويتية حتى الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.

إن البيئة العراقية خلال فترة الاحتلال الأمريكي من عام 2003 إلى عام 2011 والتي تتسم بعدم الاستقرار على الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية كان من شأنها أن تجعل العراق أحد أهم مصادر التهديد لأمن واستقرار دولة الكويت، فضلاً عن المواقف والتصريحات لبعض المسؤولين العراقيين التي تطالب بإيجاد منفذ بحري للعراق على الخليج الفارسي، فقد شهد عام 2011 أزمة جديدة في العلاقات العراقية الكويتية بعد أن شرعت دولة الكويت في بناء ميناء مبارك الكبير، إذ تمتلك الكويت سواحل طويلة على الخليج الفارسي يبلغ طولها ما يقارب 500كم مقارنة بسواحل العراق التي لا تتجاوز 50كم.

وقبل عدة سنوات عادت العلاقات الكويتية العراقية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل كامل، إلا أن الأطراف كافة لا تزال تحتفظ بتوجساتها وتخوفاتها، في ظل عدم حل الكثير من الملفات العالقة التي تسببت بها الجغرافيا المعقدة لكلا البلدين، وتوزيع الثروات والمضائق المائية بينهما، بالإضافة إلى المشكلات السياسية والأمنية التي امتدت إلى المحافظات الجنوبية للعراق المحاذية للحدود الشمالية للكويت.

لذلك، يمكن القول إن جزءاً مهمّاً من زيارة الأمير الكويتي لبغداد، يتمثّل في سعي هذا الشيخ لإظهار اعتماده وثقته بالنظام السياسي العراقي الجديد وأيضاً يرجع السبب الرئيس وراء اختيار الرئيس العراقي “برهم صالح” الكويت كأول رحلة خارجية له إلى نفس الرؤية المتمثلة في بناء علاقات طيبة مع الكويت، لذا ستسعى الحكومة العراقية الجديدة والرئيس العراقي الجديد إلى العمل من أجل تطوير علاقاتهم الثنائية مع الكويت.

التهديدات الأمنية المشتركة

لقد تأثرت الكويت بشدة بأزمات المنطقة نظراً لسماتها وخصائصها الجيوسياسية المحدودة، وفي السنوات الأخيرة، وخاصة بعد مقاطعة قطر من قبل مجلس التعاون الخليجي، ازدادت الجهود التي تبذلها بعض الدول العربية لتنويع علاقاتها الأمنية، ولا سيما الكويت والعراق وسلطنة عمان ولهذا فلقد أكد أمير الكويت خلال زيارته للعراق حرص بلاده على دعم العراق وتمكينه من تجاوز تداعيات ما تعرض له من أعمال إرهابية وإعادة إعماره، مشيراً إلى أن زيارته إلى بغداد تمثل فرصة لبحث سبل تعزيز وتطوير التعاون بين البلدين وحسم الملفات العالقة بينهما، ورأى أمير الكويت أن الزيارة تأتي تتويجاً للعلاقات الوطيدة بين البلدين، مشيراً إلى أن بلاده تؤمن بشكل راسخ بأهمية أن ينعم العراق بالأمن والاستقرار.

وفي سياق متصل، تسببت التوترات الأمريكية في المنطقة إلى خلق الكثير من التحديات الخطيرة للكويت التي كانت دائماً تمضي قُدماً مع السياسات الأمريكية في المنطقة ولذلك وقفت واشنطن إلى جانب الكويت وساعدته على تجاوز الأزمة إبان غزو صدام في عام 1990. وفي أعقاب حادث انفجار ناقلتي النفط في بحر عمان، قالت صحيفة “الرأي” الكويتية، إن الكويت أعلنت حالة التأهب لدى قواتها المسلحة ولهذا فإنه يمكن القول هنا بأن القادة الكويتيين بذلوا الكثير من الجهود خلال السنوات القليلة الماضية من أجل إخماد التوترات التي تشهدها المنطقة وهذه الزيارة للعراق تؤكد بأن الكويت يسعى إلى بناء علاقات طيبة مع دول الجوار لكسب الكثير من المزايا الأمنية والاقتصادية.

لعب دور جديد ومؤثر في المعادلات الإقليمية

إن الدور الإيجابي لإيران في مواجهة الإرهاب وانعدام الأمن والأمان في العراق وسوريا وتزايد المخاوف الأمنية لدول مثل الكويت والعراق، جعل قضية الاستقرار بالقرب من حدود إيران من أبرز القضايا الحاسمة بالنسبة للكويت والعراق وهنا يمكن القول بأنه حتى إذا قرر مجلس التعاون الخليجي العمل مع أمريكا للدخول في مواجهة مع إيران، فإن الكويت لن تستطيع المُضي قُدماً مع قرارات هذا المجلس وهذه التجربة يمكن مشاهدتها في حرب اليمن، فعلى الرغم من أن اسم الكويت كان ضمن دول تحالف العدوان، لكنها لم تدعم مواقف السعودية، ما دفع السعوديين إلى مطالبة الكويت بدفع 10 مليارات دولار في العام الماضي تحت مسمى تكاليف الحرب.

لهذا يمكن القول في نهاية هذا التقرير، بأن الكويت تحاول تقليص اعتمادها الإقليمي والدولي من خلال خلق تنوع في مواردها الأمنية والاقتصادية وسياساتها الخارجية، ولهذا فلقد قام أمير الكويت بزيارة هي الأولى من نوعها لدولة العراق التي تتمتع بمكانة مهمة في الساحة الإقليمية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق