تل أبيب تختبر نظام “السهم 3”.. فما هي الأهداف والدوافع
في 28 يوليو 2019، أعلنت وزارة دفاع الكيان الإسرائيلي عن اختبار نظام “السهم 3” المضاد للصواريخ، وقد تم تصميم هذا النظام لتدمير الصواريخ الباليستية بالتعاون مع أمريكا.
تقول تل أبيب إن “السهم 3” يمكنه التعامل مع “الصواريخ الباليستية التي تطلقها إيران وسوريا”.
وبحسب وزارة دفاع الكيان، فقد تم اختبار هذا النظام عدة مرات في ألاسكا بأمريكا، بالنظر إلى أن “السهم 3” كان متوفراً في السابق لدى الجيش الإسرائيلي، فهناك أهداف ودوافع أخرى تكمن وراء هذه التجارب المشتركة الجديدة.
نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي
لقد تم تنظيم الدفاع الصاروخي الإسرائيلي إلى ثلاث طبقات. الطبقة الأولى الدفاعية هي نظام القبة الحديدية، الذي ولدت فكرته منذ عام 1990 بعد الدفاع الصاروخي لحزب الله. وبحلول عام 2018، دخلت عشر بطاريات من هذا النظام في خدمة الجيش الإسرائيلي، بتكلفة إجمالية قدرها 50 مليون دولار لكل بطارية، تتضمن كل بطارية ثلاث قاذفات، ولكل قاذفة 20 صاروخاً اعتراضياً جاهزاً للإطلاق، وقيل إن المدى النهائي لهذا النظام لاعتراض الصواريخ وقذائف الهاون هو بين 40 و 70 كيلومتراً.
ويدّعي الكيان الإسرائيلي أن نسبة نجاح هذا النظام بعد الهجمات الصاروخية التي شنها قطاع غزة في عامي 2012 و 2014، وبعض الهجمات التي قامت بها سوريا على مرتفعات الجولان في 2018، كانت حوالي 85 إلى 90 في المئة، ومن المقرر أن تضاف خمس بطاريات أخرى إلى هذا النظام أيضاً.
أما الطبقة الثانية الدفاعية للكيان، فهي منظومة “مقلاع داوود” القادرة على اعتراض الصواريخ المتوسطة المدى من 70 إلى 300 كيلومتر، وكذلك بعض أنواع الطائرات من دون طيار.
تتعلق الطبقة الثالثة الدفاعية بالصواريخ الباليستية التي يصل مداها إلى أكثر من 300 كيلومتر (نظام السهم 3 أو حيتس بالعبرية)، والذي بدأ منذ عام 1980 على ثلاث مراحل.
بدأت العمليات التشغيلية لـ “السهم2” منذ عام 2000 من خلال استهداف قاعدة “بالماخيم” الجوية في جنوب تل أبيب، وتم تنشيط بطاريتـها الثالثة عام 2012 في مدينة تل شهار، وتصل سرعة إطلاق السهم 2، إلى 9 ماخ.
وعلى الرغم من أن صاروخ شهاب -3 قد دخل في خدمة القوات المسلحة الإيرانية في عام 2003 بشكل رسمي، إلا أن الكيان الإسرائيلي وأمريكا قد وقعا اتفاقاً في عام 2009 لإنتاج صاروخ “السهم2″ بذريعة مواجهة صواريخ شهاب 3 و”سجيل”.
كواليس السهم 3
تم اختبار “السهم 3” عدة مرات منذ عام 1996، بتكلفة حوالي 80 مليون دولار لكل اختبار، ووفقاً للمعلومات المتوافرة فإن جميع هذه التجارب قد تمت في ألاسكا، ولكن ثمة قضايا في بناء هذا الصاروخ تدعو إلى التشكيك في الأهداف التي أعلنها الكيان الإسرائيلي.
1. إذا تم اختراق الاستقرار الاستراتيجي للصواريخ البالستية في المنطقة، فإن إنتاج صواريخ شهاب3 كان يجب أن يغير الوضع منذ عام 2003.
لقد زود الكيان الإسرائيلي قواته الجوية بالنسخة الخامسة للسهم 2 في عام 2003، والتي تم إنتاجها بمساعدة أمريكا، لكن الحاجة إلى “السهم3″، والذي وفقاً للمسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، لم يكن من الممكن اختباره داخل الحدود الإقليمية للکيان، تتخطی الاحتياجات الاستراتيجية لهذا الكيان والمدى الذي يغطي المنطقة بأسرها، فلماذا يحتاج هذا الكيان إلى الدفاع عن نفسه ضد هذه الصواريخ؟
المحلل العسكري الكبير والمحاضر في جامعة تل أبيب “ریون بداتزور” ومنذ بداية انطلاق مشروع “السهم3″، بميزانية يتوقع أن تصل إلى 10 مليارات دولار على مدى عشر سنوات، انتقد إنتاج هذا النظام الصاورخي، معلناً أن طبيعة هذا الصاروخ تتناقض مع العقيدة التقليدية للردع الإسرائيلي.
2. بعد اختبار الصاروخ قبل ثلاثة أيام، أعلنت وزارة دفاع الكيان الإسرائيلي أن صاروخ السهم 3 يمكنه اعتراض وتدمير أي رأس حربي غير عادي، بينما لا يتوقع في العقيدة العسكرية الإيرانية استخدام الرؤوس الحربية غير العادية على صواريخ سجيل وشهاب 3، ومثل هذا الهدف يدل على أن أمريكا والكيان الإسرائيلي يسعيان لمواجهة دولة ثالثة تمتلك رؤوساً حربيةً نوويةً، وذلك تحت غطاء الردع ضد إيران.
بالإضافة إلى أن أمريكا ومنذ بداية انطلاق المشروع، قد منحت 78 مليون دولار لشركة بوينغ للمشاركة في إنتاج السهم 3، رغم أنها قد دفعت مبالغ أخرى لإنتاج الصاروخ، حيث يقال إن حصة المشاركة الأمريكية لا تقل عن 30٪ وربما 60٪.
وبالنظر إلى عقيدة ترامب الانعزالية الجديدة وتجنبه الإنفاق الإضافي لأمريكا، فمن الجدير النظر إلى السبب الذي لم يجعل ترامب يعارض مثل هذه النفقات؟ وبالنظر إلى أن موسكو تبعد عن تل أبيب بمسافة 2600 كم، فيبدو أن الكيان الإسرائيلي وبهدف إبقاء نفسه في إطار المصالح الاستراتيجية الأمريكية المشتركة في المستقبل، قد أقنع المسؤولين في واشنطن بالمشاركة في مشروع يمكّنهم من خلال هذا الكيان ومجاورته لسوريا، من التعامل مع صواريخ روسيا بالموجات فوق الصوتية والقصيرة المدى، في الظروف الحساسة ومن النقطة التي لا يمكن التنبؤ بها.
وهذا الأمر يصبح أكثر أهميةً عندما نعرف أن أمريكا تسعى في وثيقتها الجديدة لمراجعة الدفاع الصاروخي، إلى اعتراض الصواريخ في الجو والقدرة على المناورة ضد أقمار العدو، بينما يقول الخبراء إن الكيان الإسرائيلي ومن خلال امتلاكه السهم3، سيكون واحدة من الدول القليلة القادرة على استهداف الأقمار الصناعية، كما أن سرعة الصواريخ المضادة للسهم 3 يمكن أن تستخدم أيضاً ضد أنظمة الصواريخ الروسية في سوريا.
المصدر/ الوقت