التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

المرأة المتحرّرة: للتسلية أم الارتباط؟ 

“أخت الرجال”،  … كثيرة هي العبارات التي نسمعها للإشارة إلى امرأة قويّة الشخصيّة، مستقلّة، حاضرة في مجتمعها، منفتحة التفكير، جريئة، امرأة تناقش وتستطيع أن تتفوق على رجال وأن تنافسهم.

هذا النموذج من النساء موجود ونصادفه يوميًا ونحتكّ به. لكن كثيرات يتعرّضن للانتقادات بسبب انفتاحهن الطاغي. فتُتهم واحدة بأنّها خارجة عن عادات محيطها، فيما يشار إلى أخرى بأنها فاقدة لأنوثتها، وتصوّر أخريات على أنهن “غرندايزر القرن الواحد والعشرين”.

لكن بين ما نشهده اليوم من تطوّر وحاجة إلى المرأة في كل المجالات من جهة و تزمّت وتقوقع من جهة أخرى، هل بات المجتمع يتقبّل المرأة المنفتحة ذات الشخصيّة القويّة؟ أمّ ما نراه من تصريحات علنيّة لا يكشف ما في الباطن؟ ما هي نظرة الرجل إلى المرأة؟ وما هي نظرة المرأة إلى نفسها

الرجل: أحبّها ولكن!

استطلعت “النهار” آراء بعض الأشخاص بهذا النموذج من النساء. يقول ربيع: “تعجبني المرأة القويّة شرط أن تكون محافظة على أنوثتها. أحبّ المرأة المثقفة التي تناقش وتبدي رأيها براجحة عقل ووعي. لكن هناك أمور لا يمكن تخطيها، فمثلًا، الانفتاح لا يعني السهر حتى آخر الليل أو التدخين أو دخول الحياة السياسيّة من بابها العريض. هذه الأمور تفقد المرأة أنوثتها. لا أتقبّل امرأة مماثلة ولا أرتبط بها. نحن مجتمع لديه خصوصيّاته ويجب الحفاظ عليها”.

 

وفي السياق نفسه، يقول غابي: “النساء نوعان: المرأة المتفلتة والمرأة المحافظة. يجب التمييز بين التفلت من العادات والتقاليد وبين الانفتاح. لا أمانع خروج المرأة وسهرها وأن تعيش حياة عاديّة مثل أي رجل آخر. لكن جمال المرأة وسحرها بشخصيّتها المتزنة وفكرها. صراحة أخشى الارتباط بامرأة قويّة ومنفتحة، والانفتاح لا يعني التفلت، أخشى الأمر لأن قوّة شخصيّتها وثقافتها الواسعة لا يجعلانها ترضى ببساطة العيش ربما”.

من جهة أخرى، يقول روجيه: “صراحة لا أحبّ المرأة السطحيّة لا للتسليّة ولا للزواج. أحبّ المرأة القويّة المستقلّة المنفتحة والواسعة الثقافة. أرى أن قوتها قوة لي. وهذه الصفات لا تفقدها أنوثتها. الأنوثة تظهر في صوتها واهتمامها بنفسها وفي حياتها الخاصّة مع شريكها. هناك من يحاول تشويه صورة المرأة اللبنانيّة باعتبارها جميلة الوجه والجسد فقط، وهذا خطأ. لدينا نساء كل واحدة أفضل من 100 رجل”.

 

المرأة: شوّهوا صورتنا
في المقابل، تقول عبير: “الانفتاح ضروري لتطوّر المجتمع، لكنه لا يعني التخلي عن الخصوصيّات والعادات التي تطبع المجتمع. الانفتاح يعني محاورة الآخر وتقبّله وفهمه. فمثلًا، سكن أي فتاة في منزل بمفردها لا يعني أنّها فاسقة. خروجها مع أصدقاء ذكور لا يعني أنّها تعاشرهم. سفرها بمفردها إلى الخارج للاستجمام لا يعني أنّها منحلّة الأخلاق. المجتمع عموماً، والذكور خصوصًا، لا يتقبلون هذه المرأة لأنها ذكيّة ومستقلّة وقويّة. هم يريدون امرأة ضعيفة يسيطرون عليها ولا يقبلون التخلّي عن الامتيازات التي منحهم إيّاها المجتمع الذكوري”.

 

توافقها منال الرأي وتقول: “الانفتاح ليس خروجًا عن المجتمع، بل هو تطوير لبعض مكامن الجهل فيه. شخصيًا عانيت كثيرًا من هذا المجتمع. والدي منعني من إكمال دراستي الجامعيّة فتحديّته وأكملت واليوم أحمل شهادتين من ضمنهما دكتوراه. كان يمانع عملي في الليل تحدّيته وعملت في الليل لفترات طويلة وسافرت إلى الخارج للعمل أيضاً. هناك نظرة دونيّة إلى المرأة، وعدم تقبّل لها بسبب العقليّات الرجعيّة ورفض التغيير. هناك نظرة تسوّق عن المرأة بأنّها فقط للتسليّة وبأنها منحلّة الأخلاق بسبب بعض اللواتي لا يكترثن سوى للسهر والقيام بعمليّات تجميليّة والخروج مع الرجال. هؤلاء أسأن لكل نساء .

 

التسلية للمتحرّرات والزواج للمتزمتات
لا شك في أنّ مفهوم المرأة المنفتحة يعاني خلطاً بين الصورة النمطيّة لها وصورتها الحديثة، بسبب ازدواجيّة التفكير والصورة المرسومة على أرض الواقع. وفي تقويم لرأي الرجال والنساء بهذا النموذج من النساء، يقول الاختصاصي في علم النفس، الدكتور روجيه بخعازي، في حديث لـ”النهار” : “عندما يريد الرجل إقامة علاقة من غير ارتباط، يختار المرأة المتحرّرة وليس المتزمتة. والتحرّر هنا لا يعني التحرّر الجنسي، بل التحرّر في إقامة العلاقات والخروج. لكن عندما يريد الزواج لن يرتبط بامرأة تستقوي عليه أو امرأة لديها ثقافة واسعة ومتحرّرة، بل بامرأة تطيعه ومرتبطة به”.

 

ويضيف: “إضافة إلى ذلك يجب التركيز على الفكر والجوّ الذي يخرج منه الشاب، خصوصاً أن الغالبية العظمى متحرّرة بالكلام وليس بالفعل، علماً أن الغالبية العظمى متحرّرة بالكلام وليس بالفعل. هناك شحٌّ كبيرٌ في الرجولة ونسبة كبيرة من الذكورة”.

 

دوافع الرفض والقبول
وعن سبب عدم تقبّل الرجل والمرأة على حدّ سواء النساء المنفتحات صاحبات الشخصيّة القويّة، يردّ بخعازي: “هناك معايير عدّة لقبول شخص أو رفضه، والأمر ينسحب على تقبّل هذا النموذج من النساء ذات الشخصيّة القويّة. أوّلًا ليتقبلها الرجل عليها أن تعجبه بداية، ثانياً أن تكون آراؤها مطابقة لآرائه الدينيّة والسياسيّة والعقائديّة، وثالثًا أن تكون مواقفها واضحة والابتعاد عن كثرة الكلام. والمعايير نفسها تنسحب على تقبّل النساء لهن، مع إضافة معيار الغيرة منهن ومن وضعهن الاجتماعي والثقافي والعلائقي”.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق